كارثة صحية في سوريا: الإمدادات الطبية تتساقط كقطرات الماء في صحراء
هبّت أول طائرة طوارئ إلى مطار دمشق الدولي بداية هذا العام محمّلة بـ 32.5 طنًا من الإمدادات الطبية التي تفي باحتياجات 300 ألف شخص في سوريا، لكن هل ستكون هذه الإمدادات كافية لعلاج جروح من أدمتها سنوات من الصراع؟ لا يمكن للإنسان أن يتجاهل حجم الكارثة الصحية التي تواجهها البلاد، حيث تأتي هذه الرحلة في وقتٍ مأساوي بعد فترة طويلة من معاناة الشعب السوري، وتكشف عن استمرار المأساة التي لا تنتهي.
32.5 طنًا من الأدوية التي تساوي نحو 600 ألف دولار هي نقطة ضوء وسط بحر من الظلام الصحي الذي يغمر سوريا من طرف إلى طرف، فهل يكفي هذا الكم اليسير من الإمدادات لإنقاذ الأرواح؟
وصلت الطائرة إلى مطار دمشق في وقتٍ حساس حيث لا يزال الوضع الصحي في غاية الصعوبة، وسط معركة لا تنتهي مع الأمراض المزمنة والجديدة على حد سواء. هذه الطائرة كانت أول رحلة طوارئ إلى سوريا في 2025، وبينما يراهن المسؤولون على تلك الإمدادات الطبية لتلبية الاحتياجات الصحية العاجلة لأكثر من 300 ألف شخص، يتساءل السوريون: هل سيصل العلاج إلى المتضررين قبل فوات الأوان؟ 47 رحلة مماثلة نفذتها منظمة الصحة العالمية في العام الماضي لم تكن كافية للتصدي لهذه الأزمة التي طالما أثقلت كاهل المجتمع السوري، مما يشير إلى عجز كبير في توفير الدعم الطبي المنقذ للحياة.
في خطوة أكثر جدية، أطلقت منظمة الصحة العالمية في نهاية ديسمبر الماضي نداءً عاجلاً لجمع 56.4 مليون دولار لتلبية احتياجات السوريين الصحية. هذا النداء ليس إلا تأكيدًا على فداحة الموقف والكارثة الصحية التي تستشري في البلاد، خصوصًا في ظل تحديات النظام الصحي المهدم بفعل الحرب. وعلى الرغم من كل هذه المحاولات، يبقى السؤال المطروح: هل سيتغير شيء حقيقي على أرض الواقع في سوريا؟ هل ستتوقف نزيف الأرواح؟
في قلب دمشق، شهدت العاصمة في ديسمبر الماضي تحولات جذرية، حيث انتقلت السيطرة إلى فصائل سورية جديدة بعد أكثر من 60 عامًا من الحكم الدموي لحزب البعث، ليتبدل النظام وتبدأ مرحلة جديدة قد تكون أصعب مما سبق. ووسط هذه التحولات، تشهد البلاد تحديات لم يسبق لها مثيل، حيث يقترب السوريون من مأساة صحية جديدة تهدد بقاءهم. وعلى الرغم من تعهدات العديد من الأطراف، تبقى الأسئلة المؤلمة بلا إجابة: هل ستنقذ هذه الإمدادات الطبية الشعب السوري؟ أم أن الحال سيتفاقم أكثر في ظل غياب حلول جذرية للأزمة الصحية المستمرة؟