مصر: حملة قمعية لا مثيل لها ضد المتذمرين من الأزمة الاقتصادية
تتواصل الحملة القمعية التي تشنها السلطات المصرية ضد أي صوت يعبّر عن احتجاج أو استنكار تجاه الوضع الاقتصادي المتدهور الذي يعيشه الشعب حسبما ذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير صادر عنها.
من يناير حتى مارس 2024، تم رصد سلسلة من الاعتقالات التعسفية استهدفت المواطنين الذين قرروا التعبير عن سخطهم إزاء الأوضاع المعيشية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في خطوة تكشف عن سياسة قمعية بلا هوادة.
تم اعتقال هؤلاء الأفراد في ثلاث محافظات مختلفة دون أي مبرر قانوني سليم، حيث وجدوا أنفسهم في قبضة الأمن بسبب منشورات بسيطة لم تَتعدَ اعتراضاتهم على ارتفاع الأسعار والمشاكل الاقتصادية.
تجدر الإشارة إلى أن هذا التصعيد في القمع لم يتوقف عند هذا الحد، بل شمل أيضاً العمال الذين قرروا المشاركة في إضرابات احتجاجية ضد تدني الأجور وظروف العمل المزرية.
في فبراير 2024، شارك آلاف العمال في إضراب للمطالبة بزيادة الرواتب في شركة غزل المحلة، ما دفع السلطات إلى استدعاء العديد منهم لاستجوابهم. من بين هؤلاء، لا يزال اثنان قابعين في السجون بدون أي تهم قانونية حقيقية، حيث وجهت لهم اتهامات ملفقة تتعلق بالإرهاب ونشر الأخبار الكاذبة.
نظراً للتصاعد الكبير في الغضب الشعبي تجاه النظام، لم تقتصر الاعتقالات على شبكات التواصل الاجتماعي فحسب، بل امتدت أيضاً لتشمل الاحتجاجات السلمية في الشوارع.
في مارس 2024، تم تفريق تظاهرة في الإسكندرية بالقوة، حيث احتجزت قوات الأمن العديد من المتظاهرين الذين عبروا عن استيائهم من ارتفاع تكاليف المعيشة. وفي حادثة غير مسبوقة، أُخفي أحد الضباط العسكريين قسريًا لمدة خمسة أيام، قبل أن يُحاكم بصورة سرية ويسجن لمدة ثماني سنوات بتهمة غير معلنة.
الأكثر إثارة للقلق أن السلطات المصرية تتجاهل تمامًا حقوق المواطنين في التعبير عن رأيهم أو الاعتراض السلمي على الأوضاع، وتزيد من الضغط عليهم عبر وسائل القمع والترهيب.
بل إن الحكومة لا تكتفي بتوجيه تهم باطلة ضد المعتقلين، بل تضغط على المنظمات الحقوقية لتخويف المجتمع من أي محاولة للتعبير عن الرأي. الحملة لم تقتصر على سجن معارضيها، بل امتدت لتشمل تعذيبًا واختفاء قسريًا، ما يعكس حقيقة مريرة، وهي أن أي محاولة للاعتراض على الأوضاع الاقتصادية الصعبة هي بمثابة خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
إن ما يحدث الآن في مصر هو محاولة يائسة من الحكومة لإخفاء فشلها في معالجة الأزمة الاقتصادية التي تزداد تفاقمًا يوماً بعد يوم. الأسعار في تزايد مستمر، والظروف المعيشية في أدنى مستوياتها.
ولا تزال الحكومة تتجاهل مطالب الشعب، محاولًا قمع أصواتهم بدلًا من الاستماع إليها والعمل على تحسين وضعهم. أزمة مصر الاقتصادية أصبحت أكثر من مجرد مشكلة مالية، بل هي قضية حقوق إنسان بامتياز، حيث يتم سجن واعتقال المواطنين لمجرد أنهم يعبرون عن قلقهم واحتجاجهم على الأوضاع المزرية.
ينبغي على الحكومة المصرية أن تعي أن القمع لن يحل الأزمة الاقتصادية، بل سيزيد من تأجيج الغضب الشعبي. ينبغي لها أن تبدأ باتخاذ خطوات حقيقية نحو تلبية احتياجات المواطنين الذين يعانون من الجوع والفقر بدلًا من محاربتهم على آرائهم ومواقفهم.