ينذر تقرير رئيس لجنة الصحة في مجلس النواب أشرف حاتم بخطر داهم يهدد مستقبل الصحة في مصر ويكشف عن تأخير فاضح في إصدار قانون يُنظم المسؤولية الطبية وسلامة المريض يرفع اللثام عن أزمة مستفحلة لا تجد حلاً رغم محاولات مستمرة منذ أكثر من عشر سنوات لاستصدار قانون يضع حداً لحالة الفوضى الطبية ويحقق العدالة للمواطن المصري
يؤكد حاتم أن قانون المسؤولية الطبية أصبح ضرورة ملحة للحفاظ على صحة المواطن المصري لكن الطريق لإصداره كان مليئاً بالعثرات منذ عام 2011 حتى اليوم فرغم تكرار المحاولات لتشريع هذا القانون لم يتم اتخاذ أي خطوة جادة لتنظيم عمل الفريق الطبي بشكل يحمي المرضى من الأخطاء التي قد تقضي على حياتهم في بعض الأحيان هذه المحاولات،
التي بدأت بعد 2014، كانت متكررة لكن أول محاولة حقيقية لإصدار هذا القانون كانت في عام 2018 عندما أدرج ضمن أولويات الفصل التشريعي الأول، ومع بداية 2021 ظهرت الجهود مجددًا لكنها كانت تتسم بالتخبط والارتباك دون أي نتائج ملموسة
يحاول البرلمان بكل ما لديه من جهد أن يتبع النموذج الفرنسي الذي يضمن حقوق المريض ويُحمل الأطباء المسؤولية الكاملة عن الأخطاء الطبية لكن المحاولات اصطدمت بعقبات بيروقراطية ونقابية تحول دون تحققه على أرض الواقع ففي الفصل التشريعي الثاني عام 2021، تم تقديم ثلاثة مشاريع قوانين تمثل خطوة متقدمة في هذا الاتجاه
وتم تشكيل لجنة لبحث سبل إصدار قانون يحكم المسؤولية الطبية ويحمى المريض من التفريط في حقه لكن هذه المبادرة جوبهت بعدم تعاون بعض النقابات الصحية والمجلس القومي لحقوق الإنسان الذي وُجه إليه القانون لكن دون أن تُترجم هذه المحاولات إلى أي تغيير ملموس
عندما حان الوقت لعرض القانون بشكل رسمي أمام أعضاء البرلمان تداخلت الإجراءات البيروقراطية والتعديلات المستمرة على المشروع حتى وصل إلى مجلس الشيوخ،
حيث تمت الموافقة عليه ولكن لم تمر فترة طويلة حتى ظهرت طلبات لتعديل بنوده دون الاتفاق على صياغة نهائية تعطي القانون قوته التنفيذية بشكل يضمن تطبيقه بفاعلية وهو ما يضع علامات استفهام حول جدية الإجراءات القانونية والسياسية في إصدار تشريع يضع حدًا لهذا الملف الشائك
من الواضح أن الحكومة تتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية عن هذا التأخير الكارثي في إقرار مشروع قانون كان من الممكن أن يُحسن الوضع الصحي في البلاد ويحمي أرواح المواطنين خاصة في ظل تزايد حالات الإهمال الطبي التي لا تجد رادعًا قانونيًا يعيد حقوق المتضررين ويدفع بمسؤولية الجميع نحو إحداث إصلاح جذري في هذا القطاع الحساس
لا يمكن للمواطن المصري أن يتحمل مزيدًا من التأجيلات والتعديلات البيروقراطية التي تضمن تواصل المخاطر الطبية دون مساءلة حقيقة ويظل الجرح ينزف في ظل غياب التشريع الذي يضمن العدالة الكاملة للمريض