تقاريرثقافة وفنون

فساد ضياء مكاوي مستمر رغم صدور قرار استبعاده من وسط الصعيد الثقافي

في تطور لافت، أصدر الدكتور أحمد هنو وزير الثقافة قراراً يحمل رقم 551 لسنة 2024، قضى بنقل ضياء الدين محمد محمد مكاوي مدير عام فرع ثقافة أسيوط بالهيئة العامة لقصور الثقافة إلى وظيفة استشاري إدارة عامة في الهيئة، وذلك بعد أن بلغ الحد الأقصى المسموح به لشغل الوظيفة بالتعيين.

هذا القرار الذي جاء اعتباراً من السادس من ديسمبر 2024 وقد حصل موقع “أخبار الغد” علي صورة منه .. أثار موجة من التعليقات وردود الأفعال بين موظفي إقليم وسط الصعيد الثقافي وفرع ثقافة أسيوط، حيث عبر الجميع، بما فيهم الموظفون المقربون سابقاً من مكاوي، عن ارتياحهم إزاء هذا القرار.

موظفو إقليم وسط الصعيد الثقافي وفرع ثقافة أسيوط، الذين عايشوا فترة وجود ضياء مكاوي في منصبه وطالما عانوا من سطوة ضياء مكاوي وتجاوزاته، لم يستطيعوا إخفاء فرحتهم وسعادتهم بصدور هذا القرار الذي طال انتظاره والذي اعتبروه خطوة إيجابية نحو تحقيق العدالة ومكافحة الفساد في مؤسسات الدولة.

ولم يقتصر الفرح على الموظفين الذين كانوا متضررين من مكاوي، بل شمل أيضاً المقربين منه الذين كانوا يستفيدون من وجوده في منصبه. حتى هؤلاء لم يستطيعوا إخفاء ارتياحهم بعد أن تم تجريد مكاوي من سلطاته، وكأن الفساد الذي ظل يعصف بالمنطقة أصبح الآن مكشوفاً أمام الجميع.

ولكن هذه الفرحة السريعة لم تخف القلق المتزايد بين العاملين والمراقبين للشأن الثقافي حول ما إذا كان هذا القرار سيكتفي بنقل مكاوي فقط دون محاسبته على الفساد المالي والإداري الذي تورط فيه طوال فترة رئاسته لفرع ثقافة أسيوط.

ملف فساد ضياء مكاوي: إهدار المال العام دون مساءلة

ضياء مكاوي كان يدير إقليم وسط الصعيد الثقافي وفرع ثقافة أسيوط وكأنه ملكية خاصة به، أو كما وصفه البعض “عزبة ضياء مكاوي“. فخلال سنوات إدارته، تفاقم الفساد المالي والإداري في الفرع بشكل غير مسبوق، حيث ترددت شائعات عن سرقة المال العام بصورة علنية وتحت مرأى ومسمع الجميع، من دون أي تدخل من الجهات الرقابية.

الفساد لم يتوقف عند إهدار الأموال فحسب، بل تعداه إلى تسيير العمل وفق المصالح الشخصية وارتكاب مخالفات إدارية خطيرة.

ورغم هذه الانتهاكات الواضحة، فإن القرار الصادر من وزارة الثقافة لم يتطرق حتى الآن إلى مساءلة ضياء مكاوي عن تلك التجاوزات، وهو ما يثير شكوكاً حول جدية الهيئة العامة لقصور الثقافة في محاسبة الفاسدين داخل المؤسسة.

فهل سيقتصر العقاب على نقل مكاوي من منصبه؟ أم ستتخذ الوزارة والهيئة خطوات فعلية للتحقيق في المخالفات المالية والإدارية التي ارتكبها؟ هذا التساؤل يتردد بقوة بين العاملين في الإقليم والمراقبين للمشهد الثقافي، لا سيما وأن التقارير تشير إلى أن ضياء مكاوي كان يتغيب عن العمل لفترات طويلة بدون عذر أو مبرر قانوني، وهي مخالفة تستوجب التحقيق والمحاسبة.

فساد الهيئة العامة لقصور الثقافة: حماية الفاسدين والتغاضي عن المخالفات

الهيئة العامة لقصور الثقافة التي تشرف على عمل ضياء مكاوي في فرع أسيوط، تبدو هي الأخرى متورطة بشكل أو بآخر في حماية الفاسدين داخل المنظومة الثقافية.

فبدلاً من اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة ضد مكاوي، نجد أن الهيئة اكتفت فقط بنقله إلى وظيفة استشارية، وكأنها مكافأة له على ما قام به من تجاوزات.

هذا الموقف المتخاذل من الهيئة العامة لقصور الثقافة يعزز من الشكوك حول وجود فساد أعمق داخل الهيئة نفسها. فالتغاضي عن المخالفات المالية والإدارية التي ارتكبها مكاوي هو مؤشر واضح على أن الفساد في هذه المؤسسة يمتد ليشمل مستويات أعلى، وأن هناك رغبة في التستر على التجاوزات بدلاً من مواجهتها ومعاقبة مرتكبيها.

وهو ما يدعو إلى التساؤل عن دور الرقابة الإدارية والأجهزة الرقابية الأخرى في مراقبة أنشطة الهيئة والتحقيق في الملفات التي تحتوي على شكاوى واتهامات بالفساد.

موقف وزارة الثقافة: قرار جريء ولكن ماذا بعد؟

من جهة أخرى، يجب الإشادة بالدكتور أحمد هنو وزير الثقافة الذي اتخذ قراراً شجاعاً بنقل ضياء مكاوي من منصبه بعد فترة طويلة من التجاوزات.

إلا أن هذا القرار، ورغم أهميته، يظل غير كافٍ إذا لم يتبعه خطوات جدية لمحاسبة مكاوي على ما ارتكبه من فساد، والتحقيق في الأموال التي أهدرت خلال فترة إدارته.

فالموظفون في إقليم وسط الصعيد الثقافي وفرع أسيوط لا يرغبون فقط في إبعاد مكاوي عن مناصب السلطة، بل يتطلعون إلى رؤية تحقيقات شفافة وشاملة تؤدي إلى استرجاع الأموال المهدرة ومعاقبة المسؤولين عن الفساد.

فهم يرون أن الاكتفاء بنقل مكاوي دون محاسبته قد يكون بمثابة رسالة سلبية إلى كل من يتورط في الفساد داخل المؤسسات الثقافية بأن الفساد يمكن تجاوزه دون عقوبة تُذكر.

ماذا ينتظر مستقبل الثقافة في الصعيد؟

المشهد الثقافي في إقليم وسط الصعيد يعاني من تراكم الفساد لسنوات طويلة، ولا يقتصر الأمر على فرع أسيوط فقط. فرغم الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة الثقافة في تطوير الخدمات الثقافية في الإقليم، إلا أن الفساد الإداري والمالي يظل عقبة رئيسية أمام تحقيق أي تقدم ملموس.

فالموظفون الشرفاء داخل الهيئة ينتظرون بفارغ الصبر تحركاً حقيقياً من وزارة الثقافة والجهات الرقابية لمحاسبة كل من يثبت تورطه في الفساد، بدءاً من ضياء مكاوي، وحتى أولئك الذين يغضون الطرف عن مخالفاته.

الأسئلة الملحة التي تطرح نفسها الآن هي: هل ستتخذ الهيئة العامة لقصور الثقافة إجراءات فعلية للتحقيق في فساد ضياء مكاوي؟ وهل ستستمر الوزارة في متابعة القضية إلى أن يتم إحقاق الحق واسترجاع الأموال العامة؟ أم أن نقل مكاوي إلى وظيفة استشارية سيكون نهاية القصة، تاركاً الفساد مستمراً بلا رادع؟

الأيام القادمة ستكشف عما إذا كانت محاربة الفساد في المؤسسات الثقافية ستظل مجرد شعارات، أم أن هناك إرادة حقيقية لمواجهة هذه الآفة التي تعيق تطور المشهد الثقافي في مصر.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى