يكشف موقع “أخبار الغد” إحدى عمليات النصب الكبرى التي وقعت في محافظات الدلتا شمال مصر، عن شبكة من المحتالين الذين استغلوا آمال شباب مصر في الحصول على وظائف محترمة.
تعرض هؤلاء الشباب لعملية نصب ممنهجة من قبل أشخاص ادعوا قدرتهم على توظيفهم في شركة “جاسكو” للغاز، وهي إحدى الشركات الكبرى في قطاع البترول.
بدأ المحتالون يتواصلون مع ضحاياهم، ووعَدَهم بتعيينات وهمية مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 150 ألف جنية و200 ألف جنيه.
يستغل المحتالون حاجة الشباب للعمل، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع معدلات البطالة، ويعرضون عليهم وظائف مرموقة في شركات حكومية، مثل “جاسكو” للغاز.
اجتمع هؤلاء المحتالون، الذين ينتمون إلى شبكة مترابطة من الموظفين والمندوبين، بهدف إيقاع أكبر عدد من الضحايا.
بدأ “رضا ع. ح.” أحد الموظفين في شركة “جاسكو”، بالترويج لهذه الوظائف المزيفة، حيث تبعه شركاؤه “وليد ع.”، “أحمد ا.”، و”متولي خ.”، الذين قاموا بتوسيع دائرة الاحتيال عبر التواصل مع الشباب في مختلف مناطق الدلتا.
تواصل المحتالون مع الضحايا، وأوهموهم بأنهم قادرون على تأمين وظائف حكومية ثابتة في قطاع البترول، مقابل دفع نصف المبلغ المتفق عليه مقدمًا، على أن يتم تسليم المبلغ المتبقي عند استلام الضحايا لوظائفهم.
بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، حيث طلبوا من الضحايا تقديم صور من بطاقاتهم القومية مستغلين حجة القيام بتحاليل أمنية مزعومة .. زعم المحتالون أن هذه التحاليل جزء من الإجراءات الرسمية المطلوبة من قبل الشركة.
بدأ الضحايا يدفعون المبالغ المتفق عليها، والتي تراوحت ما بين 150 و200 ألف جنيه، إلى حسابات خاصة بأعضاء الشبكة.
سارع هؤلاء الأشخاص إلى إرسال بطاقات التردد الخاصة بشركة “جاسكو” للغاز، التي كانت تحمل الشعار الرسمي للشركة وأسماء قطاع البترول، ليقنعوا الضحايا أنهم فعلاً يمثلون الشركة بشكل رسمي.
زاد المحتالون من مصداقيتهم، مؤكدين للضحايا أنهم جزء من عملية رسمية لتوظيفهم، مما جعل العديد من الشباب يصدقونهم دون شك أو تردد.
تكشف التحقيقات أن “رضا. ع. ح.” كان يعمل بالفعل في شركة “جاسكو”، إلا أنه استغل علاقاته داخل الشركة لتمرير هذه العمليات الاحتيالية على ضحاياه.
وبعد أن تمكنوا من جمع المبالغ المطلوبة من أكثر من 13 شابًا، بدأ الأمر يطفو على السطح بعد مرور أشهر دون أن يحصل أي منهم على الوظيفة المزعومة.
سرعان ما بدأ الضحايا في الشك، ليكتشفوا أنهم وقعوا ضحايا لأكبر عملية نصب عرفها قطاع البترول في المنطقة.
روى ممدوح عبده، أحد الضحايا، قائلاً: “كنت أعتقد أنني أحقق حلمي بالعمل في شركة جاسكو، لكن سرعان ما اكتشفت أنني كنت ضحية لعملية احتيال منظمة.”
دفع ممدوح مبلغ 150 ألف جنيه مقابل ما قيل له إنه تدريب واختبارات طبية، لكن بعد أسابيع من الانتظار، بدأ القلق يتسرب إلى قلبه بعد عدم استلامه أي وظيفة.
وبعد محاولات عديدة للتواصل مع المحتالين، بدأ يكتشف أن “رضا” وزملاءه ليسوا فقط غير قادرين على توفير الوظيفة، بل أن العملية كانت مجرد وهم كبير.
بدأ القلق ينتشر بين الضحايا الآخرين، الذين كانوا قد دفعوا مبالغ ضخمة ومروا بتجربة مشابهة. لم يتردد المحتالون في تحايلهم، حيث زعموا لهم أن التأخير كان بسبب ظروف تغيير الوزراء في قطاع البترول.
لكن مع مرور الوقت، تبين أن “رضا” وزملاءه قد تم استبعادهم من العمل في شركة “جاسكو” منذ فترة طويلة، وأن كل ما قالوه كان كذبًا متعمدًا.
تصاعدت الأزمة بعدما اكتشف بعض الضحايا أن أشخاصًا آخرين قد دفعوا أيضًا المبالغ المطلوبة في سبيل الحصول على وظائف في قطاع البترول.
كشف التحقيق أن هؤلاء الأشخاص كانوا في حيرة شديدة، فهم إما أن يلتزموا الصمت خوفًا من فضحهم أو أن يتقدموا بشكوى للنيابة ضد هؤلاء المحتالين، الأمر الذي قد يتسبب في فقدانهم لوظائفهم، خاصةً أن بعضهم كان قد تورط بشكل غير مباشر مع المحتالين.
تعتبر هذه الجريمة من أخطر الجرائم التي تمس الشباب المصري، إذ تعكس عمق الاستغلال الذي يتعرض له هؤلاء في محاولة لتحقيق حلمهم بالحصول على وظيفة ثابتة.
وفقًا لقانون العقوبات المصري، يواجه المحتالون عقوبة تصل إلى السجن لمدة تتراوح بين 24 ساعة إلى 3 سنوات، بالإضافة إلى إرجاع الأموال المسروقة للضحايا.
وإذا تبين أن هؤلاء المحتالين موظفون حكوميون أو يعملون في شركات حكومية، فإنهم سيتعرضون لفصل من العمل والإجراءات القانونية الأخرى.
تفضح هذه الواقعة شبكة من المحتالين استغلت فقر الشباب وطموحاتهم، لتجني الأموال عبر خداعهم بحلم العمل في إحدى أكبر شركات البترول في مصر.
يشير ذلك إلى ضرورة تشديد الرقابة على عمليات التوظيف في القطاع الحكومي، وتوعية الشباب بألا يضعوا ثقتهم في أي عروض توظيف مشبوهة.