تجرأت الحكومة المصرية، بقيادة مصطفى مدبولي، على طرح 30% من أسهم معمل ميدور في البورصة تحت ضغوط صندوق النقد الدولي والأزمة الاقتصادية.
تجاهلت الحكومة حقيقة أن ميدور ليس مجرد مشروع استثماري بل هو جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي، إذ يعمل كعنصر أساسي في تأمين احتياجات الشعب والجيش من الوقود والمشتقات البترولية.
أقيم معمل ميدور على مساحة 500 فدان غرب الإسكندرية، وبدأ تشغيله منذ 25 عامًا تقريبًا. لم تتوقف قدرة المعمل عند مجرد التكرير، بل تخصص في تكسير المازوت منخفض القيمة وتحويله إلى منتجات خفيفة عالية القيمة، مما ساعد على تعزيز القيمة المضافة للاقتصاد المصري.
فاق المعمل جميع التوقعات من خلال توفير كميات ضخمة من السولار ووقود الطائرات، مع استمرار عمله بكفاءة عالية تفوق طاقته التصميمية.
تجاهلت الحكومة الكفاءة العالية لهذا الصرح الصناعي والتاريخ المشرف لميدور، واندفعت نحو بيع جزء منه بحجة الاستثمار. هددت هذه الخطوة بتعريض الأمن القومي المصري للخطر، إذ يعتمد المعمل على خط سوميد العربي، وهو الشريان الحيوي الذي يربط مصر بأكبر مصادر النفط في العالم.
أدرك المؤسسون، بقيادة رمزي الليثي، أهمية هذا الخط في تأمين إمدادات النفط الخام، وبالفعل تدفقت الإمدادات على مدار عقود لتغذي المعمل وتحافظ على استقراره.
اتهمت الحكومة بالتفريط في جزء من المعمل تحت غطاء الإصلاحات الاقتصادية، وهو تصرف لا يمكن وصفه إلا بالتقصير في حماية المصالح الاستراتيجية لمصر.
تجاهلت الحكومة ميدور كرمز وطني يرفض البيع، مما يفتح الأبواب أمام الأطماع الخارجية للتدخل في قطاع الطاقة المصري. لقد أبدعت الحكومة في اتخاذ خطوات نحو تبديد ما حققه الأسلاف، مما يثير التساؤلات حول النوايا الحقيقية وراء هذا القرار.
صدر قرار إنشاء معمل ميدور عام 1994 تحت رقم 323، وكان الهدف زيادة الطاقة التكريرية لمصر وتصدير المنتجات عالية الجودة إلى الخارج.
رغم أن المعمل تأسس بالشراكة بين المستثمر المصري حسين سالم والضابط الإسرائيلي السابق يوسي موميان، إلا أنه تحول إلى قطاع خاص بالكامل بنسبة 100%. تجاهل هذا الواقع يعكس استراتيجية التلاعب بالمشاريع الوطنية الحيوية لصالح المصالح الفردية.
واجهت هيئة البترول ووزارة البترول تحديات كبيرة عند تأسيس المشروع، ولكن القيادة الوطنية بقيادة الدكتور حمدي البنبى وعبدالخالق عياد تعاملت مع القرار كالتزام وطني.
أنشئ المعمل رغم الصعوبات، وتم استقطاب التمويل من بنوك دولية مثل بنك الاستثمار الأوروبي. استجاب المشروع لهذه التحديات، ومع اكتماله، أصبح واحدًا من أبرز مصادر توفير المشتقات البترولية للسوق المحلي.
استجاب وزير البترول الأسبق سامح فهمي في وقت سابق لمخاوف الأمن القومي، واتخذ قرارًا جريئًا بمنع إمدادات الخام للمعمل طالما كانت الشراكة الإسرائيلية قائمة.
دفعت هذه الضغوط الجانب الإسرائيلي إلى بيع حصته للبنك الأهلي المصري، وبذلك أصبحت هيئة البترول المالك الكامل لميدور، مع حصة صغيرة لبنك قناة السويس. ساعد هذا القرار في تحويل المعمل إلى جزء أساسي من الاقتصاد الوطني.
حقق معمل ميدور أرباحًا صافية بلغت 357 مليون دولار في عام 2008، مما يعكس نجاحه الباهر في تلبية احتياجات السوق المحلي وتصدير المنتجات عالية الجودة.
استخدمت القيادة الحكيمة بقيادة المهندس محمود نظيم والكيميائي مدحت يوسف هذه العوائد لتعزيز دور المعمل في الاقتصاد الوطني، مما يثبت أن ميدور قادر على تحقيق إيرادات ضخمة في ظل الإدارة الرشيدة.
اتهم الدكتور يوسف بطرس غالي، وزير المالية الأسبق، بمواصلة محاولاته لبيع المعمل عام 2008، وهو ما فشل فيه بفضل المقاومة الوطنية.
عادت هذه المحاولات الآن تحت غطاء الإصلاحات الاقتصادية والاستثمار، لكن يجب على الجميع أن يدرك أن هذه الخطوة لا تهدف إلا إلى إضعاف مصر أمام ضغوط الخارج. يسعى بطرس غالي وتلميذه الدكتور محمود محيي الدين إلى تنفيذ نفس السيناريو الذي فشلوا فيه سابقًا.
أدعو كل مصري شريف للوقوف ضد هذا المخطط الجديد الذي يقوده من وصفهم التاريخ بالخونة. يجب أن نرفض بيع ميدور تحت أي ظرف، لأنه ليس مجرد معمل تكرير بل هو وسيلة تأمين للشعب المصري ضد الأطماع الخارجية. نحن نخشى على هذا الوطن، ونرفض أي محاولة لتفريط جزء من ميدور بحجة الاستثمار.
إن تفكيك ميدور يعيد إلى الأذهان مشاهد استعمار مصر في الماضي، عندما غاب القرار الوطني واحتلت سيناء وبترول مصر.
رفض المصريون أن يصبحوا فريسة لمخططات الأعداء، ويجب أن نواصل الدفاع عن ميدور باعتباره واحدًا من أهم أدوات تأمين السيادة المصرية.