تكشف التقارير الرسمية عن هدر هائل في المال العام داخل مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي، حيث تضيع المليارات من الجنيهات في بلاعات فساد وإهمال، ما يفاقم الأزمة الاقتصادية في مصر.
يصرح الرئيس عبد الفتاح السيسي في أحد خطاباته قائلاً: “ياريت الناس تفتكر أني مش ضد حد، لا والله، أنا ضد الفوضى والإهمال واللا دولة، وكل الناس في مصر أهلي وإخواتي، إنما الناس بتعمل اللى هي عايزاه وده لا يليق بمصر”.
توضح هذه الكلمات بجلاء أن السيسي يعتبر ملف إهدار المال العام من أولويات اهتماماته، وأن هذا الإهدار يشكل تهديداً كبيراً للاقتصاد الوطني.
يحذر الرئيس السيسي في كل مناسبة من فساد المال العام، مستعرضاً الكثير من الحوادث التي أسفرت عن إهدار الأموال في المشروعات الكبرى، خاصة في مجال المياه والصرف الصحي.
يعلن الرئيس عن موقفه الصارم ضد الفساد قائلاً: “والله العظيم أنا مش هاسيب لابني جنيه ولا لنفسي”. يؤكد السيسي أن أية محاولة للاستيلاء على المال العام هي جريمة لابد من إيقافها، وهو ما يعكس الجدية في معالجة هذه القضية.
تستمر التقارير الرسمية الصادرة عن جهاز المحاسبات في فضح العديد من الحالات التي تشير إلى تجاوزات صارخة في مشروعات المياه والصرف الصحي،
حيث أظهرت التقارير أن 83% من قرى مصر تعاني من غياب شبكات الصرف الصحي وتهدم خدماتها، إضافة إلى الانقطاعات المستمرة في المياه في معظم القرى، خاصة في فصل الصيف.
تبرز التقارير أن هذه الأرقام ليست مجرد ادعاءات، بل مستندة إلى تقارير رسمية صادرة عن جهات رقابية كجهاز المحاسبات.
تكشف التقارير عن عدم استفادة بعض المشاريع الهامة من الأموال التي تم استثمارها فيها، وهو ما يفاقم الأزمة في العديد من المحافظات.
في محافظة الدقهلية، يظهر التقرير أن 13 خزان مياه تم تنفيذها بتكلفة 72.8 مليون جنيه لم يتم الاستفادة منها. تبين التقارير أن بعض الخزانات كانت جاهزة للتسليم، لكن شركة مياه الشرب والصرف الصحي رفضت استلامها بسبب مشاكل في صعود المياه.
تؤكد التقارير وجود اختلافات كبيرة بين الشبكة المصممة والمعدة فعلياً، وهو ما يعكس الفشل الكبير في إدارة هذه المشروعات.
ينكشف في محافظة الدقهلية أيضاً عدم استفادة الأهالي من مشروع صرف صحي صهرجت الصغرى، بتكلفة 25.38 مليون جنيه، حيث تم استلام المشروع بشكل مبدئي رغم وجود العديد من العيوب في التنفيذ التي لم تُعالج.
تحذر التقارير من أن فشل هذه المشاريع في تلبية احتياجات المواطنين يفاقم من أزمة نقص الخدمات الأساسية في تلك المناطق.
في محافظة الغربية، تُظهر التقارير أنه رغم تكلفة مشروع شبكة مياه سمنود التي بلغت 149.3 مليون جنيه، فإن المشروع لم يحقق الهدف المرجو منه.
يُظهر التقرير أن شركة الغربية لمياه الشرب والصرف الصحي اعترضت على استلام المشروع بسبب مشاكل فنية واختلافات في التصميم، مما أدى إلى تدمير الغاية من المشروع.
تُسجل التقارير أيضاً فشل محطة نهطاى لتصفية مياه الصرف الصحي في العمل بكامل طاقتها، إذ تبين أنها تعمل بنحو 40% فقط من طاقتها التصميمية، ما يمثل هدرًا فادحًا في الأموال.
يتم الكشف عن فشل آخر في محافظة مرسى مطروح حيث لم يتم الاستفادة من مشروع محطة تحلية مياه البحر في سيدي عبد الرحمن، الذي بلغت تكلفته 69.158 مليون جنيه.
تبيّن التقارير أن القصور في الدراسات الأولية للمشروع أدى إلى تعطل تنفيذه وعدم الاستفادة من الأموال المستثمرة فيه.
تكشف التقارير في محافظة الفيوم عن عدم استفادة المواطنين من مشروع محطة مياه الشرب بمدينة طامية، الذي بلغ تكلفته 1154.8 مليون جنيه.
تتحدث التقارير عن وجود قصور في الدراسات الأولية للمشروع، ما استلزم تنفيذ محطات رفع وخطوط ناقلة إضافية، مما أضاف إلى تكلفة المشروع.
تشير التقارير إلى أن المحطة تعمل بكفاءة تتراوح بين 50% إلى 60% فقط، بالإضافة إلى وجود مشاكل في نوعية المياه المنتجة من المحطة.
تسجل التقارير أيضاً توقف العديد من المشروعات الأخرى بسبب نقص التمويل أو نقص الأراضي اللازمة لتنفيذ المشاريع.
تظهر التقارير أنه تم هدر حوالي 2078.9 مليون جنيه بسبب عدم استكمال بعض المشاريع أو تنفيذها جزئياً. من أبرز هذه المشاريع المشروع القومي للقرية المصرية في محافظة أسيوط الذي بلغت تكلفته 1200 مليون جنيه، والذي لم يتم إنجازه كما كان مخططاً له.
تستمر التقارير في فضح العديد من المشاريع التي تم استلامها جزئياً أو بشكل مبدئي رغم أن تكاليفها وصلت إلى 587.5 مليون جنيه، إلا أن معظمها فشل في تحقيق أهدافه.
تكشف التقارير أن عينات السحب النهائي للمشروعات لم تكن مطابقة للمواصفات، ما أدى إلى فشل المشروع في تقديم الخدمة المرجوة.
تسجل التقارير أيضاً تقاعساً في تنفيذ مشاريع الغابات الشجرية التي كان من المفترض أن تستقبل مياه الصرف المعالجة في محطات الصرف الصحي، والتي تم تخصيص 15764 فدانًا لإقامتها.
تبين التقارير أن هذه المساحات لم تُستغل بسبب تعديات الأهالي أو خلافات بين الجهات المعنية، ما يجعل هذه المشاريع غير ذات قيمة على الإطلاق.
وتحث التقارير الرسمية الجهات المعنية على ضرورة التحرك السريع لتصحيح هذه الأخطاء الجسيمة، وتفعيل إجراءات رقابية صارمة لضمان استعادة الأموال العامة التي تم هدرها، خاصة أن مثل هذه التجاوزات تضر بالمواطنين وتعرقل جهود التنمية في البلاد.