احتجاز الشاعر عبدالرحمن يوسف في لبنان يفجر أزمة دولية وضغوطات إقليمية متزايدة
تتوالى الأزمات وتتراكم التداعيات في قضية الشاعر عبدالرحمن يوسف المحتجز حاليًا في لبنان على خلفية حكم قضائي صادر ضده في مصر ما زالت السلطات اللبنانية تتردد في حسم موقفها تجاه تسليمه حيث أرجأ المدعي العام التمييزي في بيروت، القاضي جمال الحجار، جلسة النظر في الموقف القانوني لتوقيفه رغم الضغوط المتزايدة من جانب السلطات المصرية بانتظار تقديم طلب رسمي لاسترداده موقف الحجار يعكس ترددًا واضحًا في اتخاذ قرار قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على الساحة اللبنانية المشتعلة بالأزمات الداخلية.
يواصل لبنان المراوغة في ظل تلقيه برقية من حكومة الإمارات تطالب بتسليم عبدالرحمن يوسف لمحاكمته بتهمة التحريض على زعزعة الأمن في الإمارات حيث اشتعلت القضية أكثر بعد تصريحات الحجار التي أكد فيها أنه لن يتخذ أي خطوة قبل وصول الطلب المصري الرسمي مما يعكس تداخل المصالح والضغوط الخارجية على القرار اللبناني يوسف الذي اشتهر بمواقفه المناهضة للأنظمة الحاكمة في المنطقة يقف الآن بين مطرقة القضاء اللبناني وسندان المطالبات الدولية بتسليمه.
تسعى تركيا، بدورها، إلى دخول هذا المشهد المعقد حيث كشف المحامي اللبناني محمد صبلوح أن وفدًا من السفارة التركية زار يوسف في محبسه اليوم ويعمل الآن على تقديم طلب رسمي لاسترداده بصفته مواطنًا تركيًا محاولة تركيا لاستعادة يوسف قد تزيد من تعقيد المشهد الإقليمي المرتبط بهذه القضية حيث يتقاطع الموقف التركي مع المصالح المتضاربة في المنطقة المحامي اللبناني لمح إلى إمكانية تدخل دولي أوسع قد يؤثر بشكل مباشر على قرار السلطات اللبنانية.
يمتد النزاع إلى خلفيات سياسية أعمق حيث يُتهم يوسف بالتورط في نشر بيانات اعتبرتها السلطات المصرية مسيئة لسمعة الدولة تأتي هذه الاتهامات على خلفية فيديو نشره يوسف خلال زيارته السريعة إلى سوريا للمشاركة في الاحتفالات بسقوط نظام بشار الأسد حيث ظهر متجولًا في ساحة المسجد الأموي موجهاً انتقادات لاذعة للأنظمة الحاكمة في مصر والسعودية والإمارات الفيديو الذي أثار جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي تم حذفه لاحقًا إلا أن تداعياته ما زالت تتفاقم مما يعزز الاتهامات التي توجهها إليه تلك الأنظمة.
احتجز الأمن اللبناني يوسف أثناء دخوله من سوريا إلى لبنان بناءً على بلاغ من الإنتربول صادر عن مجلس وزراء الداخلية العرب وعلى خلفية حكم غيابي بالسجن ثلاث سنوات صدر في مصر بتهمة نشر أخبار كاذبة وفقًا لما أكده محاميه هذا التوقيف يضع لبنان في موقف حساس بين الضغوط الدولية والمخاوف من تحميله المسؤولية عن تسليمه لمصر أو الإمارات حيث يتصاعد التوتر يومًا بعد يوم بسبب تعقد المسارات القانونية والسياسية التي تحيط بهذه القضية.
يلوح الخطر بشكل متزايد حيث أكد صبلوح أن حياة يوسف قد تكون مهددة بالتعذيب أو الموت إذا تم تسليمه للسلطات المصرية أو الإماراتية بالنظر إلى مواقفه السياسية الحادة ضد تلك الأنظمة بل يتعرض لبنان نفسه لخطر المساءلة الدولية في حال ارتكب أي خطأ قانوني في التعامل مع هذا الملف المشحون بالتوترات الإقليمية تصريحات صبلوح تكشف حجم الضغوط النفسية التي يعانيها الشاعر وأسرته التي تعرضت لانتقامات متكررة من النظام المصري، بدءًا من اعتقال شقيقته علا وزوجها، وصولًا إلى والده الذي حكم عليه بالإعدام قبل وفاته.
تمثل هذه القضية أزمة دولية مفتوحة على كافة السيناريوهات حيث تسلط الأضواء على مستقبل العلاقات بين لبنان وتركيا ومصر والإمارات وكل طرف يحاول استخدام نفوذه للضغط على السلطات اللبنانية لاتخاذ موقف محدد ومع هذا المشهد المعقد تظهر كل يوم تطورات جديدة تزيد من تفاقم الأوضاع وتؤدي إلى مزيد من التدخلات الخارجية في القضية.
لا يزال المجتمع الدولي يتابع بقلق هذه التطورات الحاسمة حيث إن أي قرار خاطئ قد يؤدي إلى أزمة جديدة في لبنان الذي يواجه أصلاً مشاكل اقتصادية وسياسية داخلية كبيرة تبدو القضية وكأنها تحولت إلى اختبار للسيادة اللبنانية وقدرتها على مقاومة الضغوط الخارجية دون الانزلاق في دوامة جديدة من الصراعات السياسية والدبلوماسية الدولية.
يمثل الوضع الراهن في قضية الشاعر عبدالرحمن يوسف علامة فارقة على الساحة الدولية حيث تجتمع كافة عناصر الأزمة السياسية والقانونية والدبلوماسية في هذا الملف الشائك الذي يشغل اهتمام الرأي العام اللبناني والإقليمي لا يمكن للبنان أن يتجاهل التعقيدات المحيطة بهذه القضية التي قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على كافة المستويات لا سيما في ظل تنامي الضغوط المتعددة الأطراف التي تسعى كل منها لتحقيق مصالحها الخاصة في هذه الأزمة.
بإرجاء المدعي العام التمييزي لجلسة النظر في قضية يوسف يتأرجح الموقف القانوني بين الأطراف المتعددة التي تتصارع على الساحة اللبنانية ويبقى مصير يوسف معلقًا بانتظار خطوات جديدة قد تحمل معها مزيدًا من التعقيد والتوترات فما يحدث في هذه القضية يمثل اختبارًا حقيقيًا للقضاء اللبناني والسلطات السياسية التي تواجه تحديًا غير مسبوق في التعامل مع ضغوط إقليمية ودولية قد تغير ملامح المشهد اللبناني بشكل جذري