زاهي حواس يكشف كارثة السياحة المصرية وأسباب انحدارها رغم المعالم الفرعونية
تكشف الأرقام الحقيقية عن واقع كارثي يلاحق قطاع السياحة في مصر فلا شيء يشير إلى انتعاش هذا القطاع الحيوي في الدولة الفرعونية رغم الكنوز المدهشة التي تزخر بها البلاد من آثار ومعالم شهيرة.
ورغم الشهرة العالمية للأهرامات وأبو الهول، رغم أن معظم العالم يعترف بعظمة الحضارة المصرية، لا يزال السياح يرفضون القدوم إليها. من هنا جاء تحذير الدكتور زاهي حواس وزير الآثار الأسبق من استمرار الانحدار المخيف في أعداد الزوار.
ينبّه حواس خلال حديثه الإعلامي إلى أن الصورة الحالية التي تظهر مصر ليست صورة حقيقية، فالشعب المصري يعيش أزمة حقيقية مع نقص السياحة، رغم أن البلاد لا تحتاج لحملات ترويجية في الخارج.
فالسياحة في مصر لا تحتاج إلا لتصحيح صورة مشوهة تم تصديرها إلى العالم، صورة مصر التي يراها كثيرون مرتبطة بالصراعات السياسية، وتختلط في أذهانهم مع مشاهد الحروب في غزة.
مصر ليست بحاجة للمزيد من الأموال المهدورة في حملات إعلانية، فالمعالم السياحية المصرية معروفة للجميع. فالأهرامات لا تحتاج إلى دعاية إضافية، والجميع يعلم أن مصر تتمتع بتاريخ عريق لا يمكن للمجتمع الدولي تجاهله،
لكن ذلك لا يمنع الحقيقة الواضحة أن الصورة الملتبسة عن مصر تنتشر على نطاق واسع ويحتاج العالم إلى التأكيد على أن مصر آمنة. فما يعكر صفو الصورة الحقيقية هو اعتقاد العديد من الناس بأن مصر هي مكان خطر.
أثناء محاضراته في أمريكا وكندا، التي يتحدث فيها عن الحضارة المصرية العريقة، يواجه حواس أسئلة مدهشة عن الأهرامات وتاريخها، مما يسلط الضوء على الدور الذي يمكن أن تلعبه مثل هذه الفعاليات في تصحيح الصورة الخاطئة عن مصر.
حواس يعرب عن استغرابه من تصديق البعض للأكاذيب حول الأهرامات، مؤكداً أنه كان دائمًا يرد على الشائعات المثيرة للجدل، ومنها تلك التي روج لها البعض على منصات السوشيال ميديا حول تأجير الأهرامات.
هؤلاء الذين يروجون للأفكار المضللة يستحقون الوقوف في وجههم، كما يرفض حواس المزاعم التي تربط الأهرامات بالكائنات الفضائية.
في أوقات الحرب والتقلبات السياسية في المنطقة، لا يمكن إغفال التحديات الأخرى التي تواجهها مصر والدول العربية. من جهة أخرى، يحمّل حواس إسرائيل المسؤولية الكبرى عن ما تمر به المنطقة من أزمة اقتصادية وجغرافية غير مسبوقة،
مشيرًا إلى أن إسرائيل تلعب دوراً خطيراً في استمرار التوترات في المنطقة. ويشدد على أن من الضروري توحيد الجهود العربية والدولية لمواجهة الأطماع الإسرائيلية المدمرة.
حواس لا يكتفي بتشخيص الواقع، بل يطالب بتصحيح المسار. يقترح على سبيل المثال أن إخلاء منطقة وسط البلد في القاهرة سيجلب الجمال إلى المدينة مرة أخرى،
حيث تعود القاهرة القديمة إلى الواجهة بأجوائها التاريخية الفريدة. محاربة التشوهات العمرانية في قلب العاصمة المصرية جزء من الحلول التي يمكن أن تعيد الروح الجمالية للمدينة.
في محطات أخرى من حديثه، يتطرق حواس إلى العلاقات الإنسانية التي لا تقتصر على العمل في مجال الآثار، بل تشمل أيضًا شخصيات بارزة كان لها تأثير على حياته الشخصية.
من أبرز تلك الشخصيات الفنان الراحل عمر الشريف الذي كان حريصًا على الحفاظ على هويته المصرية، ولم يتخل عن جواز سفره المصري، وكان دائمًا ما يظهر غيرة على بلاده.
حواس يصف عمر الشريف بأنه نموذج للإنسان الملتزم دينيًا وأخلاقيًا، ولم يكن يبحث عن أية جنسية أخرى، فهو كان يعتز بمصريته إلى أبعد الحدود.
فإن هذا الواقع المؤلم الذي يعصف بقطاع السياحة في مصر له أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية خطيرة. في حين تبذل الدولة بعض الجهود للحفاظ على الموروث الحضاري، فإن الرؤية العامة لا تزال تفتقر إلى التخطيط الاستراتيجي، وهو ما يتسبب في أزمة خطيرة تهدد القطاع السياحي.