الحكومة المصرية تخطط لتحصيل 37.8% رسوماً على الهواتف المهربة لصالح شركات صهر السيسي
تخطط وزارة المالية بالتعاون مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لتطبيق آليات جديدة لتحصيل الرسوم المفروضة على الهواتف المحمولة التي يجلبها الأفراد القادمين من الخارج
في خطوة غير مسبوقة تهدف لمكافحة التهريب وتشجيع الإنتاج المحلي للهواتف المحمولة وفقًا لما أكده شريف الكيلاني نائب وزير المالية للسياسات الضريبية
في تصريحات رسمية له والتي كانت أول تأكيد رسمي للقرارات التي يتم تداولها في وسائل الإعلام منذ أسابيع حول تطبيق القرار المزمع في بداية العام المقبل 2025.
يأتي هذا القرار في وقت يعاني فيه الاقتصاد المصري من العديد من الأزمات الاقتصادية التي فاقمتها السياسات الحكومية الفاشلة التي دفعت المواطن المصري إلى البحث عن طرق غير قانونية للحصول على الهواتف المحمولة بأسعار منخفضة بسبب فرض الرسوم والضرائب المرتفعة على الأجهزة المستوردة وتراجع سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية.
وقد برزت تسريبات إعلامية تفيد بأن القرار يستهدف بالأساس استهداف كبار الموزعين المحليين والمصنعين المحليين في حين أن الحكومة تتجاهل أسباب هذا التهريب الكبير للهواتف المحمولة.
تجاهل المسؤولين لحقيقة التهريب الكبير
تتحمل الحكومة المصرية مسؤولة كبيرة في تنامي ظاهرة تهريب الهواتف المحمولة إلى داخل البلاد وذلك بسبب سلسلة من السياسات التي تم اتخاذها في السنوات الأخيرة والتي فرضت قيودًا صارمة على صرف العملة الأجنبية لشراء الهواتف المحمولة.
هذه القيود إلى جانب الرسوم والضرائب المرتفعة على الهواتف المستوردة تسببت في زيادة نسبة الهواتف المهربة التي تدخل البلاد بشكل غير رسمي.
وفقًا لشريف الكيلاني نائب وزير المالية، فإن 95% من الهواتف المحمولة التي تدخل البلاد لا تدفع الرسوم المفروضة عليها، وهو ما يعادل قيمة تتراوح بين 5 و6 مليارات جنيه شهريًا، وهذا يشكل عبئًا إضافيًا على خزينة الدولة.
ارتفاع الرسوم يؤدي إلى تعميق الأزمة
تفرض الحكومة المصرية على الهواتف المحمولة المستوردة عدة رسوم تشمل 14% ضريبة قيمة مضافة، 10% رسوم جمركية، 5% رسم تنمية موارد، 5% رسم للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، و3.8% رسوم لجهات أخرى، ما يجعل أسعار الهواتف المستوردة تتضاعف بشكل مبالغ فيه.
وبسبب هذه الرسوم المرتفعة، فإن المواطنين الذين يعانون من ضعف القدرة الشرائية لا يستطيعون شراء الهواتف المحمولة من السوق المحلي وبالتالي يلجأون إلى تهريب الهواتف من الخارج.
هذا التوجه أسهم بشكل كبير في تراجع واردات الهواتف المحمولة بشكل رسمي، حيث تراجعت قيمة واردات الهواتف من 1.77 مليار دولار أمريكي في 2021 إلى 343 مليون دولار في 2022، لتصل إلى 5.2 مليون دولار في 2023.
استهداف القادمين من الخارج
في إطار تطبيق آلية جديدة لتحصيل الرسوم، سيتوجب على القادمين من الخارج تسجيل هواتفهم المحمولة الشخصية على تطبيق إلكتروني لدى الجمارك في المطارات المصرية ودفع الرسوم المقررة على أي هواتف أخرى يقومون بإحضارها.
في حال عدم قيامهم بذلك، سيتلقون رسائل تحذير من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات تفيد بأنه سيتم قطع خدمات الشبكة عن الهاتف في حال لم يتم دفع الرسوم المقررة خلال 90 يومًا.
سيُسمح لكل مسافر بإحضار هاتف محمول واحد فقط دون دفع رسوم شريطة أن يكون قد مر 3 سنوات على آخر هاتف قام بإحضاره إلى البلاد.
كبار الموزعين المحليين المستفيدين من القرار
يستفيد من هذا القرار عدد من كبار موزعي الهواتف المحمولة في مصر الذين يمتلكون شبكات توزيع كبيرة ويحتكرون السوق بشكل شبه كامل.
من أبرز هؤلاء الموزعين هي مجموعة “الصافي تك” التي يرأسها رجل الأعمال صافي وهبة، والتي تعد واحدة من الشركات الكبرى في سوق الهواتف المحمولة في مصر.
تمتلك المجموعة شبكة من أكثر من 100 متجر، وتعد “الصافي تك” من أبرز الشركات التي تستورد وتوزع الهواتف المحمولة في مصر. كما أن الشركة دخلت في مجال إنتاج الهواتف المحمولة محليًا بالتعاون مع شركة “شاومي” الصينية، حيث تصنع نحو 4 مليون هاتف سنويًا.
هذا التعاون بين “الصافي تك” و”شاومي” يعزز مكانة الشركة في السوق المحلية ويزيد من هيمنتها على قطاع الهواتف المحمولة في مصر.
كما أن مجموعة “الصافي” التي تأسست عام 1985 وتملك أيضًا توكيلات حصرية لماركات عالمية أخرى، تستفيد بشكل كبير من هذه الآلية الجديدة. في السنوات الماضية، توسعت الشركة في السوق بشكل كبير عبر عدة شركات تابعة لها.
علاقة “الصافي” بعائلة السيسي
تعتبر علاقة “الصافي تك” وعائلة الرئيس عبد الفتاح السيسي نقطة محورية في هذا السياق. فشركة “الصافي تك” يمتلكها رجل الأعمال صافي وهبة الذي هو صهر الرئيس السيسي من خلال زواج نجله محمد من مريم كريمة المستشار أحمد السيسي، شقيق الرئيس.
هذه العلاقة تشير إلى الدور الكبير الذي تلعبه هذه الشركات المرتبطة بالحكومة في تعزيز مصالحها في ظل الأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، حيث تتحكم هذه الشركات في سوق الهواتف المحمولة وتستفيد من أي قرار حكومي يزيد من عوائدها.
المستفيدون الآخرون
إلى جانب “الصافي تك”، هناك عدة شركات أخرى تستفيد من هذه الآلية الجديدة، مثل شركة “إم إم جروب” التي يمتلكها رجل الأعمال محمد محمود، والتي تعد من الشركات الرائدة في توزيع هواتف شركتي “سامسونج” و”هواوي” في مصر.
وكذلك شركة “J.I.T” المصرية الإماراتية التي باتت وكيلًا حصريًا لشركة “أوبو” في مصر. وتستمر الحكومة في تعزيز هذه السياسات التي تخدم مصالح الشركات الكبرى على حساب المستهلك المصري.
الحكومة تُعمق الأزمة الاقتصادية
تواصل الحكومة المصرية تجاهل تأثير سياساتها الاقتصادية على المواطن المصري الذي يعاني من ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية.
رغم أن الحكومة تدعي أن هذه القرارات تستهدف دعم الإنتاج المحلي، إلا أن الحقيقة أن معظم هذه السياسات تخدم كبار الموزعين والمصنعين المحليين الذين يحققون أرباحًا كبيرة من خلال هذه الآليات الجديدة، بينما يظل المواطن المصري هو الضحية الأكبر لهذه السياسات.
بينما يتجاهل المسؤولون في الحكومة المصرية الأسباب الحقيقية لتهريب الهواتف المحمولة، يبدو أن الإجراءات الحكومية الجديدة ستزيد من تحميل المواطن العادي المزيد من الأعباء المالية.
فبينما تدعي الحكومة أنها تحارب التهريب وتدعم الصناعة المحلية، إلا أن الواقع يشير إلى أن هذه القرارات تأتي في إطار خدمة مصالح رجال الأعمال والمستفيدين من هذه السياسات، في الوقت الذي يزداد فيه الوضع الاقتصادي سوءًا ويتفاقم معاناة المواطن المصري.
تمثل خطة الحكومة المصرية الجديدة لتحصيل رسوم الهواتف المحمولة من القادمين من الخارج خطوة أخرى في مسلسل السياسات الاقتصادية الفاشلة التي تضر بالمواطن المصري.
في الوقت الذي تتجاهل فيه الحكومة الأسباب الحقيقية لتهريب الهواتف المحمولة، تسعى لتطبيق آليات جديدة تهدف إلى دعم كبار الموزعين والمصنعين المحليين مثل “الصافي تك” التي ترتبط بعلاقات قوية مع النظام الحاكم.
هذه السياسات تعكس فشل الحكومة في معالجة الأزمات الاقتصادية الحقيقية، وتزيد من الأعباء على المواطنين الذين يعانون من ظروف اقتصادية صعبة.