تقاريرمصر

فضيحة ميزانيات شركات الكهرباء: فساد إداري ومالي يهدد مستقبل القطاع بالكامل

أنهت أمس الجلسات الخاصة بمناقشة عموميات شركات الكهرباء، سواءً في الإنتاج أو التوزيع أو حتى الخدمات الطبية، حيث شهدت إشادة واسعة على مستوى التقديم من شركات الإنتاج والنقل والتوزيع.

ومع ذلك، لم تكن هذه المناقشات بعيدة عن ملاحظات الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي أثار نقاطًا هامة توجب على وزير الكهرباء اتخاذ قرارات حاسمة وضرورية لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.

لا يمكن السكوت على وجود أي قيادة تستخف بالمسؤوليات ولا تكترث بملاحظات الميزانية؛ فطالما استمرت المجاملات والتصفيق، فإن شركات الكهرباء ستظل تغرق في مستنقع الفشل الإداري والمالي.

إهدار المال العام: أسئلة محورية لم تُجب بعد

هل من المنطقي أن يُعامل المجتهد بنفس الطريقة التي يُعامل بها المتخاذل والمتكاسل؟ هل يستوي رئيس شركة نقل كهرباء ناشط ومتفاعل مع التحديات مع آخر لا يكترث بتداعيات أزمات الميزانية؟

ينتظر الجميع من القيادات العليا في الشركة القابضة للكهرباء الخروج عن صمتهم والقيام بمراجعة جادة لواقع شركات الإنتاج والتوزيع، حيث تتطلب المصلحة العامة للقطاع نهجًا أكثر شفافية وواقعية بعيدًا عن المجاملات التي تعتمد على العلاقات الشخصية والعاطفية. فلا يعقل أن يتم تفضيل قيادات معينة استنادًا على العاطفة، مما يعطل أداء العمل، ويعرض القطاع لأزمات أكبر.

إستراتيجية غائبة وتقييمات تائهة

من الضروري أن تتبنى الشركة القابضة بالتنسيق مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة خطة واضحة ومحددة لتقييم الأداء في شركات التوزيع التسع المنتشرة على مستوى الجمهورية. هذا الأمر يضمن تجنب تكرار الأخطاء، مثلما حدث في الشركات الكبرى للتوزيع،

حيث تم الإشادة برؤسائها رغم أن أدائهم كان السبب الرئيسي في انهيار المنظومة. إحدى تلك الشركات كانت “كهرباء توزيع جنوب وشمال القاهرة” التي اعتمدت نموذجًا أثبت فشله الذريع، مما أدى إلى انهيار الشركة وزيادة نسبة الفاقد فيها.

تراوحت هذه النسبة من 45% إلى أكثر من 60% في بعض المناطق، مما يطرح سؤالًا هامًا: هل من المعقول أن تبقى هذه الأرقام دون محاسبة؟!

استمرار الفشل: ماذا ينتظر الوزير؟

إن ما يثير الاستفزاز حقًا هو قيام رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر، المهندس جابر دسوقي، والأعضاء المتفرغين، مثل نادية قطري والدستاوي، بممارسة دورهم في تصعيد الفشل وانتقاد من تفوقوا عليهم في الإدارة وتحقيق نتائج إيجابية.

فالأرقام التي يعرضها تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات تعكس واقعًا مأساويًا من حيث الفشل في متابعة أداء الشركات وتقييم الخسائر والديون.

كما أن الحديث عن وجود آلية فعالة للمتابعة الرقابية هو مجرد كلام لا يجد له أثرًا في الواقع. فالتلاعب بالميزانيات وتغليب المصالح الشخصية لعدد من القيادات في الشركات، هو ما جعل الوزارة تتعرض لخسائر فادحة قد تؤدي في النهاية إلى زيادة الدين العام.

الأعباء المالية: الوزارة تدور في حلقة مفرغة

تمر الوزارة حاليًا بمرحلة حرجة بسبب الأعباء المالية الضخمة التي تتحملها نتيجة للقروض المستحقة السداد، بخلاف الخطط الاستثمارية التي تتطلب ضخ المزيد من الأموال.

في هذا السياق، يبدو أن الوزارة مضطرة للجوء إلى البنوك للحصول على قروض جديدة، مما سيؤدي إلى مزيد من الأعباء على الخزانة العامة. كما أن الزيادات المستمرة في فواتير الكهرباء تأتي كحلول آنية غير فعّالة، حيث لا تحقق استدامة في تحسين القطاع.

الإشادة بالنواب الماليين: تلاعب بالحقائق

المثير للسخرية هو إشادة رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر، المهندس جابر دسوقي، بالنواب الماليين والتجاريين الذين يعملون في شركات الإنتاج والتوزيع، رغم أن العديد من التقارير تشير إلى فشلهم في تحقيق الأهداف المرجوة.

لقد حصلوا على إشادات من قبل قيادات الشركات في الوقت الذي كانت فيه الأرقام الفعلية تشير إلى فشل ذريع في إدارة الموارد وتقليل الفاقد.

مسؤولية الوزير: الضرب بيد من حديد

في هذا السياق، يُطالب الجميع وزير الكهرباء والطاقة المتجددة بأن يتخذ خطوات حاسمة ضد القيادات المتهاونة والمرتشية التي تعيق تقدم القطاع. يجب أن يكون هناك محاسبة حقيقية بناءً على معايير النزاهة والشفافية،

مع تغليب المصلحة العامة للدولة على المصالح الخاصة. إذا لم تتخذ الوزارة إجراءات فورية، فقد نواجه انهيارًا شاملًا لمنظومة الكهرباء في مصر، وليس فقط في قطاع التوزيع.

نحو مستقبل أفضل: هل هناك أمل؟

من الضروري أن تُطرح تساؤلات كبيرة حول الخطط الاستثمارية المستقبلية لشركات الكهرباء: أين هي مشاريع تطوير وتحديث الشبكات؟

وكيف يمكن تحسين أداء شركات الكهرباء في ظل التحديات الحالية؟ للأسف، يبدو أن الأمل في حدوث تغييرات جذرية يظل بعيدًا ما لم يُتخذ قرار جاد بإنهاء هذه الفوضى المالية والإدارية التي تهدد مستقبل القطاع.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى