تتحمل وزارة النقل تبعات أخطاءها الفادحة التي لا حصر لها، فمنذ تولي الوزير كامل الوزير حقيبة الوزارة في 2019، وجميع قراراته لا تتوقف عن تهديد استقرار البلاد الاقتصادي.
يعتمد الوزير بشكل مستمر على قروض خارجية تُثقل كاهل الدولة، ويدفع بها نحو المستقبل المظلم. وما زاد الطين بلة هو قيام الوزارة بتحميل خزينة الدولة قروضاً ضخمة من أجل تمويل مشروعات تطوير البنية التحتية للنقل، تلك المشروعات التي لا تحمل في طياتها إلا المزيد من الأعباء الاقتصادية على الشعب المصري.
لم يتوقف الأمر عند قروض صغيرة بل بلغت القروض الخاصة بمشروعات النقل حدوداً غير مسبوقة. أحدث تلك القروض التي أثارت الجدل هو قرض بقيمة 9 مليارات جنيه الذي أعلنت عنه “الهيئة القومية للأنفاق” لتنفيذ أعمال تطوير ترام الإسكندرية.
قرض ضخم يتم تخصيصه لمشروع تائه في غياهب الديون والضياع المالي، حيث سيشمل المشروع الذي يتمثل في إعادة تأهيل ترام الرمل بمحافظة الإسكندرية تنفيذ أعمال كبيرة على طول 13.2 كيلومتر، برغم أن القرض هو جزء من دمار اقتصادي آخر، يتم تمويله من قبل بنوك محلية بقيادة “البنك الأهلي المصري”.
وفي حين أن التكاليف الفعلية لهذا المشروع ستتجاوز 363 مليون يورو، لا يجد المصريون من يجيب عن حقيقة ما سيتبقى لهم من هذه الديون التي تستنزف أموالهم بلا فائدة حقيقية.
وبعد شهر واحد فقط من اقتراض 9 مليارات جنيه لتطوير ترام الإسكندرية، جاءت الصدمة الثانية التي تمثلت في قرض آخر بمقدار 10 مليارات جنيه موجهة لتطوير الخط الأول لمترو الأنفاق. هؤلاء الذين يتخذون من القروض وسيلة لحل المشكلات يزدادون عمقاً في الكارثة. وأصبح واضحاً أن وزير النقل لا يملك أي رؤية بديلة، سوى الانغماس في عجز مالي يعصف بقدرة الاقتصاد على التنفس، غير مكترث بالآثار السلبية المترتبة على تحميل الدولة عبء هذه القروض الضخمة.
انتقد عدد من البرلمانيين هذا التوجه الخطير، حيث وصف النائب عبد المنعم إمام القروض التي تعتمد عليها وزارة النقل بأنها عبء اقتصادي ينذر بكارثة حقيقية. أشار إمام إلى أن ديون الوزارة وصلت إلى أكثر من 35 مليار دولار، وهو ما يجعل السداد أمراً مستحيلاً خلال العقود المقبلة. هذه الديون التي تحتاج إلى نحو 40 عاماً لسدادها تعني تدميراً وشيكاً للاقتصاد الوطني، إذ تبقى مصر رهينة هذه القروض وتزداد أعباء الشعب بشكل فاضح.
ورغم المخاطر الواضحة، يصر الوزير على نهج سياسة القروض لتغطية نفقات مشروعاته المتهورة، وكأن تلك المشاريع هي الحل السحري لتطوير البنية التحتية، في وقتٍ يدفع فيه الاقتصاد الوطني ثمن هذه القرارات غير المدروسة. وأما على مستوى المجتمع، فقد بدأ عدد من المسؤولين والمجتمع المدني في التعبير عن رفضهم لهذا النهج المدمّر، حيث اضطر عدد من أعضاء مجلس النقابة العامة للأطباء إلى الاستقالة بعد سلسلة من القرارات المثيرة للجدل، التي كان آخرها تأجيل انعقاد الجمعية العمومية للنقابة، مما يعكس استياء واضحاً من إدارة الحكومة للملفات الاقتصادية والمالية في البلاد.
وتبقى وزارة النقل تحت وطأة ديونها المتراكمة، ويبقى الشعب المصري الضحية الأولى لتلك السياسة القاتلة التي تواصل اغتيال أي أمل في النمو الاقتصادي المستدام.