مجزرة الموت في السجون المصرية: 52 معتقلاً قضوا نحبهم في 2024
تكاد لا تمر أيام دون أن تسجل منظمات حقوقية وفاة معتقل جديد في السجون ومراكز الاحتجاز المصرية، نتيجة الإهمال الطبي المتعمد، المعاملة القاسية، والأوضاع المعيشية المزرية التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة الآدمية، مشهد لا يكاد يصدقه عقل، ليبقى السجن بالنسبة للكثيرين قبراً حياً يخطف الأرواح دون رحمة.
ففي عام 2024، تم رصد وفاة أكثر من 50 معتقلاً سياسياً، لتتجاوز الأعداد المأساوية لعام 2023، الأمر الذي يطرح تساؤلات خطيرة حول السياسات القمعية التي تنتهجها السلطات تجاه المعارضين، فهل وصلنا إلى مرحلة من الاستهتار الكامل بحياة البشر؟
وفيات يناير: بداية مأساوية لعام جديد
شهد شهر يناير بداية مأساوية في سلسلة الوفيات المتتالية في السجون، حيث توفي النائب البرلماني السابق عادل رضوان عثمان داخل سجن بدر 3، ومن ثم محمد الشربيني الذي فارق الحياة داخل مستشفى سجن بدر، فضلاً عن الشاب طه هيبة، الذي تعرض للموت في نفس السجن.
كما شهد هذا الشهر وفاة المعتقل إبراهيم محمد العجيري الذي فارق الحياة بعد نقله إلى مستشفى قصر العيني، إضافة إلى الطالب الأوغندي أحمد موكاسا الذي توفي في قسم شرطة القاهرة الجديدة وسط شكوك حول تعرضه للتعذيب.
فبراير: موت بطعم المرض والتعذيب
تواصل مسلسل الموت في فبراير، حيث توفي المعتقل عبدالله الديساوي داخل سجن وادي النطرون عن عمر يناهز 67 عاماً، نتيجة معاناته مع المرض.
وكان العميد علي حسن عبد الرحمن، اليمني الجنسية، من بين الضحايا الذين أودت حياتهم المعاملة القاسية في قسم شرطة شبرا.
كما توفي المعتقل أحمد محمد أبو اليزيد البلتاجي في سجن بدر، لتثبت الأيام أن الموت أصبح السمة الأكثر تميزاً لأولئك الذين يعارضون النظام.
مارس: الموت لا يتوقف
ما بين الإهمال الطبي والتعذيب، شهد مارس وفاة السجين محمد الليل في قسم شرطة منيا القمح، وكأن الموت أصبح عادياً في أروقة السجون والمعتقلات.
أبريل: المعاناة تزداد وتواصلها القاتل
أبريل كان شاهداً على وفاة المعتقل أحمد محمود الجبلاوي داخل سجن العاشر من رمضان، إضافة إلى محمد جاد الذي توفي داخل محبسه في سجن بدر، لتؤكد هذه الحوادث أن الموت هو مصير حتمي للمعتقلين في ظل استمرار السياسات القمعية.
مايو: النداء الأخير قبل الرحيل
في مايو، توفي عضو مجلس الشعب السابق المحمدي عبد المقصود داخل سجن وادي النطرون، ليختتم الشهر بمأساة جديدة تمثلت في وفاة المعتقل صادق عبد الرحمن صادق الشرقاوي في سجن بدر 3، لتزداد أعداد الضحايا، ويستمر الإهمال الطبي في التسبب في حالات وفاة لا تعد ولا تحصى.
يونيو: موت بلا هوادة
شهد شهر يونيو تدهور حالة المعتقل سمير يونس الصحية في مستشفى دمنهور، ليكمل مسلسل الضحايا في هذا الشهر الذي شهد أيضا وفاة عدد من المعتقلين في سجون أخرى مثل سجن بدر، وسجن المنيا. بدا وكأن هناك موجة من القتل البطيء التي تحصد الأرواح، لا تفرق بين معتقل وآخر.
يوليو: القتل على مرأى من الجميع
وفي يوليو، توفي المعتقل محمد فاروق حسين بعد تدهور حالته الصحية في سجن الزقازيق، لينضم إلى قائمة الضحايا الذين قضوا نحبهم في ظروف غير إنسانية.
أغسطس: الموت مستمر
استمرت حالات الوفاة في أغسطس، حيث توفي المعتقل أسامة عامر في سجن قوات الأمن المركزي بسوهاج، وكذلك المعتقل مصطفى محمود كريم الذي توفي في قسم شرطة جرجا.
كما توفي المعتقل حسن إبراهيم غمري في مستشفى سجن برج العرب، ليؤكد أن الموت يتربص بالجميع، سواء في الزنازين أو أثناء النقل من سجن لآخر.
سبتمبر: الألم والتعذيب لم يتوقفا
أما في سبتمبر، فقد توفي المعتقل طارق طه عبد السلام بعد تعرضه لتعذيب جسدي ونفسي، بينما تواصلت حالات الوفاة في السجون والمراكز الأمنية. لم يعد هناك مكان للعدالة، وبدت السجون مجرد أماكن لتصفية الحسابات.
أكتوبر: الموت يدخل السجون
في أكتوبر، توفي المعتقل مجدي محمد عبد الله في مستشفى سجن المنيا، ليتبعه وفاة عبد الله زين العابدين، الأمين العام لنقابة الصيادلة الأسبق، داخل سجن بدر، وكأن لا أحد ينجو من الموت الذي أصبح حليف الجميع.
نوفمبر: المزيد من الدماء
استمر مسلسل القتل البطيء في نوفمبر، حيث توفي المعتقل إيهاب مسعود إبراهيم في سجن برج العرب، فضلاً عن وفاة المعتقل فضل سليم محمود في سجن المنيا، لتستمر السجون في تحويل نفسها إلى مقابر جماعية.
ديسمبر: الموت يلاحق المعتقلين
واختتمت السنة بمزيد من الوفيات في ديسمبر، حيث توفي المعتقل محمد عز الدين الشال في قسم شرطة ههيا، والمعتقل عبد الفتاح عبد العظيم في المركز الطبي لسجن بدر، ليؤكد العام 2024 أن القتل داخل السجون أصبح هو القاعدة وليس الاستثناء.
نهاية مأساوية
المفارقة الصادمة هي أن أعداد الوفيات في السجون والمعتقلات المصرية قد ارتفعت بشكل كارثي، فبينما سجل العام 2023 وفاة 32 معتقلاً، فإن 2024 شهد وفاة 52 معتقلاً، ما يعكس تدهوراً غير مسبوق في الأوضاع الصحية والإنسانية داخل السجون.
هذه الأرقام تبقى جزءاً من صورة قاتمة لجريمة مستمرة لا تُحتسب. ماذا يعني ذلك؟ هل وصلنا إلى مرحلة القتل العمد دون حساب؟