تقاريرمصر

قطار العاصمة يخسر 814 ألف دولار ويهدر 1.7 مليار جنيه بسبب سوء التخطيط

انطلق قطار العاصمة في ظل إعلان وزير النقل كامل الوزير عن بدء تشغيله، معلنًا أنه سابع وسيلة مواصلات تنطلق من محطة عدلي منصور.

أكد الوزير أيضًا أن القطار يستهدف نقل مليون مواطن يوميًا، مشيرًا إلى أن المشروع سيقلل من استهلاك الوقود بما يعادل 1.7 مليار جنيه سنويًا “90 مليون دولار أمريكي وفقًا لسعر الصرف في ذلك الوقت”.

كما أشار إلى أن المحطة المركزية للمشروع تعد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، حيث فازت بجائزة “أفضل مشروع نقل” من مجلة “ENR” العالمية لعام 2022.

ومع مرور أكثر من عام على تشغيل المشروع، ما زال يواجه جدلاً واسعًا بسبب الإقبال المحدود على استخدامه. رغم التصريحات الحكومية التي تصف عزوف المواطنين عن استخدام القطار بأنه أمر “مؤقت”، لا يزال القطار يعاني من معدلات ركاب ضعيفة، ويشير التقرير إلى أن الخسائر التي لحقت بالقطار في عامه الأول بلغت نحو 814 ألف دولار، وهو ما تنفيه الحكومة التي أكدت أنها لم تتكبد أي خسائر.

كشفت الأرقام الرسمية أن تكلفة المشروع بلغت نحو 1.3 مليار دولار أمريكي، حيث اقترضت الحكومة المصرية 1.2 مليار دولار من الصين بفائدة 1.8% لتمويل المراحل الثلاث المتبقية من المشروع.

في الوقت نفسه، أكدت الهيئة القومية للأنفاق على أن المشروع قد خدم حتى الآن تسع مدن بشرق القاهرة عبر مرحلتيه الأولى والثانية من خلال قطار كهربائي خفيف.

ورغم تلك التوقعات الطموحة التي بشرت بها الحكومة بخصوص المشروع، تشير البيانات إلى أن القطار بالكاد يحمل 1,000 راكب خلال الأيام الأولى لتشغيله، وهو ما يتناقض مع الأرقام التي تروج لها وزارة النقل والتي تفيد بأن القطار قادر على نقل مليون راكب يوميًا.

فخلال الشهور الثلاثة الأولى، أظهرت صور ومقاطع فيديو تداولها المواطنون عبر منصات التواصل الاجتماعي عزوفًا كبيرًا عن استخدام القطار، وهو ما أثار تساؤلات حول جدوى المشروع وسبب تراجع الإقبال عليه.

وبعد أكثر من عام على تشغيل القطار، سجلت الأرقام ضعفًا في أعداد الركاب، حيث بلغ متوسط عدد الركاب 115 راكبًا يوميًا فقط، وهو ما يتناقض مع الأرقام المعلنة بأن سعة القطار تتجاوز مليون راكب يوميًا.

من جانبها، أرجعت الحكومة عزوف الركاب إلى أسباب مؤقتة، متوقعة زيادة الإقبال مع انتقال الموظفين إلى العاصمة الإدارية الجديدة واكتمال مراحل المشروع.

بينما أظهرت التقارير أن تكاليف تشغيل رحلة واحدة للقطار من محطة عدلي منصور إلى العاصمة الإدارية تقدر بـ 4,560 دولارًا أمريكيًا، في حين أن إيرادات الهيئة القومية للأنفاق من هذه الرحلة لا تتجاوز 5,000 جنيه فقط، ما يعني أن المشروع يحقق خسائر كبيرة.

ورغم ذلك، أكدت وزارة النقل أن المشروع سيحقق أرباحًا كافية لاسترداد قيمة الأصول خلال 20 عامًا، دون أن تكشف عن أرقام دقيقة تتعلق بالإيرادات أو أعداد الركاب.

كما تطرقت الصحف إلى أن هناك إشاعات حول بيع أصول القطار بسبب العجز في الإيرادات، وهو ما نفته وزارة النقل، مؤكدة أنها تدرس فقط “الشراكة” في المشروع، ولم تذكر تفاصيل حول كيف يمكن للشراكة أن تسهم في تحسين الوضع المالي للمشروع.

ميدانيًا، قامت الصحافة المحلية بإجراء تجارب ميدانية في مدينتي الشروق وبدر، حيث أظهرت البيانات أن وسائل النقل البديلة لا تزال تحتفظ بأعداد كبيرة من الركاب.

فقد أظهرت حركة الركاب في مدينة الشروق ارتفاعًا في عدد الرحلات على خطوط النقل البديلة مقارنة بتوقعات الوزارة بشأن تقليص استخدام هذه الوسائل بعد تشغيل القطار.

فمثلاً، ارتفع عدد رحلات باصات “مواصلات مصر” من 24 رحلة يوميًا على خط العباسية إلى 27 رحلة بعد تشغيل القطار، وهو ما يعكس فشل القطار في تحقيق هدف تقليص الاعتماد على وسائل النقل البديلة.

وفي مدينة الشروق، وهي إحدى أكبر المدن شرق القاهرة، كانت تكلفة تذكرة القطار أقل من تكلفة وسائل النقل البديلة مثل سيارات الأجرة (الميكروباصات) التي كانت ما تزال تعمل بشكل مكثف حتى بعد تشغيل القطار.

أما في مدينة هليوبوليس الجديدة، فقد لاحظت التقارير أن السكان لا يستفيدون من وجود محطة للقطار على أطراف المدينة، حيث كانت المسافة بين المحطة وأماكن سكنهم تتراوح بين 5 و7 كيلومترات، ما يجعل الوصول إلى المحطة أمرًا صعبًا للغاية دون وسائل نقل إضافية.

ورغم الحديث عن أهمية القطار في تخفيف أزمة المواصلات في القاهرة الكبرى، فإن الوضع على الأرض يظل كما هو، حيث لا تزال أزمة النقل تزداد في مدن شرق القاهرة بسبب ضعف البنية التحتية للمواصلات الداخلية وغياب وسائل النقل العامة الفعالة.

أعلنت الحكومة في وقت لاحق عن بدء بناء المرحلة الخامسة من مشروع قطار العاصمة، والتي ستضيف المزيد من المحطات في المنطقة.

إلا أن هذا الإعلان لم يحل مشاكل النقل في المدن المجاورة، حيث أشار سكان هذه المناطق إلى أن المشروع لا يساهم في تحسين أوضاع المواصلات المحلية.

وعليه، يعكس مشروع قطار العاصمة الواقع السيئ للمواصلات العامة في القاهرة الكبرى، حيث يبقى القطار حلاً مؤقتًا لا يتماشى مع احتياجات السكان اليومية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى