مقالات ورأى

د.أيمن نور يكتب: من عون الأول إلى عون الثاني عيني لم تري.. وقلبي لم يحزن


حضرت جلسة البرلمان اللبناني اليوم عبر القنوات الناقلة لوقائع انتخاب الرئيس الرابع عشر للجمهورية اللبنانية، وهو أول رئيس بعد المئوية الأولى لاستقلال لبنان ذلك الاستقلال الذي احتفلت لبنان، بذكراه بينما يبدو لبنان بعيدًا عن جوهره الحقيقي.

تابعت الجلسة بتركيز شديد، إلا أنني لم أتمكن من رؤية الصورة !! لم يكن ذلك بسبب عطلٍ في الشاشة، ولا بسبب الضمادة التي تغطي عيني اليسرى بعد (ثلاث عمليات جراحية)، بل لأن عيني الأخرى ،كانت مغطاة بصورة عبد الرحمن يوسف القرضاوي ، طوال الجلسة.

الوجوه التي ظهرت في الجلسة ،أعرف بعضها ،من عقود ،وأكن لها احترامًا، لكن صورتها تضررت في عيني اليمني ،بفعل بيع دم انسان، بثمن بخس. كما تضررت عيني اليسري بدم نزف من أوردتها تداخلت الدماء والصور مع مشهد ، يعبر عن جرح عميق في الوجدان لصورة عبد الرحمن وهو يُجبر على مغادرة لبنان، قسرًا، وغدرًا، بعد أن دخلها حبًا وثقتا.

اليوم، وبعد عامين وثلث من الشغور الرئاسي، انتُخب العماد جوزيف عون رئيسًا للجمهورية بأغلبية 100 صوت (إلا صوتًا واحدًا). بهذه الجلسة، ينتهي الفراغ الذي تركه رحيل ميشال عون عن قصر بعبدا. لكنّ المشهد لا يخلو من تساؤلات عميقة حول مسار لبنان في المرحلة المقبلة.والذي أظنه سيكون في عهد عون الثاني أفضل منه في عهد عون الاول

كلمة القسم التي ألقاها الرئيس ـالجديد محملة بوعود كبيرة بدت، نظريًا، عظيمة وقادرة على فتح أفق جديد غير أن بعض هذه الوعود أظهرت تناقضًا مع الواقع السياسي المعقد، حيث التوازنات الهشة والمصالح المتشابكة تفرض نفسها أحياناً بقوة.

انتخاب #جوزيفـعون لم يكن نتاج تفاهم لبناني خالص، بل جاء ثمرة جهود دولية وإقليمية مكثفة، شملت أدوارًا بارزة من السعودية، فرنسا، قطر، وحتى الولايات المتحدة. الأمير السعودي #يزيدـبنـفرحان والمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان شكلا ركيزة أساسية في إخراج هذا المشهد، في حين أسهمت الكتل النيابية في إتمام العملية السياسية.

المرشح الرئاسي السابق، سليمان فرنجية، أبدى في انسحابه قبيل الجلسة موقفًا يعكس احترامه للديمقراطية وتقديره لنتائجها، متمنيًا للبنان الوحدة والوعي في هذه المرحلة الدقيقة. أما الثنائي الشيعي ، فقد كان موقفه الأخير نتيجة مفاوضات طويلة أفضت إلى توافقات ضمنية لم تظهر مطلقا في خطاب القسم!!.

من عون الأول إلى عون الثاني، يبدو لبنان أمام عهد جديد أفضل لكنه مليء بالتحديات، ومحمول على أكتاف أمل بإعادة البناء وسط الأزمات المتلاحقة. الرهانات كبيرة، والآمال معقودة على قدرة لبنان على تجاوز مشهد معقد يتطلب وعيًا ومسؤولية في كل خطوة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى