اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان الواقع شمالي قطاع غزة وسط حصار خانق وتهديدات غير مسبوقة، تاركة مصير مئات الجرحى والمرضى والأطباء غامضاً ومخيفاً اشتدت الأزمة مع تصاعد الوضع الخطير
حيث أفادت وكالة “شهاب” الفلسطينية بأن قوات الاحتلال حاصرت المستشفى في صباح الجمعة مطالبة بخروج الطاقم الطبي والمرضى والمرافقين إلى الساحة الخارجية في خطوة تعسفية زادت من حدة التوتر والرعب
فصلت قوات الاحتلال الاتصال مع إدارة المستشفى ومن بداخله في مشهد يعكس القسوة والوحشية تواجد في المستشفى 350 شخصًا بينهم 75 مصابًا وجريحًا بالإضافة إلى مرافقيهم بينما بلغ عدد العاملين في المستشفى من الطاقم الطبي والموظفين حوالي 180 شخصًا كلهم وجدوا أنفسهم تحت تهديد مباشر حيث أمهلتهم قوات الاحتلال 15 دقيقة فقط للخروج وسط أجواء من الهلع والتوتر الكبير
شهد المستشفى في الأيام الماضية حوادث مأساوية قبل الحصار حيث استشهد 5 من أفراد الطاقم الطبي في قصف إسرائيلي استهدف المستشفى من بينهم طبيب كان في قلب العملية الطبية حين شنت الطائرات الإسرائيلية غارة مباشرة على المستشفى في خطوة توصف بالإجرامية هذه الاستهدافات المتعمدة لمرافق صحية ومناطق آمنة تحولت إلى مشاهد متكررة في ظل التصعيد الإسرائيلي الغاشم على غزة
زاد الوضع تفاقمًا حينما قامت القوات الإسرائيلية يوم الخميس بتفجير “روبوت” أمام المستشفى ما أدى إلى إصابة الطبيب حسن ضابوس بجراح خطيرة وهو يؤدي واجبه الطبي الشظايا الناجمة عن الانفجار انتشرت في أقسام الجراحة ومبيت المرضى
مما أسفر عن تعريض المرضى وأفراد الطاقم لخطر إضافي غير متوقع في واحدة من أكثر الأحداث دموية خلال هذه الجولة من العدوان الإسرائيلي المتواصل
لم تتوقف الأمور عند هذا الحد حيث تصاعدت حصيلة الضحايا في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 بشكل مأساوي لتصل إلى 45399 شهيدًا و107940 جريحًا في وقت لا تزال فرق الإسعاف والدفاع المدني عاجزة عن الوصول إلى العديد من الضحايا العالقين تحت الأنقاض وفي الطرقات نتيجة القصف المستمر إن هذه الأرقام المخيفة تعكس حجم الكارثة الإنسانية التي تتعرض لها غزة وتسلط الضوء على مأساة يعاني منها القطاع المحاصر منذ سنوات
صاحبت هذه الأحداث الدموية مواقف متناقضة داخل إسرائيل نفسها حيث طالبت صحيفة “هآرتس” العبرية في افتتاحيتها يوم الخميس بضرورة إنهاء الحرب على غزة وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع مقابل إطلاق سراح الأسرى المحتجزين هناك لكن على الرغم من هذا النداء الواضح إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يُبد أي استعداد لإنهاء هذه الحرب الدموية على غزة أو سحب الجيش الإسرائيلي من المنطقة كما أشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو غير جاهز للقيام بخطوة كهذه في هذا التوقيت الحرج
تشير هذه الأحداث إلى استمرار تصاعد التوتر في قطاع غزة وسط تفاقم الوضع الإنساني بشكل لا يحتمل يستمر الحصار الإسرائيلي في التضييق على الشعب الفلسطيني وتتصاعد وتيرة العمليات العسكرية دون وجود أفق حقيقي لحل سلمي أو تهدئة إنسانية فالأوضاع في القطاع توشك على الانفجار في ظل عجز المجتمع الدولي عن التدخل بشكل فعال لوقف هذا العدوان المتوحش الذي يلتهم أرواح المدنيين الأبرياء يومًا بعد يوم
وفي ظل هذه التطورات الدموية تظل المستشفيات والمراكز الطبية في قطاع غزة عرضة للاستهداف المباشر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي إن تدمير البنية التحتية الصحية وقتل الكوادر الطبية يعكس انعدام الإنسانية ويبرز مدى الوحشية التي يمارسها الجيش الإسرائيلي في حربه ضد الفلسطينيين بلا رادع أو محاسبة ويأتي ذلك وسط صمت دولي وتخاذل واضح من المنظمات الدولية التي لم تتخذ أي إجراءات فعالة لوقف هذه الجرائم المتكررة
يستمر الاحتلال في إظهار مدى تجاهله لكافة القوانين الدولية والأعراف الإنسانية من خلال استهداف المستشفيات والمنشآت المدنية بشكل ممنهج هذه الجرائم لا يمكن وصفها إلا بأنها جزء من حملة تطهير عرقي مستمرة تستهدف الفلسطينيين في كافة نواحي حياتهم بما في ذلك حقهم في العلاج والرعاية الصحية وتعد الهجمات على المستشفيات انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف التي تجرم استهداف المرافق الطبية والمدنيين في أوقات النزاعات
في ظل هذه الأوضاع القاسية تتفاقم الأزمة الصحية والإنسانية في غزة بشكل ينذر بكارثة أكبر المستشفيات المثقلة بالفعل بعدد هائل من الجرحى والمصابين باتت عاجزة عن تقديم الرعاية اللازمة في ظل نقص الإمدادات الطبية وانقطاع الكهرباء بشكل شبه دائم ما يزيد من معاناة السكان الذين يعيشون تحت الحصار والقصف المستمر دون أدنى حماية أو مساعدة دولية
تصر قوات الاحتلال على الاستمرار في سياساتها التدميرية دون الاكتراث بالعواقب الإنسانية أو الأخلاقية لهذه الهجمات المستمرة بينما تبقى غزة ومعها مئات الآلاف من المدنيين رهينة لهذه الحرب الوحشية التي لا يظهر في الأفق أي حل لها