أطلق عاصم الجزار وزير الإسكان السابق، ما يعرف بـ “حزب الجبهة الوطنية”، وسط ضبابية سياسية تكتنف دوافع تلك الخطوة، وبدا أن الحزب ليس إلا امتدادًا لسيطرة السلطة على المشهد السياسي.
خرج الجزار من التعديل الوزاري في يوليو 2024 ليُعين بعد أيام قليلة فقط رئيسًا لإحدى الشركات التابعة لرجل الأعمال إبراهيم العرجاني. يبدو أن هناك شيئًا خفيًا وراء هذا التعيين السريع، فهل هو مجرد مصادفة، أم أن هناك تلاعبًا لا نراه؟
أثار الجزار جدلًا منذ تعيينه رئيسًا لهيئة المجتمعات العمرانية في 2012، ثم تصدر المشهد السياسي في 2019 ليشغل منصب وزير الإسكان خلفًا لمصطفى مدبولي.
علاوة على ذلك، ارتبطت مسيرته السياسية بشبكة من العلاقات العائلية التي أثرت في مسيرته، فقد كان الشقيق التوأم للواء حاتم الجزار، رئيس هيئة القضاء العسكري الذي تم تعيينه في 2022.
هذا الرابط بين العائلة والسلطة العسكرية يعزز من فكرة أن الجزار ليس مجرد شخصية سياسية عابرة، بل هو جزء من شبكة نفوذ معقدة.
حينما يشير البعض إلى تأسيس حزب الجبهة الوطنية، فهم يطرحون تساؤلًا مهمًا: هل هو مجرد واجهة لدعم السلطة الحاكمة؟ في الواقع، يبدو أن الحزب الجديد جاء ليعزز الحضور السياسي للسلطة، ويُكرر ممارسات تذكرنا بحقبة الستينات، حيث يُنظر إلى الأحزاب السياسية كأدوات لصعود النخبة الحاكمة.
تصريحات الجزار الأخيرة، التي أكد فيها أن الحزب الجديد لا يسعى للصعود إلى السلطة، تُثير الشكوك حول نوايا الحزب وأهدافه الفعلية.
في سياق التوجهات السياسية الراهنة، بات من الواضح أن الحزب الجديد، ورغم ادعائه المستقل، يسير في نفس الاتجاه الذي سلكه منافسو السيسي في الانتخابات الرئاسية السابقة.
لا يخفي هؤلاء منافسو الرئيس رغبتهم في الوصول إلى السلطة بأي وسيلة كانت، حتى وإن كانت عبر حزبياتهم المزعومة. هذه الظاهرة تثير تساؤلات حول مدى جدوى الأحزاب في ظل استمرار الهيمنة على السياسة الداخلية.
يشير المراقبون إلى أن إنشاء الحزب لا يتعدى كونه مجرد دُمى في يد السلطة، حيث سعى الجزار وأمثاله إلى توظيف الحزب كأداة لتحقيق مكاسب سياسية تخدم مصالحهم الخاصة، في إطار حالة الاستقطاب الشديد التي تشهدها الساحة السياسية.
هذا النهج لا يختلف عن ما شهدناه من قبل في التكوينات الحزبية التي فشلت في التأثير الجاد على مسار القرار السياسي.
في ظل هذه التحولات، يتساءل الجميع: هل يمكن للحزب الجديد أن يحقق تغييرًا حقيقيًا، أم أن مساره سيظل محكومًا بقيود السلطة الحاكمة؟ يبدو أن الجواب يختبئ وراء الكواليس التي تزداد تعقيدًا، ويظهر أن هناك المزيد من الأسرار التي لا يُمكن الكشف عنها بسهولة.
من ناحية أخرى، يسعى الجزار عبر هذا الحزب إلى تمرير رسائل سياسية تدعمه في المستقبل، لكنه يواجه تحديات كبيرة في إثبات أن حزبه ليس مجرد واجهة لتمرير مصالح الدولة أو السلطة القائمة.
في الوقت الذي تزداد فيه الانتقادات حول غياب الأحزاب السياسية الفاعلة في مصر، يظل سؤال واحد يشغل الساحة: هل سيكتفي الحزب الجديد بالدور الذي يلعبه في تعزيز الاستقرار السياسي، أم أن طموحاته ستكون أكبر من ذلك بكثير؟