حملة قمع متصاعدة ضد الأكاديميين في مصر: إحالة أستاذ للتحقيق بسبب قصيدة سوريا
قررت الحكومة المصرية، في تصعيد غير مسبوق، إحالة المدرس السيد علي خلف من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة إلى التحقيق، بعد إلقائه قصيدة عن سوريا داخل قاعة المحاضرات.
إذ لم تتردد الجامعة في اتباع هذا القرار، مما يعكس مدى القبضة الحديدية التي تفرضها السلطات المصرية على الأكاديميين الذين يجرؤون على التعبير عن مواقفهم حول القضية السورية.
تبرر جامعة القاهرة، على لسان مصدر مسؤول، هذا الإجراء بحجة وجود “أسباب أكاديمية أخرى”، وليس فقط بسبب تناول أستاذ التاريخ الإسلامي الشأن السوري.
لم تكتفِ الجامعة بإحالة المدرس إلى التحقيق بل أضافت أنه لم يتم بعد إجراء التحقيق بشكل فعلي، مما يبرز عدم وضوح وشفافية هذه الخطوات التعسفية.
ويبدو أن الأمر يتجاوز القصيدة نفسها ليصل إلى ما تسميه الكلية “مخالفة الأعراف الأكاديمية”، في تلميح مبهم يقصد به تبرير إقصاء الأستاذ وحرمانه من حقه في حرية التعبير الأكاديمي.
تعمد الحكومة المصرية اتباع هذا النهج المتشدد ضد كل ما له صلة بالثورة السورية، وهي سياسة مستمرة منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد.
فقد عرقلت السلطات المصرية أي احتفالات بنجاح الثورة السورية على أراضيها، وأقدمت على اعتقال عدد من الناشطين الذين حاولوا تنظيم هذه الفعاليات، قبل أن تقوم بترحيل بعضهم في خطوة تظهر مدى تصاعد قمعها.
لم تقف السلطات المصرية عند هذا الحد، بل واصلت تجاهلها الواضح للحكومة السورية الجديدة، بمنعها رفع علم الثورة السورية على السفارة السورية بالقاهرة، الأمر الذي يعكس موقفاً سياسياً غير معلن من الحكومة المصرية تجاه التحولات في سوريا بعد سقوط النظام السابق.
وعلى صعيد أكثر تعسفاً، فرضت الحكومة المصرية ما يسمى بـ”الموافقة الأمنية” على دخول السوريين إلى البلاد، وجعلتها مرهونة بمبالغ مالية باهظة تتجاوز الألف دولار للشخص الواحد، ثم اتخذت مؤخراً قراراً بمنع دخول السوريين نهائياً.
هذا القرار يعكس حالة العداء المستمرة ضد الشعب السوري حتى بعد الإطاحة بالنظام، ويزيد من عزلة السوريين الباحثين عن الأمان والفرص بعد الحرب.
وفي إطار الهجوم الإعلامي الموجه، يواصل الإعلام الموالي لنظام السيسي شن حملاته ضد الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، مؤكداً على أن الدولة السورية “انتهت” مع زوال نظام بشار الأسد، وهي ادعاءات تكشف عن انحياز واضح ضد إرادة الشعب السوري.
سياسياً، تخلت مصر عن دورها المعتاد كدولة فاعلة في القضايا الإقليمية، حيث لم ترسل القاهرة أي مبعوث رسمي إلى سوريا منذ نجاح الثورة، كما تجاهلت دعوات استضافة أي مسؤول سوري، على خلاف دول كتركيا وبعض الدول العربية والأجنبية.
هذا التوجه يضع علامات استفهام حول الدور الذي باتت تلعبه مصر في المنطقة، وحول سبب غيابها عن دعم الثورة السورية، مقارنة بمواقف أكثر وضوحاً من دول أخرى.
وتظهر هذه الأحداث مدى تشدد الحكومة المصرية ضد أي محاولة للوقوف إلى جانب الثورة السورية أو دعمها، سواء على المستوى الأكاديمي أو السياسي.