احتجاز الشاعر عبد الرحمن يوسف بين القمع السياسي والتعاون الأمني الدولي
طالبت الحكومة المصرية بشكل رسمي الحكومة اللبنانية بترحيل الشاعر عبد الرحمن يوسف بعد يوم واحد من طلب مماثل تقدمت به الإمارات لذات الغرض هذا الطلب يكشف عن تصعيد خطير وغير مسبوق في حملات القمع التي تستهدف المعارضين السياسيين الذين يسعون لإيصال أصواتهم بعيدًا عن الأنظمة الحاكمة
وقد أصدرت المحكمة المصرية حكمًا غيابيًا بحق يوسف بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات بتهمة “إهانة القضاء” وهو ما يعد حملة استهداف سياسي على خلفية آرائه المعارضة لنظام السيسي وأيضا لأن يوسف لم يتوقف عن انتقاد الأنظمة العربية القمعية في تصريحات علنية تتحدى السياسات السلطوية
وجهت السلطات المصرية طلبها عبر القنوات الدبلوماسية اللبنانية بترحيل الشاعر عبد الرحمن يوسف في الوقت الذي كانت فيه السلطات اللبنانية قد تلقت بالفعل طلبًا مشابهًا من الإمارات لاسترداد الشاعر الأمر الذي جعل ملف احتجازه معقدًا للغاية نظرًا لوجود طلبات متوازية من دولتين عربيتين في وقت واحد
أما على صعيد القانون الدولي فالرغبة في تسليم يوسف إلى أي من هذه الدول تثير تساؤلات حول المدى الذي يمكن أن تذهب إليه تلك الأنظمة في استخدام قوانين التسليم لاستهداف المعارضين داخل وخارج الحدود
تم التحقيق مع يوسف في لبنان من قبل المدعي العام التمييزي فيما يتعلق بطلب الاسترداد الإماراتي وكان من المقرر عقد جلسة أخرى بشأن الطلب المصري في وقت لاحق رغم أنه تم إرجاء القرار لحين استكمال الأوراق المتعلقة به هذا كله يأتي بعد أن قامت السلطات اللبنانية في 28 ديسمبر الماضي باحتجاز الشاعر عند وصوله إلى لبنان عبر مطار بيروت قادمًا من سوريا في رحلة إلى تركيا بناءً على مذكرة تعاون أمني مع السلطات المصرية في خطوة تمثل تحولًا خطيرًا في ممارسات التعاون بين الأنظمة القمعية
قبل توقيفه في لبنان نشر عبد الرحمن يوسف فيديو على منصة إكس من داخل المسجد الأموي في دمشق حيث قال إن “الشعب السوري وقيادته الجديدة” سيواجهون المخططات الشريرة التي يخطط لها العالم خاصة من قبل “أنظمة الخزي العربي وصهاينة العرب في الإمارات والسعودية ومصر” مؤكداً في حديثه أن تلك الأنظمة لن تكون قادرة على مواجهة “طوفان التغيير” الذي يحمله الشباب العربي والمقاومة السياسية القائمة ضد الاستبداد
تسارعت الأحداث بعد ذلك حيث دعت 24 منظمة حقوقية و109 شخصيات إلى إطلاق سراح يوسف فوريًا مطالبين بوقف هذه الممارسات التي وصفوها بـ “القمعية العابرة للحدود” تلك المنظمات اعتبرت احتجاز يوسف مثالًا صارخًا على استخدام التعاون الأمني بين الدول كأداة لقمع الأصوات المعارضة وأضافت أن هذا الإجراء يعكس تزايدًا في اتجاه توظيف الاتفاقيات الأمنية الدولية لتصفية الحسابات السياسية بين الأنظمة الحاكمة والتي تستهدف إخماد الحريات العامة وتقييد الحق في التعبير عن الآراء
من جهة أخرى يبدو أن هذا التصعيد الدبلوماسي والقانوني تجاه الشاعر عبد الرحمن يوسف ما هو إلا بداية لمرحلة أكثر تعقيدًا في علاقات الأنظمة العربية مع معارضيها في الخارج إذ يُخشى أن يصبح التعاون الأمني بين هذه الأنظمة سلاحًا جديدًا لتصفية الحسابات السياسية في وقت أصبحت فيه الأصوات المعارضة أكثر جرأة في التعبير عن مواقفها