تقاريرمصر

الحكومة المصرية تبني قصرين رئاسيين بمليارات والجوع يلتهم 60 مليون مصري

في وقت يعاني فيه الشعب المصري من أزمات اقتصادية خانقة، تقوم الحكومة المصرية بإنفاق أموال طائلة على بناء قصور رئاسية جديدة تضاف إلى ما تمتلكه الدولة من مبانٍ فخمة يقتصر استخدامها على كبار المسؤولين.

يتساءل العديد من المصريين: كيف يمكن للحكومة أن تبرر بناء قصرين رئاسيين جديدين في العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين في ظل الفقر المتزايد الذي يعاني منه الشعب؟ هذه التحف الفنية التي تفتخر بها الحكومة هي رمز للتبذير والإسراف في الوقت الذي يعاني فيه المواطنون من شظف العيش.

منذ إعلان الجمهورية في عام 1952، لم يتم بناء أي قصر رئاسي في مصر، بحسب الإعلامي نشأت الديهي. ولكن في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، تم بناء قصرين جديدين أحدهما في العاصمة الإدارية الجديدة والآخر في مدينة العلمين.

هذه الخطوة تأتي وسط تزايد الانتقادات حول فساد الحكومة وتقاعسها في مواجهة الأزمات الحقيقية التي تهدد حياة المصريين اليومية، مثل تدهور الخدمات الصحية والتعليمية والبطالة المستفحلة وارتفاع تكاليف المعيشة.

الإعلامي أحمد موسى، المعروف بولائه للنظام، صرح بأن “هذه المشروعات تهدف إلى تحسين صورة مصر أمام العالم وتعكس حضارتها وتاريخها ومستقبلها”.

ولكن هذه الادعاءات لا تبرر تبذير المليارات من الجنيهات على مشروعات لا تمس حياة المواطنين بأي شكل مباشر. الشعب الذي يعاني من البطالة والفقر وارتفاع الأسعار لا يهتم بصورة بلده أمام العالم بقدر اهتمامه بتوفير لقمة العيش وضمان تعليم جيد لأبنائه ورعاية صحية تليق بالإنسان.

من جانبه، أشار الإعلامي مصطفى بكري إلى أن “القصر الرئاسي الجديد يليق بمصر وسيكون إرثًا تتوارثه الأجيال”. هذه التصريحات تعكس حجم الانفصال بين النخب السياسية والإعلامية وبين الشعب الذي يتحمل العبء الأكبر من السياسات الاقتصادية الفاشلة.

لا يمكن أن يعتبر بناء القصور إرثًا للشعب في الوقت الذي لا يجد فيه الكثير من المصريين مأوى مناسبًا، ويعيش الملايين في مناطق عشوائية تفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة.

الحكومة المصرية، التي تتحدث عن أولوية تحسين البنية التحتية وجذب الاستثمارات الأجنبية، تتجاهل الأصوات الناقدة التي تطرح أسئلة مشروعة حول أولويات الإنفاق العام. في حين يتم الحديث عن مشروعات كبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة وبناء القصور الرئاسية، لا يزال الكثير من المواطنين يعانون من نقص الخدمات الأساسية مثل المياه النظيفة والكهرباء والصرف الصحي.

كيف يمكن لحكومة تدعي الاهتمام بالشعب أن تنفق على القصور الفاخرة بينما تعجز عن توفير هذه الاحتياجات الأساسية؟

الإعلام المصري الموالي للنظام يلعب دورًا رئيسيًا في تلميع صورة هذه المشروعات والتغطية على الحقائق التي تهم الشعب.

يتم تقديم بناء القصور على أنه إنجاز تاريخي يعزز من مكانة مصر على الساحة الدولية، لكن الواقع أن هذه المشروعات تمثل تبديدًا للموارد العامة في مشروعات غير ضرورية في وقت يعاني فيه الشعب من أزمة معيشية خانقة.

يقدر الخبراء أن تكلفة بناء القصرين الجديدين تصل إلى مليارات الجنيهات، وهذه الأموال كان من الممكن استخدامها لتحسين أوضاع الصحة والتعليم وتوفير فرص العمل للشباب.

الحكومة المصرية تتجاهل هذه الاحتياجات العاجلة وتصر على إكمال مشروعاتها الفاخرة التي تخدم فقط القلة القليلة من النخبة السياسية والاقتصادية.

الرئيس السيسي، الذي يتحدث في خطاباته عن أهمية ترشيد الإنفاق وتقليص المصاريف الحكومية، يبدو أنه يتبنى سياسات متناقضة. فبينما يطالب الشعب بالصبر على الأزمات الاقتصادية والتضحيات المستمرة، يُبنى القصور الجديدة بأموال دافعي الضرائب، الذين لا يرون في هذه المشروعات إلا استفزازًا لمشاعرهم في وقت يعانون فيه من ضيق العيش.

بالإضافة إلى بناء القصور، تتجاهل الحكومة المصرية المشروعات الحيوية التي يحتاجها الشعب بشدة. فمثلاً، هناك تقاعس واضح في تحسين قطاع التعليم الذي يعاني من نقص في التمويل وتدهور في البنية التحتية.

كما أن الخدمات الصحية في البلاد تشهد تراجعًا كبيرًا، والمستشفيات الحكومية تعاني من نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، مما يؤدي إلى تدهور الحالة الصحية للكثير من المواطنين.

الأزمات الاقتصادية التي تعصف بمصر لم تكن سببًا كافيًا لإيقاف الحكومة عن تنفيذ مشروعات التبذير. وبدلاً من التركيز على تحسين حياة المواطنين، يبدو أن الحكومة تركز جهودها على إرضاء النخب السياسية والحفاظ على صورة الدولة أمام العالم الخارجي، حتى وإن كان ذلك على حساب المواطنين.

المصريون يتساءلون اليوم عن العدالة في توزيع الثروات وعن دور الحكومة في مواجهة الفساد. في الوقت الذي تنفق فيه المليارات على بناء القصور الفاخرة، يتم تجاهل القضايا الحيوية التي تمس حياة المواطنين اليومية. هذا يعزز من الشعور بالغبن والظلم بين فئات كبيرة من الشعب، ويزيد من الفجوة بين الأغنياء والفقراء في مصر.

من الواضح أن الحكومة المصرية تحتاج إلى إعادة النظر في سياساتها وأولوياتها. بناء القصور الفاخرة لا يعكس سوى انفصال النخب السياسية عن واقع المواطنين، ولا يعبر عن الإرث الحقيقي الذي يحتاجه المصريون، وهو العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.

الشعب المصري يحتاج إلى مشروعات تحسن من مستوى معيشته وتوفر له فرص العمل والرعاية الصحية والتعليم الجيد، وليس إلى قصور فاخرة تتوارثها الأجيال

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى