الغرب يغير استراتيجيته تجاه سوريا وتحديات شديدة تواجه الإدارة الجديدة
بدأت الدول الغربية في الأيام القليلة الماضية تغير نهجها بشكل مفاجئ تجاه الإدارة السورية الجديدة، معبرة عن تحذيرات شديدة اللهجة بعد سنوات من التقييمات الإيجابية التي تلقتها سوريا بعد سقوط نظام الأسد.
تحول هذا التغيير إلى نبرة قاسية ومقلقة للأطراف السياسية في دمشق، ما فتح الباب أمام سلسلة من الأسئلة حول مستقبل سوريا في ظل هذا التحول المفاجئ في المواقف الغربية.
واجهت الإدارة السورية الجديدة خلال الأسبوع الماضي لهجة شديدة من جانب الدول الغربية، وهو ما أثار قلقاً كبيراً في دمشق.
التصريحات الأخيرة من كبار المسؤولين الغربيين بدت أكثر صرامة، إذ حذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن من أن الوضع في سوريا «خطير للغاية»، في حين أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أن أوروبا لن تدفع الأموال للهياكل المتطرفة في سوريا.
هذا التصريح جاء في وقت حساس، حيث كانت العمليات الأمنية العنيفة تتصاعد في بعض المناطق، ما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في البلاد.
فوجئت الحكومة السورية بتصريحات بيربوك، خاصة بعد نشر وزارة الخارجية الألمانية خطة تتألف من ثماني نقاط، تهدف إلى دعم المرحلة الانتقالية في سوريا وفتح آفاق مستقبل ديمقراطي للشعب السوري.
تضمنت الخطة عدة محاور حساسة، بما في ذلك تسليم السلطة بشكل سلمي، والحماية من التأثيرات الخارجية، وتعزيز الدور الدبلوماسي الألماني في سوريا، إضافة إلى معالجة قضايا العدالة والمحاسبة على الماضي.
وعلى الرغم من الطابع الإيجابي لبعض بنود الخطة، فإن بند «الحماية من التأثير الخارجي» أثار جدلاً واسعاً، حيث شكك البعض في مدى وضوحه واستهدافه المباشر لدولة جارة.
بدورها، أكدت وزارة الخارجية الفرنسية ضرورة عدم استغلال أي قوة أجنبية لفراغ السلطة بعد سقوط نظام الأسد. وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو شدد على ضرورة ألا تُستغل هذه اللحظة الحساسة لإضعاف سوريا أو التدخل في شؤونها الداخلية. أشار بارو إلى أن سوريا بحاجة إلى مساعدة حقيقية، ولكن في إطار عدم السماح لأي قوى خارجية بالتحكم بمصير البلاد.
تواجه السلطة السورية الآن ضغوطًا غير مسبوقة، خاصة في ظل الضغوط المتزايدة من قبل الغرب، الذي يسعى إلى فرض معايير دولية على المسار السياسي في سوريا. وتقيم الإدارة الجديدة في دمشق تلك التحديات، معتبرة أن سوريا تقف على مفترق طرق.
إما أن تحصل على دعم دولي يعزز نظامًا منفتحًا، وإما أن تواجه مزيدًا من الضغوط والخنق الدولي الذي قد يزيد من تعقيد الوضع. مع ذلك، تُنذر جولة بلينكن الأخيرة في المنطقة بتكثيف الضغوط الأمريكية على دمشق، حيث يسعى المسؤولون الأمريكيون إلى ترتيب «خريطة طريق» انتقالية تضعهم في موقع مؤثر في المستقبل السياسي لسوريا.