تقاريرعربي ودولى

عاصفة من الانتقادات تجتاح المسؤولة السورية بسبب تصريحاتها المثيرة

أشعلت عائشة الدبس، مديرة مكتب شؤون المرأة في الحكومة السورية الانتقالية الجديدة التي يرأسها محمد البشير، موجة من الانتقادات والجدل الواسع بعد تصريحات وصفت بالكثير من الجدل. تحدثت المسؤولة في مقابلة تلفزيونية عن تمكين المرأة السورية، ما أثار ردود فعل متباينة من مختلف الأطياف السياسية والمجتمعية.

بدأ السوريون بمختلف توجهاتهم، من ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى سياسيين وصحفيين، بتوجيه انتقادات لاذعة للدبس. جاءت هذه الانتقادات بسبب تصريحاتها التي عبرت فيها عن دعمها لفكرة تمكين المرأة في المجتمع السوري، لكنها في الوقت ذاته أشارت إلى رفضها لأي رأي يخالف توجهاتها أو لا يتماشى مع النموذج الحكومي الذي تعتمده.

أثار موقف الدبس الجدل، حيث اعتبر البعض أن هذا النهج قمعي ويحاول فرض آراء محددة على المرأة السورية والمجتمع. تسارعت وتيرة الانتقادات ووصفها البعض بأنها تستبعد الأراء المخالفة وتقيّد حرية التعبير في قضايا تخص تمكين النساء وتطويرهن.

تطرق البعض إلى انتقاد فكرة “تمكين المرأة” نفسها، معتبرين أن المرأة السورية أظهرت كفاءتها في مختلف المجالات على مدى عقود. أشار المنتقدون إلى أن المرأة السورية لا تحتاج إلى تأطير جديد أو محاولات لفرض نموذج فكري عليها، خاصة بعد أن حققت إنجازات كبيرة في السياسة والاقتصاد والثقافة وحتى في الأوساط العلمية والفكرية.

رأى آخرون أن تصريحات الدبس قد أُسيء فهمها واجتزئت، معتبرين أن موقفها يستهدف منظمات بعينها تسعى إلى فرض أجندات خارجية لا تتناسب مع طبيعة المجتمع السوري. أشار المؤيدون إلى أن الدبس كانت تشير إلى تلك المنظمات التي تحاول التأثير في المجتمع من خلال أجندات خاصة بها، وأنها لم تكن تقصد استبعاد أي رأي مخالف بشكل مطلق.

دفع هذا الجدل الواسع الدبس إلى نشر توضيح على حسابها الرسمي في منصة إكس، أكدت فيه أن موقفها يستند إلى ثقافة المجتمع السوري المتعدد والمتنوع. شددت على أن هذا التنوع هو ما أعطى المرأة السورية فرصة لتبوؤ مراكز قيادية في مختلف المجالات، وأنه من المهم دعم هذا التنوع وتقديره بدلاً من تشويهه أو تجاهله.

أضافت الدبس في توضيحها أن المرأة السورية ليست بحاجة إلى تدخلات خارجية لإثبات كفاءتها، فقد أثبتت نفسها بقدراتها وإمكاناتها الذاتية على مر الزمن، مؤكدة على ضرورة حماية الثقافة الوطنية والحفاظ على القيم التي تسهم في بناء المجتمع السوري.

في سياق متصل، أكد أحمد الشرع، قائد هيئة تحرير الشام والحاكم الفعلي المؤقت لسوريا منذ الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، أن سوريا لا يمكن أن تحكم برأي واحد أو نهج استبدادي. شدد الشرع على أهمية احتضان التنوع السوري بكل أطيافه، مشيراً إلى أن المستقبل السوري يجب أن يبنى على احترام مختلف الأفكار والتوجهات داخل المجتمع السوري.

وفي خضم هذا الجدل، تباينت الآراء حول موقف الدبس. رأى البعض أن الحديث عن تمكين المرأة لا يمكن أن ينفصل عن السياق السياسي الذي تمر به سوريا، حيث تُعد قضية المرأة جزءاً من الجدل الأكبر حول الحريات والحقوق. أكد هؤلاء أن كل خطوة نحو تمكين المرأة يجب أن تكون شاملة وتشمل جميع وجهات النظر وليس تلك المتوافقة فقط مع التوجهات الحكومية.

من جانب آخر، اعتبر مؤيدو الدبس أن هناك استهدافاً شخصياً لها، وأن تصريحاتها قد أخرجت عن سياقها من قبل وسائل الإعلام وبعض النشطاء الذين يسعون لتأجيج المشاعر وزيادة الانقسام. وأضافوا أن مساعي الدبس لتمكين المرأة تستند إلى رؤية وطنية تسعى للنهوض بالمرأة ضمن إطار الحفاظ على الهوية الثقافية والاجتماعية السورية.

استمر الجدل حول تصريحات الدبس، ما دفع العديد من النشطاء والمثقفين إلى الدعوة لحوار شامل حول قضايا المرأة والحقوق في سوريا. اعتبروا أن مثل هذه الحوارات هي السبيل الأمثل لتجاوز الانقسامات وضمان أن تسهم جميع الأصوات في رسم مستقبل البلاد، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه المجتمع السوري في مرحلة ما بعد الحرب.

من جهة أخرى، تطرقت بعض التحليلات إلى أن القضية الحقيقية تتعلق بالتوجهات السياسية للحكومة السورية الانتقالية والتوازن بين الحفاظ على الهوية الوطنية والانفتاح على متطلبات العصر. رأى المحللون أن موقف الدبس يعكس هذا التوازن الدقيق، حيث تحاول الحكومة الانتقالية التوفيق بين توجهات متعددة وتجنب الانزلاق في استقطابات فكرية تضر بالوحدة الوطنية.

وسط هذا الجدل، يبدو أن قضية تمكين المرأة في سوريا ستبقى محوراً للنقاشات الحادة في المستقبل القريب، خاصة في ظل التحديات السياسية والاجتماعية التي تواجهها البلاد. يتطلع كثيرون إلى أن تتاح الفرصة للمرأة السورية للإسهام في بناء وطنها بشكل متكامل، دون قيود أو شروط محددة، وأن يتم التركيز على خلق بيئة تسمح لها بالازدهار في كل المجالات.

وتعكس تصريحات الدبس والجدل الذي أثارته تحديات المرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا. وتبرز أهمية الحوار المفتوح والشامل لضمان أن جميع الآراء تُسمع وتؤخذ في الاعتبار في بناء مستقبل أفضل.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى