مقالات ورأى

د.أيمن نور يكتب: أين عقلاء لبنان؟

لحظة فارقة، تتجلى أمامنا معركة جديدة بين القيم الإنسانية التي تهب الحياة معنًى، وبين قرارات تُغتال فيها الحقوق قبل أن تُمنح الفرصة للدفاع عنها. ما الذي يجعل وطنًا يُسلّم إنسانًا يطرق أبوابه طلبًا للأمان، إلى مصير مجهول قد يُطفئ فيه الأمل؟

عبد الرحمن يوسف، شاعرٌ وكاتبٌ وجد نفسه فجأة أسير دوامة سياسية ترفض أن ترى الإنسان خلف الأسماء. يُنتزع من أمانه كأنما الكلمات التي نطق بها قصائد كانت جرمًا يُعاقب عليه. أي قلبٍ يمكنه أن يتحمل فكرة أن يكون مصير أحدهم بين أيدٍ قد تخنق حقه في الحياة والكرامة؟

في عالمٍ يدّعي احترام الحقوق، تتوالى الانتهاكات كأنما هي ضريبة البقاء في صمت. فكيف يمكن أن نثق في نظام يُسلّم إنسانًا إلى خطر التعذيب؟ وهل يبرر القانون الدولي أو الإنساني يومًا أن يكون الصمت خيارًا أمام جرحٍ يُنزف في أعماق ضمير البشرية؟

لبنان، الذي طالما كان رمزًا للحرية الفكرية، يجد نفسه اليوم في اختبار قاسٍ: هل ستظل أبوابه مفتوحة للأمل، أم تتحول إلى بوابة تقود إلى المجهول؟ إن تسليم عبد الرحمن يوسف لا يُمثّل فقط انتهاكًا لحقوقه، بل هو أيضًا طعنة لروح لبنان كمنارة للحرية والتسامح.

لن تتوقف الأقلام عن الكتابة، ولن تُخنق الأصوات التي تُنادي بالعدالة، لأننا نؤمن أن الإنسان، مهما كانت جنسيته أو انتماءاته، يستحق أن يعيش بلا خوف، بلا قيد.

إن هذه القضية ليست مجرد حدث عابر؛ إنها اختبار لقيمنا جميعًا، واختبار لقدرتنا على الوقوف في وجه الظلم مهما بدا الطريق طويلاً.

اليوم، يقف عبد الرحمن يوسف، الشاعر الذي طالما رقصت كلماته على ألحان الحرية، على مفترق طريق يختبر فينا إنسانيتنا. فهل نُصغي لصوت الحق، أم نترك الصمت يكتب نهاية حكاية كان يمكن أن تكون ملهمة؟

لن يرحمنا التاريخ إذا ما خذلنا إنسانًا طاردته كلماته. ولن يغفر لنا المستقبل إذا ما سمحنا للظلم أن ينتصر ولو ليوم.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى