تقاريرمصر

تقارير تشير إلى إهدار 865 مليون جنيه بالشركة المالية والصناعية المصرية

كشفت تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات عن تفاصيل كارثية حول المخالفات الضخمة التي ابتلعت نحو 450 مليون جنيه من أموال الشركة المالية والصناعية المصرية، التي تُعد واحدة من أعرق الكيانات الصناعية في قطاع الصناعات الكيميائية والسماد.

ورغم التاريخ الطويل للشركة، إلا أن الأزمات المالية والإدارية تلاحقها نتيجة فساد وتلاعب مستمر من إداراتها المتعاقبة، وسط محاولات مستميتة لتغطية هذه المخالفات وإخفاء الحقائق.

اتّهمت الإدارة الشركة مراقبي الجهاز المركزي للمحاسبات بابتزاز الشركة من خلال فضح وقائع الفساد، ولكن هذه الاتهامات لم توقف الجهاز عن أداء مهامه الرقابية.

بل إن مراقبي الجهاز واجهوا صعوبات إضافية حيث لم تتلقَّ الهيئة مستحقاتها البالغة 865 ألف جنيه التي تمثل تكاليف الرقابة، وهي إيرادات سيادية للدولة. وتكشف التقارير الرقابية الصادرة في أغسطس 2024 عن استمرار مسلسل المخالفات دون حلول أو إجراءات تُتخذ لوقف النزيف المالي.

ورصد التقرير الرقابي مخالفة خطيرة تمثلت في تأجير مشروع مجمع المالية بالعين السخنة لشركة السويس للأسمدة، رغم إنفاق 268 مليون جنيه على المشروع. ويثير الأمر تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء تأجير هذا المشروع بدلاً من تشغيله لتحقيق العوائد المرجوة.

الأكثر غرابة أن إدارة الشركة لم تقدم حتى الآن دراسة جدوى للمشروع، ما يفتح الباب أمام التكهنات حول وجود تجاوزات مالية. كما أن الأرض التي بُني عليها المشروع لم تُسجل باسم الشركة رغم إنفاق 38 مليون جنيه على شرائها، مما يهدد المشروع برمته بالسحب، وضياع استثمارات تبلغ 306 مليون جنيه.

وتطرّق التقرير إلى قضية فساد أخرى تتعلق بمشروع تطوير وتدريب «نظام ساب» الرقمي، حيث تم التعاقد مع شركتين لإنهاء المشروع في غضون 6 أشهر، إلا أن العمل ما زال متوقفًا رغم مرور أكثر من عامين على الموعد المحدد للانتهاء.

أشار التقرير أيضًا إلى تقاعس إدارة الشركة عن حصر الهياكل المتهالكة لوحدة السماد المحبب بكفر الزيات، مما أدى إلى تفويت فرصة الاستفادة الاقتصادية منها.

ولم تقم الشركة باتخاذ أي إجراءات جادة لتحصيل مستحقات تبلغ 71 مليون جنيه من عملاء السماد رغم صدور أحكام قضائية لصالح الشركة، ما يهدد بفقدان تلك الأموال.

ويكشف التقرير عن عدم اتخاذ الإدارة الحالية أي إجراءات لاستعادة 57 مليون جنيه، اختلسها رئيس القطاع المالي الأسبق، مما يثير شكوكًا حول علاقة الإدارة الحالية بواقعة الاختلاس.

إضافة إلى ذلك، صرفت الشركة مبالغ كبيرة على شركتين بالمخالفة لبنود العقد المبرم معهما، حيث لم تحقق هاتان الشركتان نسبة المبيعات المستهدفة، ورغم ذلك تم صرف ما يقرب من 4.478 مليون جنيه لهما دون حق.

لم تكتفِ الإدارة بتلك المخالفات، بل تهاونت في إبرام عقود وضمانات مع عملاء الأحماض المحلي، ما أدى إلى تراكم مديونيات غير مغطاة بضمانات تقدر بـ1.033 مليون جنيه. هذا الأمر دفع مراقبي الجهاز المركزي للمطالبة بإبرام عقود فورية مع هؤلاء العملاء لتأمين مستحقات الشركة.

وأظهرت التقارير الرقابية أن الشركة خالفت معايير المحاسبة المصرية بتقييم المخزون بطريقة غير صحيحة، حيث تم تحميل المصانع تكاليف طاقة غير مستغلة بقيمة 16 مليون جنيه، مما يزيد من حجم المخالفات المتراكمة التي تؤثر على المركز المالي للشركة وتضعف قدرتها على المنافسة في السوق.

هذه التجاوزات والمخالفات تشكل كارثة تهدد مستقبل الشركة المالية والصناعية المصرية. وإذا استمرت إدارة الشركة في هذا النهج دون تدخل فوري وحازم، فإن هذا الصرح العريق قد يواجه الانهيار الكامل.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى