يتجلى الفساد في محافظة أسيوط، بأبشع صوره، حيث يستمر اللواء هشام أبوالنصر محافظ أسيوط ونائبه الدكتور مينا عماد نائب المحافظ في تجاهل الطرق والشوارع التي لا يمران بها، تاركين أحياء ومراكز بأكملها تعاني من الإهمال، رغم أن هذه الشوارع مدرجة ضمن خطط التنمية.
المثال الصارخ على هذا الإهمال الفاضح هو شارع عبداللطيف يوسف التابع لحي شرق أسيوط، الذي كان يفترض أن يُرصف ضمن الخطة الاستثمارية للعام المالي الماضي 2024/2023 والتي انتهت في 30 يونيو الماضي.
ورغم الوعود السابقة التي تلقاها المواطنون من اللواء هشام آمنة وزير التنمية المحلية السابق، لم يتم تنفيذ أي من تلك الوعود، ما يكشف عن تقاعس واضح وتورط وزارة التنمية المحلية ومحافظة أسيوط في فساد علني.
في ظل هذا الوضع الكارثي، نجد أن اللواء هشام أبوالنصر محافظ أسيوط لا يتوقف عن التباهي بإنجازات مزعومة، مدعومة بظهور إعلامي زائف على مواقع التواصل الاجتماعي، في حين أن شوارع مثل شارع عبداللطيف يوسف وغيرها من شوارع أحياء المحافظة تعاني من الإهمال التام.
ويبدو أن ما يشغل محافظ أسيوط ونائبه ليس رفاهية المواطنين أو تحسين البنية التحتية للمحافظة، بل الظهور الإعلامي والشو الزائف الذي يسعى إليه بشتى الطرق.
من المفارقات الفاضحة أن اللواء هشام أبوالنصر أصدر بيانًا رسميًا، نُشر على صفحة ديوان عام محافظة أسيوط على موقع “فيسبوك”، يتحدث فيه بفخر عن رفع كفاءة الطرق والشوارع بالمحافظة.
وجاء في البيان أن المحافظة تنفذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي ضمن رؤية مصر 2030، مؤكداً على تقديم كافة سبل الدعم لتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين، خاصة في قطاع الطرق، والعمل على تحسين حركة النقل والمركبات والحفاظ على المظهر الجمالي للمحافظة.
لكن هذا البيان، الذي لا يعدو كونه مجرد كلمات لا أساس لها على أرض الواقع، يتناقض تمامًا مع الحقيقة المرة التي يعيشها سكان شارع عبداللطيف يوسف ومناطق أخرى في أسيوط، حيث لم يروا أي تحسينات أو إصلاحات رغم إدراجها في خطط الدولة.
ويستمر اللواء هشام أبوالنصر في خداع المواطنين بتصريحات جوفاء، منها ما جاء في بيانه الأخير حول أعمال رصف منطقة الوليدية بحي شرق أسيوط، حيث أشار إلى إشراف مديرية الطرق والكباري بقيادة المهندس أحمد صلاح فخري على تنفيذ الطبقة الإسفلتية النهائية تحت إشراف وحدة مشروع الرصف بقيادة المهندس أسامة أحمد مدير المشروع، وبمشاركة مسؤولي حي شرق.
وفي الوقت نفسه، يظل شارع عبداللطيف يوسف شاهداً على إهمال متعمد وفساد صارخ.
الحقيقة التي يحاول المسؤولون في محافظة أسيوط التغطية عليها هي أن الأعمال المنفذة في شوارع معينة تخضع لمعيار وحيد: ما إذا كان الشارع يقع ضمن خط سير المحافظ أو نائبه.
أما الشوارع الأخرى، فلا يلتفت إليها أحد مهما كانت الشكاوى والمطالبات. هذا الوضع يثير تساؤلات عديدة حول مصير الأموال التي تم تخصيصها لعمليات الرصف والتطوير، خاصة وأن هذه الأموال إما أنها لم تُنفق على الإطلاق، أو أنها ضاعت في مشاريع وهمية وغير مكتملة.
إن إهدار المال العام في محافظة أسيوط أصبح أمرًا مكشوفًا للجميع. فاللواء هشام أبوالنصر حول المحافظة إلى “عزبة” خاصة به وبنائبه الدكتور مينا عماد، حيث يتم إنفاق الأموال العامة على مشاريع تفتقر إلى الشفافية، في الوقت الذي يعاني فيه المواطنون في مناطق أخرى من سوء البنية التحتية وتدهور الخدمات. إنكار هذا الفساد أصبح مستحيلاً، مع تزايد الأدلة على التمييز الفاضح في تقديم الخدمات بين المناطق.
وبينما يواصل المحافظ ونائبه الترويج لإنجازات وهمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تعاني مناطق واسعة من الإهمال، وهو ما يضعف ثقة المواطنين في الإدارة المحلية.
ولم تعد شكاوى المواطنين مجرد مطالبات بتحسين الخدمات، بل تحولت إلى نداءات يائسة من أجل وقف هذا الإهدار العلني للمال العام. ورغم تكرار تلك الشكاوى، إلا أن ردود الفعل تأتي إما بالتجاهل أو الوعود الزائفة التي لا تُنفذ أبدًا.
إن الأدهى من ذلك هو أن الجهات الرقابية تبدو غائبة تمامًا عن مشهد الفساد هذا، ما يتيح للمسؤولين في محافظة أسيوط الاستمرار في إهدار المال العام دون حسيب أو رقيب.
ويبدو أن اللواء هشام أبوالنصر يجد في هذه الفوضى فرصة مثالية للتغطية على الفشل الإداري والإهمال، مستغلاً عدم وجود محاسبة فعلية لتبرير هذا الوضع المتردي.
ويبقى السؤال الكبير: إلى متى ستظل محافظة أسيوط تحت رحمة هذا الفساد المستشري؟ هل سيستمر إهدار المال العام بهذا الشكل العلني؟
وهل سيتمكن اللواء هشام أبوالنصر ونائبه من الإفلات من المحاسبة على هذا الفساد؟ إن هذه التساؤلات تطرح نفسها بشدة في ظل ما تشهده المحافظة من تدهور في الخدمات والبنية التحتية.
وإذا لم يتم التدخل السريع من قبل الجهات المعنية لمحاسبة المسؤولين ووضع حد لهذا الانفلات، فإن الوضع في محافظة أسيوط مرشح لأن يزداد سوءًا يوماً بعد يوم.