في مشهد اقتصادي مرعب تواصل أسعار الدولار أمام الجنيه المصري الارتفاع مرة أخرى بعد تراجع طفيف تم رصده في نهاية تعاملات اليوم داخل البنوك وذلك عقب الموافقة على صرف الشريحة الرابعة من القرض الممنوح من قبل صندوق النقد الدولي.
في الحقيقة لا يبدو أن هناك أي أفق قريب للانفراج في الأزمة الاقتصادية التي يواجهها الجنيه المصري في ظل هذه التقلبات المريبة في الأسعار والتي تؤثر بشكل كارثي على المواطن المصري العادي. تقتصر رؤية الحلول على الاتفاقات مع صندوق النقد الدولي التي تثير علامات استفهام ضخمة حول ما إذا كانت هذه القروض بالفعل ستنقذ الاقتصاد أم ستزيد من مأساته.
الشريحة الرابعة من القرض البالغة قيمتها 1.2 مليار دولار جاءت كجزء من اتفاقية قرض أكبر تبلغ قيمته 8 مليارات دولار، لكن هذه الاتفاقات لا تخفي الحقيقة المؤلمة التي تعيشها مصر، حيث يعاني الشعب من نتائج هذه السياسات التي تحمّلهم عبء تسديد الديون بلا رحمة.
ووفقًا للمصادر الرسمية، تم إقرار صرف الشريحة بعد سلسلة من المحادثات التي جرت بين الفريق المصري وصندوق النقد الدولي في الفترة من 6 إلى 20 نوفمبر، وهي فترة لم تكن كافية لتحسين أي شيء على الأرض، بل فقط لتفاقم الأزمة. فبينما تنشغل الحكومة في الحديث عن هذه الاتفاقات، يرتفع الدولار بصورة غير مسبوقة، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا.
وفي تطور جديد، سجلت البنوك المصرية اليوم أعلى سعر رسمي للدولار في مصرف أبو ظبي الإسلامي حيث وصل سعر الشراء إلى 50.95 جنيهًا بينما سجل سعر البيع 51.05 جنيهًا. هذا الرقم يشير إلى تحولات ضخمة في سعر العملة المحلية التي باتت عاجزة عن مواجهة الدولار المدعوم من اتفاقات الصندوق.
أما في البنوك الحكومية، وعلى رأسها البنك الأهلي المصري، فقد بلغ سعر شراء الدولار 50.84 جنيهًا، بينما بلغ سعر البيع 50.94 جنيهًا. هذه الأرقام تثير القلق بشكل غير مسبوق، فبينما تتسارع وتيرة ارتفاع الدولار، لا يبدو أن هناك خطة حقيقية لإيقاف هذا الارتفاع الذي لا ينتهي.
لكن الأزمة لا تتوقف عند البنوك الحكومية فقط، بل إن البنوك الخاصة التي كانت في وقت من الأوقات تُعتبر ملاذًا آمنًا للأسواق، هي الأخرى شهدت قفزات مقلقة في سعر الدولار. البنك التجاري الدولي وهو من أكبر البنوك الخاصة في مصر سجل سعر شراء الدولار عند 50.84 جنيهًا، بينما بلغ سعر البيع 50.94 جنيهًا.
ليس من المستغرب أن تزداد الأسعار بشكل غير متوقع في السوق السوداء أيضًا، حيث تسعى فئات عديدة من المواطنين إلى استباق ارتفاعات جديدة في سعر الدولار وتخزين العملات الأجنبية خوفًا من أي تقلبات قادمة. أصبح الدولار اليوم جزءًا من الصراع اليومي للمواطن المصري، الذي يكابد تحديات كبيرة في توفير احتياجاته الأساسية في ظل الأسعار التي تواصل الارتفاع.
يطرح العديد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين تساؤلات خطيرة حول مستقبل الاقتصاد المصري في ظل استمرار تذبذب أسعار الدولار بهذه الوتيرة، ويشكك البعض في قدرة الحكومة على ضبط الأوضاع الاقتصادية بعد أن أصبح الجنيه في حالة من الانهيار شبه الكامل. النقاشات حول الإجراءات التي يجب اتخاذها للتصدي للأزمة تظهر تباينًا حادًا في الآراء بين الحكومة والمعارضة، في حين أن المواطن العادي هو الأكثر تأثرًا بتداعيات هذه الأوضاع الاقتصادية المزرية.
وفي الوقت الذي يصر فيه المسؤولون على التأكيد بأن القرض من صندوق النقد الدولي سيكون له أثر إيجابي على الاقتصاد، فإن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن هذه الاتفاقات تزيد من أعباء الدولة من ناحية الديون وفوائدها. هذه الديون التي لا تجد طريقًا إلى السداد على المدى القريب تزيد من حالة التخبط الاقتصادي، بينما تواصل الحكومة تقديم مزيد من التنازلات لصندوق النقد الدولي.
الوضع الحالي في الاقتصاد المصري ينذر بكارثة اقتصادية إذا استمر هذا المسار، حيث تبقى الحلول بعيدة عن الواقع، ويبقى المواطن هو الحلقة الأضعف في هذه الأزمة المستمرة. أصبح الوضع أكثر صعوبة، والأسعار ترتفع بشكل جنوني، في وقت لم تعد فيه القدرة الشرائية للمواطنين قادرة على مواجهة هذه الارتفاعات الحادة.