مقالات ورأى

محمد العياشي يكتب : تصدير المطلقة في الإعلام اليمني: صورة مُشوهة أم واقع مُعقّد؟

يشهد المشهد الإعلامي اليمني بروزاً ملحوظاً للمطلقات، اللائي حقّقن نجاحاً باهراً في مختلف المجالات، مما أثار جدلاً واسعاً حول أسباب هذا النجاح ودلالاته. فهل يعود هذا النجاح إلى تحرير المرأة بعد الطلاق، أم أنه نتاج استغلال لظروفها وصورة مُشوّهة للنجاح؟

يُروّج البعض لفكرة أن الطلاق يُحرّر المرأة، ويُمنحها الجرأة والثقة بالنفس، مُمكّناً إياها من استغلال خبراتها السابقة لتحقيق طموحاتها. و لا شكّ أن هذه الفكرة تحمل بعض الحقيقة، فالمرأة المُطلّقة قد تتخلص من قيودٍ اجتماعيةٍ كانت تُقيّدها سابقاً، مما يُتيح لها التعبير عن ذاتها بحرية أكبر. إلا أن ربط هذا النجاح بالطلاق بشكلٍ مُطلق يُعدّ تبسيطاً مُفرطاً للواقع.

فما يُلاحَظ في كثير من الحالات، هو استغلال المؤسسات الإعلامية لصورة المرأة المُطلّقة، وربطها ارتباطاً وثيقاً بجمالها الخارجي وجاذبيتها، مُركّزةً على “البشرة والملبس والظهور في الميديا” بدلاً من مواهبها وقدراتها الفعلية. يُضاف إلى ذلك دفع المرأة المُطلّقة إلى تبنّي سلوكياتٍ مُحدّدةٍ، تُشجّعها على التّحرّر من قيود العادات والتقاليد، ولكن بما يُخدم مصالح تلك المؤسسات، مُحوّلاً إياها إلى أداةٍ لزيادة نسبة المشاهدة وتحقيق الربح المادي.

إنّ مسيرة المرأة في هذا المجال تبدو مُقسمة إلى مراحل مُتتالية: تبدأ بثقة مُصطنعة تُزرع في أهلها، ثمّ تتبعها مرحلة الزواج من شريك يُشابهها في تفكيرها أو محاولة إقناعه بأفكارها، لتنتهي بالطلاق ووصفه بـ “الرجعية والتخلّف”. وهنا تُعيد المرأة بناء صورتها بمساعدة المؤسسات الإعلامية التي تُستثمر جمالها و”مفاتنها”.

و لا ننسى دور “كلمات الحب والإغراء والشوق” بعد الطلاق، كأداةٍ تُحفّزها على المزيد من الإبداع والظهور، مُعوّضةً ما افتقدته من علاقاتها السابقة. وهكذا، تُصبح صورة المرأة المُطلّقة أكثر جاذبيةً على صفحات وسائل الإعلام، مُغلفةً بمظاهر النجاح والثقة والحرية، بينما تُخفى المعاناة والصراع الداخليّ الذي قد تعيشه.

في الختام، إنّ نجاح المرأة المُطلّقة في المجال الإعلامي اليمني يُمثّل صورة مُعقدة تحتاج إلى دراسةٍ أعمق. فبينما يُبرز إمكانيات المرأة وإرادتها، يُسلّط الضوء على استغلالها من قِبل بعض المؤسسات الإعلامية والمجتمع ذاته، مُشيّراً إلى ضرورة إعادة النظر في كيفية تعاملنا مع هذه القضية الحسّاسة وإيجاد طرقٍ أكثر عدالةً وإنصافاً. فالحرية ليست بالمظهر وحده، بل بالتّمكين الحقيقي والتقدير للكفاءات والقدرات الفعليّة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى