يكشف تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات حجم الفساد والتلاعب المالي داخل شركة سيدي كرير للبتروكيماويات «سيدبك» ويبين كيف أهملت الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات ووزارة البترول والثروة المعدنية والحكومة المصرية في ممارسة دورها الرقابي وتواطأت في إهدار المال العام وسرقته بوقاحة.
يكشف التقرير عن إهدار أكثر من 2 مليار و67 مليون جنيه في مشاريع استثمارية غير مدروسة داخل شركة سيدبك ويشير إلى تجاهل الشركة لتقييم استثماراتها المالية طويلة الأجل البالغة 1.676 مليار جنيه وفقًا لمعايير المحاسبة الصحيحة ويمثل هذا المبلغ مساهمات للشركة في شركات أخرى بنسب تتراوح بين 20% و28% مما يمنحها نفوذًا مؤثرًا لم تستغله الشركة بشكل فعال وأهملت تقييم هذه الاستثمارات بالقيمة العادلة أو باستخدام طريقة حقوق الملكية مما يعكس سوء الإدارة والتلاعب بالأموال العامة.
تفضح الشركة في ردها على التقرير بأنها تمتلك 20% من رأس مال شركة إيثيدكو بينما تملك الشركة القابضة للبتروكيماويات 31% وتتحكم بنوك حكومية في 49% من رأس المال مما يفقد سيدبك أي نفوذ فعلي على استثماراتها ويظهر أن سوء الإدارة المالي هو العنوان الأبرز لهذه الفضيحة.
تظهر تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات إهدارًا غير مبرر في مشروع البروبلين حيث أنفقت الشركة 382 مليون جنيه بما في ذلك 73 مليون جنيه في استشارات ودراسات لمشروع لم يتم تنفيذه حتى الآن وتبين إنفاق 10 ملايين جنيه على سور حول الأرض و9 ملايين جنيه لرخصة مشروع البروبلين من شركة UOP وكل ذلك دون خروج المشروع إلى النور تحت مبررات واهية تتعلق بالتغيرات الاقتصادية التي أرجعتها الشركة كمبرر لتعطيل المشروع لمدة تزيد عن عام وهو ما يمثل إهمالًا واضحًا وسرقة للمال العام بشكل فج.
أضاف التقرير أن الشركة أهملت التصرف في أموال مشروعات أخرى مثل مشروع توسعات وحدة البوتاجاز حيث أنفقت 7 ملايين جنيه على المشروع الذي توقف فجأة دون مبرر سوى الادعاء بوجود تغيرات اقتصادية عالمية وهو نفس المبرر الذي تستخدمه الشركة في كل مرة لتبرير فشلها وتغاضيها عن خسارة الأموال العامة.
أهملت إدارة سيدبك التعامل بشكل اقتصادي مع الأصول الموجودة لديها حيث لم تقم بالتصرف في «وحدة الأمين القديمة» التي تبلغ قيمتها الدفترية 2.316 مليون جنيه رغم شراء «وحدة أمين جديدة» بتكلفة 345 مليون جنيه مما يظهر عدم كفاءة الإدارة في إدارة أصول الشركة كما تجاهلت الشركة إعادة تقييم أعمار الأصول الثابتة وفقًا لمتطلبات المعيار المحاسبي رقم (10) وهو ما تسبب في تسجيل إضافات بقيمة 102 مليون جنيه لبند الآلات والمعدات بطرق خاطئة.
كشف التقرير أيضًا عن وجود تلاعب في بند الآلات والمعدات حيث احتوت القوائم المالية على نحو 60 مليون جنيه كقيمة لعمليات صيانة لمصنعي الإيثيلين والبولي إثيلين وقد تم حساب معدل الإهلاك بنسبة 5% وهو معدل غير متناسب مع العمر الإنتاجي الفعلي لهذه الأصول مما يدل على التلاعب المتعمد في الحسابات.
فضح التقرير كذلك الإهمال في إدارة المخزون حيث احتوى المخزون على أصناف راكدة بقيمة 23.702 مليون جنيه بالإضافة إلى 1.930 مليون جنيه من الكيماويات المنتهية الصلاحية دون محاولة للتصرف فيها اقتصاديًا أو التخلص منها بشكل آمن مما يمثل استهتارًا واضحًا بالموارد المالية للشركة وتجاهلًا تامًا لإدارة المخاطر.
كشف التقرير عن اختلافات كبيرة في أرصدة الشركات الشقيقة مثل شركة إيثيدكو والهيئة العامة للبترول حيث بلغت الاختلافات نحو 35 مليون جنيه مما يعكس تلاعبًا ماليًا في إدارة الحسابات كما أخفقت الشركة في سداد مستحقات صندوق التدريب والتأهيل التابع لوزارة العمل بالمخالفة الصريحة للمادة (134) من قانون العمل رقم (12) لسنة 2003.
أظهر التقرير أن الفساد في قطاع البترول مستشرٍ بشكل فاضح ولا يوجد أي رادع للسرقة وإهدار المال العام بل أن الجهات المعنية مثل الهيئة العامة للبترول المصرية والهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية “إيجاس” والشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات ووزارة البترول والثروة المعدنية والحكومة المصرية تتقاعس بشكل مستمر عن أداء دورها الرقابي وتترك الحبل على الغارب للفاسدين