تقاريرمصر

غضب عارم في مصر والاحتقان يزداد بين مختلف الفئات يكشف فشل الحكومة

يثور الأطباء في مصر ضد الحكومة بسبب القانون الذي يعرضهم للمسؤولية الجنائية عن الأخطاء الطبية غير المقصودة على الرغم من معاناتهم اليومية تحت وطأة ضغوط عملهم المستمرة والمخاطر التي يواجهونها في تقديم الرعاية الصحية ووسط غياب التقدير الحقيقي لدورهم الأساسي في المجتمع يتفاقم الغضب لدى هؤلاء المهنيين الذين لم يعد بإمكانهم تحمل العبء المزدوج للقانون الذي يهدد مستقبلهم المهني والعائلي وما يرافق ذلك من إهمال حكومي واضح لمطالبهم المشروعة

يحمل الأطباء الحكومة المصرية مسؤولية تدهور أوضاعهم ويعتبرون هذا القانون بمثابة إعلان حرب عليهم خاصة وأنهم يواجهون تحديات كبيرة في ظل بيئة عمل غير آمنة تفتقر للتجهيزات اللازمة في الكثير من المستشفيات الحكومية التي تزدحم بالمرضى رغم قلة الموارد ما يضطرهم إلى اتخاذ قرارات صعبة تحت ضغط الوقت الذي لا يسمح دائمًا بالتفكير العميق بينما المسؤولية الجنائية تلاحقهم في حال حدوث أي خطأ مهما كان غير مقصود وهو ما يهدد حياتهم المهنية ويجعلهم في حالة من القلق المستمر

في الوقت ذاته يرفع القضاة صوتهم عاليًا ضد ما وصفوه بالإجحاف الواقع عليهم نتيجة الظروف المعيشية التي دفعتهم للاحتجاج على مواقع التواصل الاجتماعي ليتم بعدها إحالة 48 قاضيًا للتحقيق من قبل الجهات المعنية لمجرد تعبيرهم عن مطالبهم المتعلقة بتحسين أوضاعهم المالية والاجتماعية والمعيشية بعد أن أصبحوا في مرمى نيران التهميش التي تطالهم على الرغم من مكانتهم الرفيعة في المجتمع ويعتبر القضاة أن هذه الإجراءات تتسم بالشدة والغلو في التعامل مع الشكاوى التي قدموها في وقت كان من المفترض أن تحظى مطالبهم بالتقدير والاحترام الذي يليق بهم وبوظيفتهم العريقة

يصطف العمال المصريون في طوابير الغضب مطالبين بتحسين أوضاعهم المالية وسط تهديدات متواصلة من الدولة التي تتعامل بقوة مع الإضرابات العمالية الرافضة لسياسات تدمير الشركات الوطنية حيث عمدت الحكومة إلى تصفية العديد من الشركات الكبرى بحجة تطوير القطاع الخاص وتحفيز الاقتصاد بينما في الواقع تسعى لتحميل العمال تبعات هذه السياسات القاسية التي لا تضمن لهم حقوقهم وتضعهم في مواجهة مع قوى السلطة التي تتجاهل في أغلب الأحيان المطالب العمالية المشروعة

يتفاقم الغضب لدى رجال الأعمال نتيجة لارتفاع الفائدة وقلة توفر الدولار مما أدى إلى تدهور أوضاعهم الاقتصادية مع استمرار محاولات الدولة لتشديد القيود عليهم وهو ما جعل العديد منهم يختارون الهجرة إلى دول أخرى في محاولة لإنقاذ استثماراتهم وفتح شركات جديدة في أماكن توفر بيئة أفضل للمال والأعمال بعدما ضاقت بهم سبل الاستمرار في السوق المصري بسبب الوضع الاقتصادي الذي لا يبشر بمستقبل مشرق في ظل السياسات الحالية التي يراها رجال الأعمال محبطة للغاية

أساتذة الجامعات المصريون يعلنون عن استيائهم من تدني الرواتب وضعف الإمكانيات التي توفرها الدولة للمؤسسات الأكاديمية وقد كان تدخل الدولة في اختيار قيادات الجامعات بمثابة القشة التي قصمت ظهر الأساتذة الذين يعتبرون أن هذا التدخل يمس استقلالية المؤسسات التعليمية ويؤثر على جودة التعليم داخل الجامعات مما يعكس تراجعًا في المستوى الأكاديمي ويساهم في نشر حالة من الإحباط بين الأساتذة الذين بدأوا يرفعون أصواتهم مطالبين بتعديل أوضاعهم المعيشية والوظيفية

مصر تعيش في ظل احتقان عام يظهر في كل قطاع ومؤسسة حيث تتعرض فئات مختلفة من المجتمع لضغوط غير مسبوقة وتستمر حكومتها في تجاهل مطالبهم بدلاً من أن تسعى للبحث عن حلول حقيقية تخفف من معاناتهم يزداد الوضع سوءًا يومًا بعد يوم حيث تبدأ الفجوة بين الشعب والحكومة في الاتساع مع تصاعد الاحتجاجات في كل زاوية من زوايا الوطن ما يهدد بوجود أزمة اجتماعية حادة قد تفضي إلى تداعيات كارثية في حال استمرار سياسة التجاهل والتعنت من قبل السلطات

عندما نتحدث عن مصر اليوم نتحدث عن أمة غاضبة تتفاقم فيها الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وسط تجاهل الحكومة لمطالب فئات الشعب المختلفة وهذا الغضب يتسارع بشكل مرعب مع كل يوم يمر ولا أمل في انفراج قريب ما يضع الجميع أمام مسؤوليات خطيرة ستحدد مستقبل البلاد إذا استمر الوضع على ما هو عليه

من الواضح أن الحكومة المصرية عاجزة عن التعامل مع هذه الاحتجاجات المتصاعدة وبات من الضروري أن تتخذ قرارات حاسمة قبل أن تصبح الأزمة أكبر من أن تُحتوى حيث أن الغضب الشعبي في تصاعد مستمر وينذر بكارثة في حال عدم وجود استجابة حقيقية لمطالب الأطباء والقضاة والعمال ورجال الأعمال وأساتذة الجامعات الذين يعتبرون اليوم في ذروة التوتر والاحتقان

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى