مقالات ورأى

أنور الرشيد يكتب: علقت في سوريا

الأسبوع الماضي ذكرت لكم في إحدى تغريداتي بأن سوريا ستدخل في نفق مظلم دموي سيستمر خمسين عاما تتدفق به دماء الشعب السوري ولن يسمي عليهم أحد. تواترت أنباء يوم أمس بأن سوريا على فوهة بركان وما أكد ذلك حجم التظاهرات التي عمَّت عدة مدن بالذات في اللاذقية ذات الأغلبية العلوية بعد الاعتداء على مرقد زعيمهم الديني من قبل عناصر من هيئة تحرير الشام أي جماعة الجولاني التي قدمت لشام الحضارة من بطون التاريخ لتطبق تعليماتها وقناعاتها المستمدة من تراث دموي لا علاقة له بالشريعة التي يتمسحون بها مطلقًا.

طبعا سينبري أصحاب الفكر المريض والأيدلوجية الدموية بالهجوم وتبرير ما يحدث بكل الطرق والوسائل وهذا ما سيزيد الحالة سوءًا وسيلان الدماء السورية تدفقًا مثلما حصل في كل الأنظمة ذات المرجعية الأيدلوجية الدينية سواء عبر التاريخ أو ما عاصرناه مثل ما شاهدنا في إيران والعراق وحتى في فلسطين اليمين المتطرف اليهودي الذي يتبنى الفكر الأصولي الديني ويسعى لتطبيق فكر مستمد من التاريخ بالاستيلاء على أراضي الغير لتحقيق نبوءة دينية مهما حدث وجرى وتدفقت دماء.

العالم اليوم يعيش في وضع كارثيّ واليمين الديني بكل أفرعه يتطور ويتدحرج على سفوح تلال الجماجم البشرية وسوريا مع الأسف لن تكون استثناءً بكل تأكيد لتكتمل حلقة النار التي تحيط بدول الخليج كما ذكرت يوم أمس بنصيحتي لهم.

ما أود أن أركز عليه في سوريا، وأقوله بأنها ستعلق في سوريا لعدة أسباب جوهرية:
أولاً: سيطرة الفكر الأصولي على المشهد في المنطقة سواء الإسلامي أو اليهودي.

ثانيًا: من المستحيل دول الجوار أن تقبل بدولة مدنية ليبرالية تتمتع بالحرية والديمقراطية.

ثالثًا: في العقد الماضي منذ انطلاق الثورة الشعبية في درعا ظهر بعدها تجار حروب، وهؤلاء ليس من مصلحتهم توقف الصراع.

رابعًا: مصالح الدول المحيطة، كل دولة تريد حصتها من الكعكة السورية التي نخرها فساد وطائفية عقود حكم البعث واليوم الشعب السوري هو من يدفع ثمن هذا العبث في حكم البعث.

اللهم، الطف بالشعب السوري وأبعد عنه سوء المنقلب ولا خيار أمامهم غير التمسك بوحدتهم والمحافظة على ما تبقى من أسس الدولة لعلها تكون قادرة على حمايتهم من شلالات الدم القادمة، وهذا ليس تشاؤمًا بقدر ما هو قراءة معطيات الواقع لتلافي تداعياته والأهم والمهم الاستفادة من تجارب العقود القليلة الماضية من التجربة العراقية والليبية والصومالية واليمنية وحتى الإيرانية التي لا تزال عالقة بوحل السلاح وبحور الدماء والسجون والمعتقلات السوداء فقط الالتفاف والنظر لنتائجها كفيلة بأن تعيد العقل والمنطق لمكانه.
يقول أبو العتاهية:
هِيَ الأَيّامُ وَالعبرُ وَأَمرُ اللَهِ يُنتَظَرُ ***أَتَيأَسُ أَن تَرى فَرَجاً فَأَينَ اللَهُ وَالقَدَرُ

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى