شهدت مصر قفزة هائلة في عدد السائحين الوافدين حيث ارتفع عددهم إلى 15 مليون سائح في عام 2023 بعد أن كان 10 ملايين فقط في عام 2014 مما يعكس زيادة ملحوظة بنسبة 50%
وجاءت هذه الزيادة بعد تراجع كبير في عام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19 التي شلت حركة الطيران العالمي وتسببت في إغلاق الحدود ووقف السياحة تمامًا لكن مع انتهاء الجائحة أعادت مصر بناء قطاعها السياحي وحققت هذه القفزات الهائلة.
هيمنت أوروبا على المشهد السياحي في مصر حيث شكل السائحون الأوروبيون نسبة 67% من إجمالي الزوار في عام 2021 رغم انخفاض هذه النسبة مقارنة بالسنوات السابقة حيث بلغت 77% في عام 2014 هذا التراجع فتح المجال أمام ارتفاع ملحوظ في نسبة السائحين العرب الذين وصلوا إلى 25% بعد أن كانوا يمثلون 9% فقط في 2014 بينما استمر السائحون الأمريكيون في تمثيل 4% من إجمالي الزوار في حين تفرقت النسبة المتبقية على جنسيات أخرى.
عاودت إيرادات السياحة ارتفاعها بعد الانخفاض الحاد الذي شهدته خلال سنوات الجائحة وبلغت إيرادات السياحة 13.6 مليار دولار في عام 2023 مقابل 3.8 مليار دولار فقط في عام 2015/2016 مما يعكس زيادة تفوق الثلاثة أضعاف وتعكس هذه الأرقام تعافيًا غير مسبوق في القطاع بعد التحديات الكارثية التي شهدتها الفترة الماضية.
ساهم تنوع السياحة في مصر في جذب هذه الأعداد الكبيرة حيث تميزت البلاد بعدة أنواع من السياحة أبرزها السياحة الثقافية التي تستقطب عشاق الآثار التاريخية مثل الأهرامات والمعابد الفرعونية والمتاحف إضافة إلى السياحة الدينية التي تتنوع بين المزارات الإسلامية والمسيحية وازدهرت السياحة الشاطئية في مناطق مثل شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم مع إقبال متزايد من السياح الباحثين عن الاستجمام في منتجعات البحر الأحمر.
لم تقتصر مصر على تلك الأنواع التقليدية بل شهدت انتعاشًا في السياحة البيئية التي تستهدف محميات طبيعية مثل محمية رأس محمد ومحمية وادي الريان والتي تجذب عشاق الطبيعة وهواة الاستكشاف وارتفعت أعداد الزوار الباحثين عن السياحة العلاجية للاستفادة من الينابيع المعدنية والمراكز الصحية في مناطق مثل البحر الأحمر وسفاجا مما أسهم في تعزيز جاذبية مصر كمقصد شامل لجميع أنواع السياحة.
ورغم هذا التوسع تواجه مصر تحديات جسيمة في الحفاظ على هذا الزخم السياحي المتزايد فقد تكون البنية التحتية السياحية بحاجة إلى تحديث مستمر لاستيعاب الأعداد المتزايدة وتحسين الخدمات المقدمة للحفاظ على سمعة القطاع كما تمثل التغيرات المناخية وتدهور بعض المناطق السياحية تحديات مستمرة تحتاج إلى حلول عاجلة وجريئة لضمان استمرارية هذا النجاح المتنامي.
يبدو أن مستقبل السياحة في مصر يواجه مفترق طرق خطير فبينما ترتفع الإيرادات السياحية ويزداد عدد الزوار تتصاعد أيضًا المخاوف من قدرة القطاع على مواكبة هذه الطفرة
