تقارير

مقتل شاب مصري في غارة إسرائيلية مُحتملة: جريمة تتحدى كل حدود الإنسانية

في جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي المصرية، لقي الشاب المصري جهاد يوسف أبو عقله مصرعه في غارة جوية إسرائيلية على شمال سيناء يوم السبت 21 ديسمبر 2024، وسط صمت رسمي مريب من السلطات المصرية، التي سعت بكل قوتها للتعتيم على الواقعة.

تفاصيل الحادثة تكشف عن تعمد واضح للاستخفاف بالحياة الإنسانية على الأراضي المصرية، في وقت تتزايد فيه الخروقات العسكرية الإسرائيلية.

الأمر الذي لا يمكن تجاهله هو ما كشفته مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان من معلومات صادمة، حيث حصلت على مقاطع مصورة وأجرت لقاءات مع شهود عيان أظهروا بوضوح أن الطائرة الحربية التي نفذت الهجوم كانت من طراز F-16I Sufa، وهي طائرة حربية إسرائيلية بتمويه صحراوي خاص.

هذه الطائرة، التي حلقت على ارتفاع منخفض للغاية، لم تكن وحدها في سماء المنطقة، بل كانت تتبعها مسيرتان، واحدة منها أُسقطت بالقرب من قرية البرث جنوب رفح.

في لحظة الهجوم، فشل الصاروخ الإسرائيلي في إصابة هدفه الأصلي، الذي كان أحد المسيرات، ليتحول إلى جريمة مأساوية، حيث أصاب السيارة التي كان يقودها الشاب جهاد يوسف، البالغ من العمر 18 عامًا. الحادث أسفر عن تدمير تام للسيارة، ولم يترك للشاب أي فرصة للنجاة، إذ تم تحويل جسده إلى أشلاء.

فيما يبدو أن السلطات المصرية كانت قد قررت إبقاء هذه الجريمة طي الكتمان. فقد تم دفن جهاد أبو عقله دون إجراء تحقيق رسمي أو إصدار شهادة وفاة، في محاولة واضحة للتهرب من محاسبة القاتل الحقيقي.

يضاف إلى ذلك أن محاضر الحادثة لم تُسجل، وكل ما جرى هو أن بعض أفراد الجيش المصري وصلوا إلى موقع الحادث، ثم غادروا دون أي إجراء قانوني.

من خلال التحقيقات التي أجرتها المؤسسة، تأكدت أن الطائرة الحربية التي نفذت الهجوم كانت إسرائيلية بشكل قاطع. فقد أكد خبير عسكري متخصص في الطيران الحربي أن الطائرة التي ظهرت في الصور التي أُخذت من الحادث هي من نوع F-16I Sufa، وهي طائرة إسرائيلية متطورة للغاية تستخدم في الهجمات الهجومية الدفاعية.

التمويه الصحراوي المميز لهذه الطائرات والذي يتكون من درجات البيج والبني الفاتح لا يمكن أن يكون موجودًا في أي طائرة حربية مصرية، مما يجعل من المستحيل أن تكون الطائرة مصرية.

هذه الطائرة، المزودة بأنظمة متطورة مثل رادار AN/APG-68، جعلت الهجوم أكثر دقة وقوة، حيث كانت قادرة على استهداف أهداف متعددة في وقت واحد، كما أنها تحتوي على خزانات وقود خارجية لتعزيز قدراتها في عمليات طويلة المدى.

أما عن شهادات أقارب الضحية، فقد أكد أحد أفراد عائلة الشاب جهاد أنهم كانوا في طريقهم لزيارة عائلية في منطقة العجراء بالقرب من مضارب قبيلة الترابين، عندما استهدفتهم الطائرة الإسرائيلية بصاروخ، وراح جهاد ضحية لهذا الهجوم دون رحمة.

الحكاية لم تنته هنا، حيث أشار أقارب جهاد إلى أن الطائرة التي نفذت الهجوم عبرت الحدود وعادت إلى إسرائيل في وقت قياسي، تاركة وراءها أشلاء الضحية.

لكن المصيبة لا تتوقف عند هذه الحادثة فقط. فحسب ما أكده شهود عيان آخرون، فإن المنطقة قد شهدت العديد من الخروقات الإسرائيلية للحدود المصرية، منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر 2023، بما في ذلك إصابات وقتلى من الجنود المصريين، فضلاً عن استهدافات للطائرات الإسرائيلية لمواقع داخل سيناء.

وقد تكرر هذا الخرق في عدة مناسبات، مثل حادثة 22 أكتوبر 2023، التي شهدت إصابة جنود مصريين في أحد أبراج المراقبة بالقرب من الحدود. حتى في 27 مايو 2024، قامت القوات الإسرائيلية بإطلاق النار على عناصر من الجيش المصري، ما أسفر عن مصرع جندي.

من الواضح أن الجريمة الأخيرة ضد الشاب جهاد هي جزء من سلسلة طويلة من الانتهاكات الإسرائيلية في المنطقة. قوات الجيش الإسرائيلي لا تعبأ بأي قوانين أو معاهدات دولية تحظر استهداف المدنيين، بل تستمر في فرض حصارها العسكري على الفلسطينيين في قطاع غزة، وتدير عملياتها داخل الأراضي المصرية وكأنها جزء من خططها العسكرية. هذا التصعيد العسكري الذي لم يعاقب عليه أحد حتى الآن، يعكس حالة من الاستخفاف بحقوق الإنسان في المنطقة.

على الرغم من أن السلطات المصرية قد اختارت الصمت، فإن الحقيقة تظل واضحة كالشمس. يجب أن تفتح الحكومة المصرية تحقيقًا شفافًا ومستقلاً، لا سيما بعد أن أصبحت هذه الحوادث متكررة وواسعة النطاق. المواطنين المصريين بحاجة إلى معرفة الحقيقة، ويجب اتخاذ إجراءات جدية لحماية حياتهم وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى