عانى الاقتصاد المصري في عام 2024 من خسائر كارثية بلغت أكثر من 60% من إيرادات قناة السويس ما يعادل 7 مليارات دولار بسبب التوترات الجارية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب واصطفاف القوى الإقليمية في المنطقة مما أثر بشكل بالغ على حركة الملاحة التجارية التي كانت تشكل حجر الزاوية لاقتصاد البلاد
قال الرئيس السيسي في اجتماع طارئ مع رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، ورئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة اللواء أحمد العزازي، ومحافظ بورسعيد اللواء محب حبشي، إن الخسائر التي تعرضت لها مصر بسبب هذه الأزمة ستكون لها تبعات خطيرة على مستوى التنمية الاقتصادية، مشيراً إلى أن هذه الأزمة جاءت في وقت حساس يعاني فيه الاقتصاد المصري من تحديات متعددة
أكد السيسي أن هذه الخسائر لا تقتصر على انخفاض العوائد المالية من حركة الملاحة، بل تمتد لتشمل تهديدات استراتيجية على المدى الطويل تؤثر على مكانة قناة السويس كأهم ممر مائي عالمي مع تزايد المنافسة من منافذ بحرية أخرى، مشدداً على ضرورة تكاتف جميع الجهات في الدولة لمواجهة هذه التحديات
تطرق السيسي خلال الاجتماع إلى استراتيجية مصر لمواجهة تداعيات هذه الأزمة وسبل النهوض بالقناة من جديد، حيث أشار إلى أن الجهود المبذولة لتطوير المشاريع الاستراتيجية في منطقة القناة لا بد أن تسير بشكل متوازي مع تحسين الأداء في هذا القطاع الحيوي، رغم الأوضاع الصعبة التي يمر بها العالم
شدد السيسي على أن المنطقة تمر بظروف معقدة للغاية تفرض على مصر ضرورة إيجاد حلول مبتكرة لتحفيز الاقتصاد المحلي في ظل استمرار انخفاض إيرادات القناة، لافتاً إلى أن المراهنة على الاستثمار في الموانئ والمناطق الاقتصادية المحيطة بالقناة سيكون أمراً حاسماً لمستقبل الاقتصاد المصري
حدد السيسي ملامح المرحلة المقبلة من خلال تعظيم العوائد الاقتصادية للموانئ التي تطل على القناة، والتي يجب أن تتحول إلى مراكز لوجستية وصناعية في المنطقة، بحيث تساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي على كافة الأصعدة
أضاف الرئيس أنه على الرغم من التحديات الإقليمية، إلا أن مصر تملك الإمكانيات التي تجعلها قادرة على إعادة تأهيل هذه المناطق لتكون وجهة عالمية للاستثمار، من خلال خلق بيئة استثمارية مغرية للشركات العالمية والمحلية، بما يسهم في ضخ مزيد من الاستثمارات وفتح آفاق جديدة للنمو الاقتصادي
وجه السيسي بضرورة تحسين التعاون بين هيئة قناة السويس والجهات المعنية في الدولة، فضلاً عن تعزيز شراكة القطاع الخاص، الذي يجب أن يكون له دور رئيسي في دعم هذه المشاريع التنموية، لافتاً إلى أن تطوير التعاون بين القطاعين العام والخاص أصبح مسألة حيوية لتحقيق الأهداف الاقتصادية الكبرى
تحدث السيسي عن أن الحكومة لن تكتفي بمراقبة الوضع بل ستسعى لتطبيق إصلاحات عاجلة وسريعة للحد من الخسائر المتفاقمة من قناة السويس، مع التركيز على تحديث أسطول السفن وتحسين البنية التحتية في الموانئ التابعة للقناة، مشيراً إلى ضرورة الانفتاح على أسواق جديدة لضمان تدفق حركة التجارة الدولية من خلال الممرات المائية المصرية
أوضح السيسي أن مصر يجب أن تتحرك بسرعة وفعالية لإنقاذ هذا المورد الحيوي، والتصدي للمتغيرات التي طرأت في البحر الأحمر بشكل غير مسبوق، حيث تعكس الأزمة الحالية حجم التأثيرات الجيوسياسية التي يمكن أن تقلب الموازين الاقتصادية بشكل مفاجئ، وبالتالي فإن استمرار هذه الوضعية لن يكون خياراً مقبولاً
طالب السيسي بتسريع وتيرة تنفيذ المشاريع الاستثمارية والخدمية في المنطقة لتعزيز قدرة القناة على جذب السفن التجارية، مضيفاً أن الموازنة الاقتصادية التي كانت تعتمد بشكل كبير على القناة باتت اليوم في أزمة حقيقية، وأن الوقت ليس في صالح الدولة، بل على العكس، يجب التحرك بخطوات عملية وسريعة
شدد السيسي على ضرورة أن تكون الحلول في مستوى التحديات، فالتداعيات الاقتصادية الناجمة عن انخفاض إيرادات قناة السويس لا تقتصر على الأرقام المالية فحسب، بل تشمل مستقبلاً غامضاً على مستوى الأمن الاقتصادي الوطني، والذي يتطلب سياسة اقتصادية متكاملة تعمل على ضمان الاستقرار
أكد السيسي على ضرورة أن تكون المنطقة المحيطة بالقناة جاهزة لاستقبال الاستثمارات العالمية والقطاع الخاص، وذلك من خلال خلق فرص جديدة تعزز قدرة مصر على الصمود أمام التحديات، مع تأكيده على أهمية توفير بيئة قانونية وتشريعية مناسبة لاستقطاب رؤوس الأموال
وفي ختام الاجتماع، أعرب السيسي عن ثقته في قدرة مصر على تجاوز هذه المحنة التي أوقعت البلاد في موقف بالغ الخطورة، مشيراً إلى أن العمل الجماعي بين كافة الأطراف سيحقق الهدف المنشود في النهاية، بل ويؤهل مصر لتكون في صدارة الممرات المائية العالمية مجدداً
تواجه مصر اليوم أزمة خطيرة تعكس حجم التحديات الكبرى التي تحيط بقناة السويس، فكلما تأخرت الحلول، كلما تعمقت الخسائر وزادت المخاطر التي تهدد مكانتها الاستراتيجية والاقتصادية في العالم