محافظة أسيوط، تلك البقعة التي كانت من المفترض أن تكون نموذجًا يحتذى به في التنمية والنهوض بالاقتصاد المحلي، تحولت على يد اللواء هشام أبوالنصر، محافظ أسيوط، إلى بؤرة من الفساد الإداري والتقصير المتعمد.
ليس فقط أن المحافظ يتباهى بإنجازات وهمية على شاشات الإعلام، بل إن الواقع المرير يعكس حقيقة أخرى؛ حقيقة أن أسيوط تشهد تدهورًا مستمرًا في مختلف القطاعات بسبب انعدام المسؤولية من قبل قيادة المحافظة.
وزيادة في الفضائح، نجد أن كل المحاولات التي يبذلها اللواء هشام أبوالنصر، ونائبه الدكتور مينا عماد، في استغلال وسائل الإعلام والترويج لأنفسهم لا تلبث أن تنهار أمام الحقائق الملموسة على الأرض التي تعكس تقاعسًا وتقصيرًا في أداء المهام المناطة بهما وبمسؤولين آخرين وهذا التقاعس أصبح واضحًا في العديد من المجالات، مما يعكس فسادًا إداريًا وماليًا يهدد مستقبل المحافظة وأبناءها.
في الآونة الأخيرة، قام اللواء هشام أبوالنصر بإصدار العديد من البيانات الصحفية، مثل التصريحات التي تم نشرها على صفحات محافظة أسيوط الرسمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يكتفِ اللواء هشام أبوالنصر بمحاولة تلميع صورته عبر الإعلام المحلي، بل أصبح يستخدم منصبه لإعادة الترويج لنفسه في برامج إعلامية على قنوات حكومية في الوقت الذي تغرق فيه أسيوط في الفقر والبطالة.
هذا الرجل، الذي يعشق الظهور الإعلامي ويعتبر القنوات الموالية للحكومة منصة لتلميع اسمه، يكذب كل يوم على أبناء المحافظة في مشهد درامي يضع الفجوة بين الواقع والادعاء على مرأى من الجميع.
كيف يمكن أن يتحدث عن “دعم المستثمرين” و”تعزيز دور الشباب” في وقت تُضيع فيه أسيوط مواردها بسبب الفساد والرشاوى وعدم الكفاءة في إدارة المشاريع؟
وفي إطار استعراضه للإنجازات الوهمية، يطل علينا اللواء أبوالنصر بين الحين والآخر عبر شاشة قناة “اكسترا لايف” ليظهر وكأن المحافظة في أوج ازدهارها.
يدعي دعم الشباب وتوفير فرص عمل، بينما حقيقة الحال هي أن أسيوط تشهد أكبر معدلات البطالة في صعيد مصر.
أين هي تلك المبادرات التي يدعي أنها تعزز التنمية المحلية؟ أين هي المشاريع التي كانت تُروج كأمل للمواطنين؟ لا شيء على الأرض، سوى وعود فارغة تنكشف مع مرور الوقت.
ومما يزيد الأمور سوءًا هو الدعم الإعلامي المكثف الذي يتم تقديمه للواء أبوالنصر عبر القنوات الفضائية والمواقع الموالية للحكومة، حيث يظهر في مقابلات وبرامج مثل “صباحنا مصري” و”صباح الخير يا مصر” و”إكسترا لايف”، وهي محطات تحاول تعزيز صورته وتجميل سمعته على حساب الواقع الصعب الذي يعيشه المواطن في أسيوط.
يشارك في هذه الظهورات الإعلامية الكثير من المسؤولين مثل الدكتور مينا عماد نائب المحافظ، والدكتور محمود عبد العليم نائب رئيس جامعة أسيوط، والمهندسة وفاء محروس مديرة إدارة الاستثمار، بالإضافة إلى بعض المسؤولين الآخرين الذين بدورهم يسهمون في تلميع صورة المحافظ في الوقت الذي يواجه فيه المواطن الأسيوطي العديد من الأزمات.
ففي التقرير الأول، يظهر المحافظ في جولة تفقدية لمصنع للمستلزمات الطبية في المنطقة الصناعية بعرب العوامر، إلا أن البيانات الصحفية التي وردت تشير إلى أن المصنع، الذي يقال إنه من أكبر المصانع في الشرق الأوسط، يعاني من مشاكل متعددة ويقوم بتقديم منتجات لم ترقَ إلى المعايير الدولية في العديد من الحالات.
وعلى الرغم من الحديث عن توفير فرص عمل تصل إلى 1200 فرصة عمل لأبناء أسيوط، فإن هذه الأرقام بعيدة عن الواقع الفعلي للمصانع المحلية التي تعاني من صعوبات في التشغيل بسبب نقص الدعم الحقيقي من المحافظة وغياب الحوافز الجادة للمستثمرين.
أسيوط بحاجة إلى خلق فرص عمل حقيقية، لا إلى الحديث عن مصانع فارغة تلتهم أموال الدولة وتوظف “أبناء السلطة” وليس المواطنين الفقراء.
وفي البيان الثاني، يعقد اللواء أبوالنصر لقاء مع مجموعة من الكيانات الشبابية في المحافظة، حيث يستعرض الأفكار والمبادرات، ويحث على تعزيز دور الشباب في التنمية المحلية، مروجًا لذلك على أنه جزء من رؤية القيادة السياسية وتوجهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ولكن، هذا اللقاء ليس أكثر من مجرد إلقاء وعود فارغة من أي حلول ملموسة. فالمشاكل التي يعاني منها الشباب في أسيوط تتفاقم يومًا بعد يوم، مثل قلة فرص العمل وغياب الدعم الفعلي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، في الوقت الذي لا يرى الشباب أي تغييرات إيجابية على الأرض. هذه اللقاءات التي تعقد مع الشباب غالبًا ما تكون للاستهلاك الإعلامي ولتبرير غياب الحلول الفعلية.
ثم يأتي الدور على نائب المحافظ، الدكتور مينا عماد، الذي يزعم هو الآخر أنه يعمل على “تطوير أسيوط”. لكن الحقيقة هي أن كل تلك الوعود التي يقدمها، لا تساوي الحبر الذي كتبت به.
هل لم يلاحظ مينا عماد أن كل المشاريع التي تشهدها أسيوط لا تخرج عن إطار التلاعب بالألفاظ؟ تدعي المحافظة أنها تدعم مشاريع تدوير المخلفات مثل مخلفات الموز والألياف والنخيل، بينما الفساد المالي والرشاوى يقف في الطريق أمام هذه المشاريع الصغيرة التي كان من المفترض أن تخلق فرص عمل حقيقية.
بدلاً من ذلك، نجد أن تلك المشاريع مجرد “شو إعلامي” آخر يعزز من صورته وصورة محافظه. ولم يُذكر على الإطلاق أي تقدم حقيقي في هذه المشاريع؛ كل ما في الأمر أن هذه الوعود تحولت إلى فقاعة كبيرة لا يوجد لها أي أثر في الواقع.
وتستمر محافظات الصعيد في المعاناة من غياب التنمية الحقيقية، في وقت يُروج فيه المسؤولون المحليون لإنجازات وهمية على الشاشات الفضائية. على الرغم من أن أسيوط تملك مقومات طبيعية وبشرية هائلة، إلا أن الفساد المستشري في أرجاء المحافظة يعوق أي محاولة للنهوض.
فعلى سبيل المثال، يعد مشروع تدوير مخلفات البلاستيك وإنتاج الأسمدة من مخلفات الموز جزءًا من المشاريع التي يتفاخر بها المحافظ ونائبه، إلا أن هذه المشاريع لا تجد الدعم المطلوب على أرض الواقع. ولا ننسى أن الفساد في أسيوط لا يقتصر فقط على عدم تطوير هذه المشاريع بل يشمل أيضًا الفساد في توزيع الأراضي وعدم التزام المسؤولين بتوفير الحوافز للمستثمرين الجادين، مما يزيد من تفشي البطالة ويضع عائقًا أمام أي خطة للنمو المستدام.
أما على صعيد الفساد المستشري في كل أرجاء المحافظة، فلا يمكن تجاهل ما يحدث من إهدار للمال العام. مشاريع ضخمة قيل إنها ستدعم الاقتصاد المحلي وتحسن من مستوى الحياة، في حين أنها تظل مجرد أرقام على ورق، لا تتحقق أبدًا على أرض الواقع.
أما المسؤولون عن هذه المشاريع، من المحافظ ونائبه إلى باقي القيادات المحلية، فيبدون مشغولين فقط بالظهور الإعلامي والبحث عن الفرص لتلميع صورتهم. هل هذه هي الطريقة التي يتم بها استثمار أموال الدولة؟ أم أن المال العام يُهدر ويُسرق على يد هؤلاء المسؤولين، بينما المواطنون يعانون في صمت؟
بالإضافة إلى ذلك، يستمر الفساد المالي والإداري في العديد من القطاعات، خاصة مع غياب الرقابة الفعالة على مشاريع التنمية. فبالرغم من كل البيانات الصحفية التي يعلنها اللواء أبوالنصر، لا يبدو أن هناك أي خطوات فعلية لتحسين الوضع المالي والإداري في المحافظة.
تتزايد شكاوى المواطنين من الإهمال الذي يعانون منه يوميًا في حياتهم المعيشية، سواء في توفير الخدمات الصحية أو التعليمية أو في تحسين البنية التحتية. وفي ظل هذه الظروف، يصبح من الصعب تصور أي تحسينات حقيقية في ظل استمرار غياب المسؤولية من جانب المسؤولين، وأبرزهم اللواء هشام أبوالنصر ونائبه الدكتور مينا عماد.
إجمالًا، تظل تصريحات اللواء هشام أبوالنصر ونائبه مجرد محاولات إعلامية لتجميل الواقع المرير الذي يعانيه المواطن الأسيوطي.
وإذا استمر هذا الوضع دون محاسبة حقيقية من الجهات المعنية، فإن مستقبل أسيوط سيكون في خطر حقيقي، والفساد المستشري في أرجاء المحافظة سيستمر في تدمير أي فرصة للنمو والتقدم.
إن هذه النماذج من الفساد والتقاعس عن المسؤولية، التي يتبعها اللواء هشام أبوالنصر ونائبه الدكتور مينا عماد، ليست مجرد خيبة أمل فحسب، بل هي جريمة حقيقية في حق هذا الشعب المسكين. لن تكف التقارير الإعلامية والتغطيات الصحفية عن فضح هذا الفشل المدمر.
وكلما استمر هؤلاء في استخدام الإعلام لتلميع صورهم، سيظل المواطن الأسيوطي يدفع ثمن هذا الفساد والإهمال، وستظل المحافظة في دائرة مغلقة من الفشل.
فلا يمكن إخفاء الحقيقة، مهما كانت التغطية الإعلامية أو الشائعات التي يحاولون ترويجها. إن أسيوط بحاجة إلى قيادة حقيقية، قيادة تلتزم بالقضايا التي تمس حياة الناس، وتؤمن بأن العمل الجاد هو الطريق الوحيد للتغيير. أما هؤلاء المسؤولون، فكل ما يفعلونه هو تزييف الواقع وتضليل الشعب.
والأسوأ من ذلك، أنهم يظنون أن الإعلام يمكنه أن يغطي على فسادهم وإهمالهم المتواصل. لكن الحقيقة لا بد أن تنكشف في النهاية، وسوف يظل المواطن الأسيوطي يصرخ بحثًا عن حياة كريمة، بينما يكتفي المحافظ ونائبه بالظهور الإعلامي، مستمرين في خداعهم المستمر.
وتبقى الأسئلة الملحة التي يجب أن يواجهها اللواء هشام أبوالنصر ونائبه وجميع المسؤولين في أسيوط: لماذا لم تحقق هذه المشاريع التنموية أي نتائج على الأرض؟ ولماذا تستمر الصورة الإعلامية المضللة في غياب الحلول الفعلية؟ الإجابة على هذه الأسئلة هي ما يجب أن يسعى إليها المواطنون والمسؤولون في أسيوط لوقف هذا النزيف من الفساد والتقاعس.