اعتقال المحامية فاطمة الزهراء غريب كشف عن كارثة حقوقية تهدد حرية التعبير بمصر
أصدرت نيابة أمن الدولة العليا قراراً بحبس المحامية الحقوقية فاطمة الزهراء غريب محمد، لمدة 15 يوما على ذمة التحقيقات في القضية رقم 1282 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا، وذلك بعد اعتقالها في أثناء قيامها بكتابة عبارات مناهضة للنظام الحاكم على جدران عدة مبان حكومية بمدينة أسوان.
احتجزت قوات الأمن فاطمة الزهراء في مساء يوم الجمعة 20 ديسمبر 2024، خلال كتابتها تلك العبارات التي طالبت بإسقاط الرئيس السيسي والنظام الحاكم.
في تلك اللحظة، كانت دورية شرطية تمر بالمنطقة، حيث تم إلقاء القبض عليها في الحال، لتحل بعدها العديد من الأسئلة التي لم تجد أي إجابة واضحة حتى الآن.
وجهت النيابة إلى المحامية الحقوقية تهمًا ثقيلة لا تزال تثير الكثير من الجدل والقلق. شملت التهم الموجهة إليها “نشر أخبار كاذبة”، “إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي”، “الانضمام إلى جماعة إرهابية”، إضافة إلى “نشر عبارات مناهضة للنظام الحاكم”، و”الدعوة لإسقاطه”، و”التحريض على التظاهر” و”إثارة الفتن” داخل المجتمع.
هذه التهم على خطورتها لم تقتصر على معركة قانونية فحسب، بل جعلت من القضية محط أنظار وسائل الإعلام والمجتمع الحقوقي في الداخل والخارج.
لكن ما يزيد الوضع تعقيدًا هو اختفاء فاطمة الزهراء قسريًا بعد لحظات من اعتقالها، حيث ساد الغموض حول مكان احتجازها لستة أيام كاملة.
لم ترد أي معلومات دقيقة عن مكان وجودها، مما أثار مخاوف كبيرة بشأن مصيرها. في تلك الأيام العصيبة، تقدمت أسرتها ببلاغ إلى المحامي العام الأول لنيابة أسوان تفيد فيه باعتقالها واختفائها قسريًا، دون أن يتم الإعلان عن مكان احتجازها أو تقديم أية تفاصيل.
لم يظهر أثر المحامية الحقوقية إلا بعد مرور ستة أيام، ليتم نقلها أخيرًا إلى نيابة أمن الدولة العليا، حيث مثلت أمامها لتقرر النيابة في النهاية حبسها احتياطيًا على ذمة التحقيقات.
هذا الحبس جاء ليزيد من تعقيد المشهد، مع تكهنات عديدة حول الدوافع الحقيقية وراء هذا الاعتقال والتهم الموجهة إليها.
لم يكن الاعتقال والاتهامات وحدهما ما يثير القلق، بل إن أسلوب الاعتقال نفسه وتفاصيله يفتح العديد من الأسئلة حول وضع حرية التعبير في مصر.
هذا النوع من الاعتقالات القسرية جاء في توقيت حساس للغاية، حيث يشهد المجال الحقوقي في البلاد أزمة حادة تتعلق بحرية الصحافة والتعبير عن الرأي. فهل أصبح من الطبيعي في مصر أن يُعتقل شخص لمجرد تعبيره عن رأيه؟
قضية فاطمة الزهراء ليست حادثة فردية، بل هي جزء من سلسلة من الاعتقالات التي طالت العديد من النشطاء الحقوقيين والصحفيين في الأشهر الأخيرة. هذه الحملة الأمنية تشكل رسالة غير مباشرة لجميع من يفكرون في التعبير عن معارضتهم للنظام القائم.
إذا كانت النيابة قد وجهت تهمًا لمجرد كتابة عبارات على الجدران، فما هو الحال بالنسبة لأولئك الذين يرفعون أصواتهم في الإعلام أو على منصات التواصل الاجتماعي؟ هل ستستمر هذه الحملة التي تستهدف المعارضة، بما في ذلك المحامون والحقوقيون الذين يعملون جاهدين لتسليط الضوء على الانتهاكات والتجاوزات؟
تستمر هذه الأحداث في تسليط الضوء على وضع الحقوق السياسية في مصر، حيث يظل مصير فاطمة الزهراء غريب في مرحلة غير واضحة، مع استمرار الاعتقالات والتضييق على الحريات.
هذه القضية تعكس التحديات الكبرى التي تواجه المجتمع المدني في مصر، حيث أصبح التعبير عن الرأي محط خطر، وأصبحت المحاكمات السياسية تمثل جزءًا أساسيًا من آليات القمع.
القلق يتزايد في الأوساط الحقوقية والدولية بشأن مصير فاطمة الزهراء وغيرها من المعتقلين الذين يقبعون وراء القضبان بسبب آرائهم أو نشاطاتهم السلمية. فهل ستستمر هذه السياسات القمعية، أم أن هناك بصيص أمل في تغيير هذا الواقع؟
المجتمع الدولي يتابع عن كثب التطورات المتعلقة بهذه القضية، في وقت يتصاعد فيه الضغط على السلطات المصرية لإعادة النظر في سياسات الاعتقال القسري، والسماح بحرية التعبير دون تهديدات أو تضييق.