القبض على أبو الفتوح مجددًا: تصعيد خطير لقمع المعارضة وتدمير حقوق الإنسان في مصر
فضح النظام المصري مجددًا انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان بحق أحد أبرز المعارضين له، عبدالمنعم أبو الفتوح، وذلك بقرار مثير للدهشة أصدرته نيابة أمن الدولة العليا بضمّ المرشح الرئاسي السابق إلى قضية جديدة تحمل اتهامات شديدة القسوة مثل “تولي قيادة جماعة إرهابية” و”تمويل الإرهاب”.
القرار الصادر في القضية رقم 786 لسنة 2020 جاء ليُضاف إلى سلسلة من الاعتقالات السياسية التي لا تنتهي، مستغلاً القضاء كأداة للانتقام من كل من يعارض السلطة.
هذا التصعيد ضد أبو الفتوح ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل القمع، حيث تقرر حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات في القضية الجديدة، رغم معاناته الصحية الخطيرة.
السجون أداة لتصفية الحسابات السياسية
يُحاكم عبدالمنعم أبو الفتوح الآن في قضية جديدة بينما يقضي عقوبة السجن 15 عامًا في قضية سابقة، حكم عليه فيها محكمة أمن الدولة طوارئ في 29 مايو 2022، التي صدّق عليها الحاكم العسكري في أكتوبر من نفس العام، لتصبح العقوبة نهائية وباتّة، غير قابلة للطعن.
منذ عام 2018، بدأت معركة أبو الفتوح ضد السلطة في السجون، حيث تم إيداعه في زنزانة انفرادية في سجن مزرعة طرة، ومن ثم تم نقله إلى سجن بدر 1، ليظل معزولًا تمامًا عن باقي السجناء لسنوات طويلة، في محاولة لتدميره معنويًا وصحيًا.
الضغط الممنهج: السجن الانفرادي والتعذيب الصحي
أصر النظام على إبقاء أبو الفتوح في زنزانة انفرادية، حيث لم يُسمح له بالاختلاط مع الآخرين أو التواصل مع باقي السجناء، ما جعله يعاني من عزلة تامة منذ أكثر من ست سنوات. هذه السياسة القمعية لا تقتصر على حرمانه من أي تواصل إنساني، بل تتجاوز ذلك إلى إهمال حالته الصحية التي تدهورت بشكل مروع.
يعاني أبو الفتوح من أمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم، مشكلات في القلب والتنفس، ورغم ذلك لا يُقدم له العلاج المناسب في الوقت المناسب.
في أول جلسة للتحقيق في القضية الجديدة، ظهر على أبو الفتوح علامات التعب والإرهاق الشديد، وهو ما اضطر محاميه نبيه الجنادي إلى طلب تأجيل الجلسة إلى الأحد المقبل بناءً على تدهور حالته الصحية.
قضية جديدة: توجيه التهم الجاهزة بلا دليل
التهمة الرئيسية التي وُجهت لعبدالمنعم أبو الفتوح في القضية الجديدة هي “تولي قيادة جماعة إرهابية” و”تمويل الإرهاب”، وهي تهم فضفاضة يتم استخدامها بشكل متكرر ضد أي معارض سياسي للنظام المصري.
مثل هذه الاتهامات لا تعتمد على أي أدلة حقيقية أو وثائق تبررها، بل هي مجرد أدوات لتصفية الخصوم وإخماد الأصوات المعارضة.
هذه التهم الجاهزة تُعتبر ضربًا من العبث السياسي الذي لا يمكن إلا أن يفضح النظام وأهدافه الحقيقية: القضاء على أي نوع من المعارضة وإحكام السيطرة المطلقة على البلاد.
انتهاكات مستمرة: محاكمات غائبة عن العدالة
لم تكن محاكمة أبو الفتوح في محكمة أمن الدولة طوارئ في مايو 2022 سوى تأكيد على انتهاك حقوقه بشكل صارخ. محكمة طوارئ لا تلتزم بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة، وهي مجرد أداة في يد النظام لإدانة كل من يعارضه.
كما أن الحكم الصادر ضده لا يتيح له الحق في الطعن أو الاستئناف، ما يجعل القضايا التي يتعرض لها تعبيرًا عن غياب العدالة تمامًا.
فهل يمكن تصور أن هذه الإجراءات تواكب أبسط حقوق الإنسان؟ بالطبع لا. بل هي بمثابة محاولة سحق أي محاولة للتمرد ضد النظام الذي لا يتوانى في قمع خصومه.
مستقبل مظلم لشخصيات المعارضة في ظل القمع المتواصل
ما يواجهه أبو الفتوح اليوم ليس مجرد استهداف لشخصه، بل هو رسالة مرعبة لكل من تسول له نفسه التحدث ضد النظام. حيث يجد كل معارض، سواء كان سياسيًا أو ناشطًا حقوقيًا، نفسه في مرمى الاتهامات الجاهزة والاعتقالات العشوائية.
تمثل القضايا التي يواجهها أبو الفتوح، فضلاً عن عزله القسري، جزءًا من سياسة شاملة تستهدف سحق الأصوات المعارضة والتخلص منها بأي طريقة كانت. إذ لم يعد الأمر يتعلق بمحاكمة عادلة، بل بمحاكمة ظالمة هدفها معاقبة كل من يعارض سياسات النظام.
حرب على الحقوق الإنسانية في مصر
المؤسف أن ما يحدث مع عبدالمنعم أبو الفتوح ليس حادثًا فرديًا، بل هو جزء من سياسة منهجية لتصفية كل من يواجه النظام ويعارضه. في ظل هذا القمع المتواصل، لا يقتصر الأمر على تدمير حياة الأفراد، بل هو محاولة لتدمير الحياة السياسية في مصر بشكل كامل.
هذا النوع من القمع لا يمكن أن يستمر دون أن يواجه رد فعل قوي من المجتمع الدولي، الذي يتحمل مسؤولية تاريخية في محاسبة النظام على انتهاكاته الممنهجة. فهل سيظل العالم صامتًا أمام هذه الانتهاكات، أم أن هناك من سيقف في وجه هذا الجحيم الذي يعيشه المعارضون في مصر؟