تقارير

جهاز المحاسبات يفضح 40 مليون دولار مديونيات ضائعة داخل شركة النايل سات

فضح جهاز المحاسبات مجموعة من التجاوزات المالية الخطيرة داخل الشركة المصرية للأقمار الصناعية “النايل سات”، مما يكشف عن حجم الفساد المستشري في أحد أبرز أذرع الإعلام الحكومي.

بدأت المخالفات بالكشف عن مديونيات ضخمة تراكمت على الشركة نتيجة لعدم تحصيل مستحقاتها من العملاء، والتي بلغت نحو 40 مليون دولار.

شملت هذه المديونيات 18 مليون دولار متوقفة منذ عدة سنوات، لم يتم تحصيلها رغم صدور أحكام قضائية لصالح الشركة.

تم تنفيذ بعض الأحكام جزئياً فقط، بينما لم يتم تحصيل معظمها بسبب وجود بعض العملاء خارج البلاد أو بسبب بنود التحكيم الدولي المضافة في العقود.

طالب جهاز المحاسبات مجلس إدارة “النايل سات” بتحصيل مديونيات تقدر بنحو 5.871 مليون دولار من بعض الوزارات المصرية، مؤكداً على ضرورة شرح أسباب التأخير في التحصيل، والرد على استفسارات الجهات المختصة حول الإجراءات القانونية المتخذة.

سجل التقرير أن إجمالي المديونيات المستحقة من الوزارات شمل 3.927 مليون دولار من وزارة التربية والتعليم، 1.088 مليون دولار من وزارة الصحة، 0.621 مليون دولار من وزارة البحث العلمي، و0.243 مليون دولار من وزارة التعليم العالي، مؤكداً أن بعضها لا يزال قيد التحصيل بينما يعرض البعض الآخر على لجان إنهاء النزاعات الحكومية.

فضح التقرير أيضاً سياسة إحلال وتجديد الأنظمة والمعدات التي تتبعها “النايل سات” بين عامي 2014 و2024، حيث بلغ حجم المبالغ المدفوعة نحو 14.093 مليون دولار.

أظهرت التحقيقات أن الشركة أخفقت في استبعاد الأصول المكهنة من حساباتها، مما أدى إلى تسجيل هذه الأصول ضمن الميزانية رغم عدم استخدامها.

كشف التقرير أن هذا الإجراء يتناقض مع معايير المحاسبة المصرية رقم 10 المتعلقة بالأصول الثابتة واهلاكاتها، وطالب جهاز المحاسبات باتخاذ إجراءات حاسمة لحصر الأصول المكهنة وإلغاء تسجيلها من الحسابات.

انتقد جهاز المحاسبات أيضاً عدم تنفيذ شركة “النايل سات” للمادة 40 من القانون رقم 2 لسنة 2018 بشأن التأمين الصحي الشامل، الذي ينص على تخصيص نسبة 2.5% من إيرادات الشركات لصالح هذا النظام.

أظهرت التقارير أن الشركة لم تسدد مديونيتها المستحقة والتي تبلغ نحو 279.4 ألف دولار، مما يعد خرقاً واضحاً للقانون ويعكس عدم الالتزام بالمسؤوليات المقررة عليها.

فضحت الوثائق التي أصدرها جهاز المحاسبات أيضاً المديونيات المستحقة لشركة “النايل سات” على الهيئة الوطنية للإعلام، التي وصلت إلى نحو 6 مليون و102 ألف دولار.

أظهرت التحقيقات أن الهيئة لم تسدد أي مبالغ رغم صدور أحكام قضائية لصالح “النايل سات” في عامي 2021 و2022، وذلك في ظل محاولات الشركة لتنفيذ هذه الأحكام. ورغم أن الهيئة تُعتبر المساهم الأكبر في الشركة بنسبة 40.8%، فإن المديونيات مستمرة بلا حلول.

واصل جهاز المحاسبات الكشف عن تجاهل الشركة لتوصياته بخصوص تحصيل المديونيات، حيث حاولت “النايل سات” حل المشكلة عبر خصم المديونيات من نصيب الهيئة في أرباح الشركة، ولكن هذا الإجراء يواجه اعتراضات من بنك الاستثمار القومي الذي يطالب هو الآخر بالحصول على مديونياته.

حث جهاز المحاسبات الشركة على متابعة التحصيل بشكل مستمر بدلاً من الانتظار لخصم المديونيات من الأرباح، وهو ما يعكس غياب التنسيق والتنظيم داخل الإدارة المالية للشركة.

فضح تقرير جهاز المحاسبات حجم الإهدار في الأموال العامة داخل “النايل سات” ووضعها في دائرة الضوء، مؤكداً أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر دون مساءلة.

طالبت الجهات الرقابية الحكومية بضرورة التدخل العاجل لضمان استرداد الأموال المستحقة ولتوفير رقابة مالية أكثر فاعلية على أنشطة الشركة، التي تعد إحدى أهم أذرع الإعلام الحكومي في مصر.

فضحت الوقائع التي كشف عنها جهاز المحاسبات الحاجة الماسة إلى إصلاحات جذرية في طرق إدارة الشركات الحكومية، والتي من المفترض أن تلتزم بالمعايير المالية المقررة وتؤدي دورها في خدمة المصلحة العامة.

يجب أن تتخذ الحكومة خطوات ملموسة لضمان الشفافية والرقابة المالية الدقيقة على هذه الشركات، وضمان تنفيذ القوانين بما يحفظ حقوق الدولة والمواطن.

أوضح التقرير أن الإجراءات المتخذة حتى الآن لم تثمر عن نتائج فعالة في استرداد المديونيات أو ضمان تنفيذ الأحكام القضائية، مما يفرض على الجهات المعنية تحمل المسؤولية الكاملة تجاه هذا الوضع غير المقبول.

إذا استمر التراخي في اتخاذ الإجراءات القانونية، فإن هذا سيساهم في استنزاف المزيد من الأموال العامة، مما يضر بمصالح الدولة ويعزز من بيئة الفساد المالي.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى