جرافات الاحتلال تواصل تدمير المقدسات ويفر مستوطنوه للملاجئ بعد صواريخ اليمن المزلزلة
في مشهد يعكس الانحطاط الأخلاقي للاحتلال الإسرائيلي وتفاقم الانتهاكات المتعمدة ضد المقدسات الإسلامية في فلسطين، أقدمت جرافات الاحتلال على هدم أجزاء من مسجد السلام في مخيم طولكرم بالضفة الغربية.
هذا العدوان على أحد بيوت الله لا يمكن اعتباره مجرد حادث عابر، بل هو دليل آخر على السياسة الممنهجة التي يتبعها الاحتلال لتدمير الهوية الدينية والثقافية للشعب الفلسطيني.
إن استهداف المساجد يكشف عن نية الاحتلال في إهانة المسلمين بشكل مباشر واستفزاز مشاعرهم دون أدنى اعتبار للمعايير الدولية أو الدينية، في محاولة لترسيخ هيمنته الباطلة على الأرض الفلسطينية.
التدمير المتعمد لأماكن العبادة هو تكتيك يسعى الاحتلال من خلاله إلى كسر إرادة الفلسطينيين، وإرسال رسالة وقحة بأنهم لا يحترمون أي قانون أو قيم إنسانية.
المسجد، الذي كان رمزا للمقاومة والصمود، أضحى اليوم شاهدا جديدا على حجم الوحشية التي يمارسها الاحتلال بلا هوادة.
هل يظن الاحتلال أن هدم مسجد سيكسر روح المقاومة أو يقضي على عزيمة الشعب الفلسطيني؟ يبدو أن هذه الحملة المستمرة لن تؤدي إلا إلى تأجيج مشاعر الغضب والإصرار على مواجهة هذا الكيان الغاصب الذي لا يحترم المقدسات ولا القيم الإنسانية.
وفي تطور آخر يعكس حالة الفوضى الداخلية التي يعاني منها الكيان الإسرائيلي، أعلن الإسعاف الإسرائيلي عن إصابة أكثر من 20 مستوطنا وسط الأراضي المحتلة أثناء اندفاعهم إلى الملاجئ بعد إطلاق صاروخ من اليمن باتجاه تل أبيب ومدن أخرى.
المشهد الفوضوي للمستوطنين الهاربين إلى الملاجئ يعكس الهشاشة الأمنية التي بدأت تتكشف داخل إسرائيل، الدولة التي طالما تباهت بقدرتها على حماية شعبها، تجد نفسها اليوم في حالة من الذعر المستمر نتيجة التصعيد غير المتوقع من خارج حدود فلسطين.
المستوطنون المصابون بحالة الهلع ليسوا سوى ضحايا لسياسات حكومتهم التي أوهمتهم بالأمان، بينما الحقيقة أن الداخل الإسرائيلي أصبح مسرحا للانفجارات والخوف المتزايد.
جيش الاحتلال، في محاولة بائسة لاحتواء الموقف، أعلن إطلاق صفارات الإنذار في تل أبيب وعدة مناطق أخرى، بعد اعتراض الصاروخ الذي أُطلق من اليمن.
وعلى الرغم من نجاح منظومات الدفاع الجوي في اعتراض الصاروخ، فإن حالة الفوضى والهلع التي أصابت المستوطنين تدل على أن الأمور خرجت عن السيطرة.
الهجوم اليمني، الذي يعكس تغيرا استراتيجيا خطيرا، فتح جبهة جديدة أمام إسرائيل، التي كانت تحسب أن قوتها العسكرية قادرة على حمايتها من أي تهديد.
ولكن الواقع المرير أظهر أن الاحتلال بات مهددا من جميع الجبهات، وأن الفشل في حماية مستوطنيه سيعمق أزمة الثقة بين الحكومة والشعب الإسرائيلي.
الهجوم الصاروخي من اليمن يمثل تصعيدا خطيرا لم يكن في حسابات قادة الاحتلال الذين وجدوا أنفسهم أمام عدو جديد في ساحة صراع متسعة، حيث لم يعد الصراع محصورا بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بل بات يمتد إلى قوى إقليمية تسعى إلى توجيه ضربات للاحتلال في عمق الأراضي المحتلة.
هذا التصعيد يكشف عن ضعف الكيان الإسرائيلي، الذي لم يعد قادرا على مواجهة هذه التهديدات المتزايدة، فيما يعكس حالة الانكشاف الأمني الداخلي وانعدام القدرة على الردع.
وفي ظل هذا الوضع الكارثي، هل ستتمكن إسرائيل من الصمود في مواجهة هذا التوسع المتسارع للصراع؟ أم أن الأوضاع ستتدهور بشكل أكبر لتؤدي إلى مواجهة شاملة تمتد على أكثر من جبهة؟ الهجوم الصاروخي القادم من اليمن ليس إلا مؤشرا على أن المعركة بدأت تأخذ منحى أكثر خطورة، وأن إسرائيل أصبحت هدفا مكشوفا لكل من يسعى إلى تحدي سياساتها العدوانية في المنطقة.
إن هدم مسجد السلام في طولكرم ليس مجرد جريمة ضد الفلسطينيين، بل هو إعلان حرب ضد كل ما يمثله الإسلام في هذه الأرض، وهذه السياسة الإسرائيلية المتهورة قد تشعل نار غضب لا يمكن السيطرة عليها.
ما يفعله الاحتلال اليوم من تدمير للمقدسات، إضافة إلى حالة الفوضى الداخلية التي يعيشها بسبب الصواريخ الموجهة نحو عمقه، يمثل انعكاسا لفشل ذريع في إدارة الصراع الذي طالما سعى إلى حصره داخل الحدود الفلسطينية.
ولكن المعادلة تغيرت، وها هي جبهات جديدة تفتح ضد الاحتلال في وقت يعاني فيه من أزمة سياسية واقتصادية خانقة.
هذا المشهد الجديد، الذي يجمع بين هدم مقدسات الفلسطينيين من جهة، وتصاعد الهجمات الصاروخية على إسرائيل من جهة أخرى، يعكس بوضوح أن الاحتلال الإسرائيلي يقف اليوم على حافة انهيار أمني وسياسي، بينما تستمر المقاومة في التوسع والانتشار، مهددة بزوال هذا الكيان الذي لا يحترم حرمة المقدسات ولا كرامة الشعوب.