يكشف موقع “أخبار الغد” تفاصيل مرعبة عن الأوضاع في محطة كهرباء الوليدية بأسيوط، والتي تُعد واحدة من أهم المشاريع القومية في قطاع الكهرباء.
ورغم إعلانها كأحد المشروعات العملاقة التي تأمل الدولة في خلالها تحقيق نقلة نوعية في مجال الطاقة، إلا أن هذا المشروع الذي تكلف أكثر من 8 مليارات جنيه، يشهد فوضى غير مسبوقة في مراحل التنفيذ، ويكتنفه غموض شديد حول أسباب الحوادث المتكررة فيه.
هل كان هناك انفجار داخل خط غلاية المحطة كما ترددت الأنباء؟ هل كان هناك تخريب متعمد أم أن الأمر يتعلق بإهمال مروع وفساد في الشركة المنفذة؟ وهل يتم التغطية على الفساد في تنفيذ المشروع؟ هذه الأسئلة، وغيرها، لا تزال تُطرح وتؤرق الجميع، خصوصاً مع الحادث الأخير الذي تم الإعلان عنه مؤخراً.
يبدأ الحديث مع حادث اندفاع المياه الساخنة الذي وقع في محطة كهرباء الوليدية وأسفر عن إصابة خمسة من العاملين في المشروع بحروق شديدة بسبب تسريب المياه داخل خط المواسير الذي يغذي الغلاية.
كان من المقرر أن يتم تنظيف هذه المواسير من الصدأ والرواسب باستخدام فلاتر مخصصة، إلا أن العمال قاموا بفك هذه الفلاتر قبل أن تبرد، مما تسبب في انفجار مياه بدرجة حرارة تصل إلى 120 درجة مئوية.
كانت هذه المياه الساخنة في غاية الخطورة، إذ تدفقت بسرعة كبيرة على العاملين، ما أسفر عن إصابتهم بحروق شديدة، من بينهم فني ومهندس، لكن حالتهم الصحية مستقرة بعد تلقي العلاج اللازم.
وكان هذا الحادث نتيجة لسوء الإدارة والإجراءات المتبعة من قبل المقاول المنفذ، شركة ACBoiler، التي تُعتبر المسؤول الأول عن الحادث.
فهل يُعقل أن تتم عملية تنظيف كيميائي لمواسير غلاية لم يتم استلامها رسميًا من الشركة الإيطالية المنفذة؟ هل هذه خطوة قانونية؟ وهل سبق أن جرى مثل هذا الغسيل الكيميائي في غلايات أقدم بعد 15 سنة من التشغيل؟ هذه أسئلة تظل عالقة.
يتابع التقرير بالإشارة إلى أن الحادث لم يكن مجرد تسريب للمياه، بل انفجار كبير في خط البخار في المحطة، وهو ما تم ربطه بـ”الهبوط المفاجئ” أو ما يعرف بـ”الـhammer” الذي أدى إلى هزة عنيفة في الخط، ما تسبب في تكسير لحامات دعامات خط البخار.
أسفر الانفجار عن أضرار مادية جسيمة وأدى إلى إصابة عدد من الفنيين والمهندسين، بعضهم في حالة حرجة. وتؤكد التقارير أن الحادث وقع أثناء عملية دخول وحدة المحطة الجديدة للعمل منذ ثلاثة أيام، في وقت كان من المفترض أن تكون الوحدة قد دخلت الخدمة قبل سنوات. وكانت تلك الحادثة نتيجة لعيوب فنية جسيمة في خط البخار الذي أُنفذ دون الأخذ بعين الاعتبار معايير الأمان الدقيقة.
وأكدت مصادر أن شركة ACBoiler المقاول العام المنفذ للمشروع، تتحمل المسؤولية عن هذا الحادث، وشددت المصادر على أن الشركة هي المتسبب الرئيسي فيه بسبب العيوب الفنية التي شابت تنفيذ خط البخار، بالإضافة إلى أن المحطة ما زالت تحت ضمان الشركة، ما يعني أن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق العاملين في المحطة، بل أيضاً على المقاول الذي تعاقد مع الحكومة.
وأشارت المصادر إلى أن مشاكل المحطة تتعدى الحوادث الأخيرة، حيث يتكرر الحديث عن فساد الشركات المنفذة، وتحيُّزها عن العقد وعدم التزامها بالشروط المتفق عليها.
كما تحدث البعض عن حصول المسؤولين في الشركات المنفذة على مزايا غير قانونية، مثل هدايا وتسهيلات خارجية، ما يعزز الشكوك في تورط بعض الأشخاص في الإهمال المتعمد. وتستمر هذه الإشكاليات، بينما يظل الوضع في المحطة متأثراً بهذه المشكلات المتراكمة.
ويتساءل الموظفين والعمال أيضًا عن فساد الشركات المنفذة التي تم اكتشاف تحايلها على شروط العقد، حيث دأبت على تقديم مواسير غير مطابقة للمواصفات، بل تم تسريب بعض هذه المواسير وإخفاء العيوب الخطيرة التي كانت موجودة فيها.
ويُؤكد المصادر بأن العاملين في الشركات المنفذة، وبالأخص المقاول الإيطالي، تلقوا مزايا غير قانونية، بما في ذلك هدايا مغرية ورحلات خارجية، وهو ما ساعد على تزايد الإهمال في تنفيذ المشروع.
يسلط التقرير الضوء على التأخير الكبير في إتمام المشروع، حيث بدأت أعمال محطة كهرباء الوليدية في عام 2017، وكان من المفترض أن تبدأ الوحدة الثالثة في العمل عام 2021.
لكن المشروع تأخر بشكل غير مبرر، ومن المتوقع أن يبدأ التشغيل التجاري في 2024. والمثير أن مشروعاً ضخماً مثل حفر قناة السويس الجديدة قد تم إنجازه في فترة زمنية لا تتجاوز عاماً واحداً، بينما المحطة في أسيوط لم يُنجز منها إلا القليل بعد 8 سنوات. هل يعكس ذلك حجم الإهمال المتفشي في المشروع؟ وهل نُزعت بعض الأموال المخصصة للتنفيذ بشكل غير مشروع؟
يتطرق التقرير إلى النقطة الأهم: ماذا يجري في محطة كهرباء الوليدية؟ لماذا هذه الإخفاقات المتتالية؟ هل المسئولون لا يعرفون ما يحدث أم أنهم يتغاضون عن الحقائق خوفاً من المساءلة؟
يظل الوضع كما هو عليه، في تعتيم كامل على الوضع الفعلي في المحطة، حيث يواصل المسؤولون في الحكومة وصناعة الطاقة التزام الصمت، على الرغم من الأدلة الواضحة على وجود فساد وعوامل إهمال متكررة.
ويطرح السؤال المهم: هل يظل الوضع كما هو في ظل فشل الجهات المعنية في التصدي للمشاكل؟ وهل يستمر المشروع تحت خطر الإهمال والتغطية على الحقائق؟ يظل هذا السؤال بلا إجابة واضحة، بينما يستمر عمل المحطة تحت إشراف الشركات المنفذة التي لا يبدو أنها تتحمل أي مسؤولية.