في خطوة إيجابية، اعتبرت بادرة نحو تحسين أوضاع الحريات والإصلاح السياسي، أعلنت السلطات السعودية عن إطلاق سراح دفعة من المعتقلين، القابعين خلف الأسوار منذ ما يقارب الثمانية سنوات.
وإننا إذ نثمن تلك الخطوة، نتمنى أن تتبعها خطوات أخرى لتعميق ملف الإصلاح السياسي، حيث فتح هذا الملف باب الأمل في الحرية، وأضاء شعلة في قلوب الملايين.
إن هذا الحدث يعيد إلى الأذهان ملف المعتقلين في مصر، الذين لم يرتكبوا جرمًا سوى التعبير عن آرائهم أو معارضة سياسات لا يتفقون معها. إن هؤلاء الأفراد ليسوا مجرمين، بل هم جزء من نسيج الوطن، يمثلون تنوعه الفكري والسياسي، وكان ينبغي أن يكون لهم دور في بناء مستقبل البلاد بدلًا من تقييد حريتهم.
إن الاعتقالات السياسية في مصر أصبحت وصمة تؤرق الضمير الوطني، وتشكل جرحًا عميقًا في جسد العدالة، حيث يتعرض كثير من المعتقلين للإهمال الطبي والمعاملة غير الإنسانية، بينما تظل أصوات المطالبين بحقوقهم تتردد في الفراغ. ومع خطوة السعودية الأخيرة، تتجدد الآمال لدى المصريين بأن تأتي لحظة مشابهة تشهد الإفراج عن معتقلي الرأي في مصر.
فالحرية ليست ترفًا، بل هي حق أساسي لكل إنسان. وهي لا تتحقق إلا عندما تدرك الحكومات أن احتواء المعارضة واحترام التنوع هو أساس الاستقرار الحقيقي.
إن إطلاق سراح المعتقلين في مصر لن يكون مجرد لمحة إنسانية، بل خطوة سياسية تصحح المسار وتعيد الثقة بين الدولة وشعبها. إن مصر، بتاريخها وثقلها في العالم العربي، بحاجة إلى استعادة صورتها كدولة تحترم الحريات وتحمي الحقوق، بدلًا من أن تكون ساحة لقمع العقول والأفكار.
إننا نتوق إلى يوم نرى فيه مصر، القلب النابض للعالم العربي، وقد طوت صفحة القمع وفتحت صفحة جديدة من التسامح والديمقراطية. يوم يعود فيه المثقفون والسياسيون والمفكرون إلى أدوارهم الطبيعية كجزء من نهضة الأمة، بدلًا من أن يكونوا خلف القضبان.
أملنا أن تعود مصر للسير في الاتجاه الصحيح، وأن تُصغى الآذان لنداء الحرية والعدالة، فلن تتقدم أمة وهي تكبل عقولها.
وما زلنا ننتظر اليوم الذي نرى فيه مصر وقد طوت صفحة القمع، وأطلقت العنان لإبداع أبنائها والاستفادة من طاقاتهم. يومًا ننتظره جميعًا، ويسألونك متى هو؟ قل عسى أن يكون قريبًا.