تجددت موجات الغضب والاحتجاجات داخل وزارة الكهرباء والطاقة في مصر، حيث أطلق موظفو قطاع الكهرباء استطلاع رأي عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، يعكس حالة الرفض الكبيرة تجاه إدارة الشركة القابضة لكهرباء مصر.
كان الاستطلاع يحمل سؤالًا واحدًا ومحددًا، وهو: “هل توافق على إقالة جابر دسوقي ومساعده ناديه قطري ومحمود النقيب وباقي قيادات الشركة القابضة لكهرباء مصر؟”
ولقد لاقى هذا الاستطلاع تفاعلًا واسعًا من موظفي الكهرباء وأعضاء الصفحة، حيث أيد 753 شخصًا من أصل 776 المشاركين في الاستطلاع قرار إقالة دسوقي وحاشيته من مناصبهم، بينما رفض 23 شخصًا فقط هذا المقترح.
وبينما يتنامى هذا الرفض الجماعي ضد الإدارة الحالية، يعلق العديد من المشاركين في الاستطلاع على ما اعتبروه فسادًا مستشريًا في صفوف قيادات وزارة الكهرباء والشركة القابضة.
أحد المشاركين في الاستطلاع قال، معبرًا عن مشاعر الغضب المنتشرة داخل القطاع: “الثورة لم تصل قطاع الكهرباء”، مشيرًا إلى أن رئيس الشركة القابضة، جابر دسوقي، ونائبه ناديه قطري، بالإضافة إلى محمود النقيب، أعضاء مجلس الإدارة المتفرغين، لا يزالون في مناصبهم منذ حكومات سابقة بدءًا من حكومة هشام قنديل وحتى حكومة مصطفى مدبولي الحالية، رغم ما شاب إدارتهم من انتقادات ومشاكل ضخمة يعاني منها القطاع بأسره.
فساد مستمر وتجاهل للمطالب الشعبية
إن ما يحدث داخل وزارة الكهرباء والشركة القابضة يعكس صورة قاتمة عن فساد مستمر، لا يبدو أن هناك نية حقيقية لمعالجته. فمنذ تولي جابر دسوقي منصب رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لكهرباء مصر، وتحت قيادته، بدأ القطاع يعاني من سلسلة من الأزمات التي تم تجاهلها أو التستر عليها من قبل الحكومة المصرية ووزارة الكهرباء.
ويتساءل العاملون في القطاع: كيف يمكن لمثل هذه الأزمات أن تستمر دون أن تتحرك الحكومة أو الوزارة لإصلاح الوضع؟ وما هي الأسباب التي تجعلهم يحافظون على هذه الوجوه الفاشلة في مناصبهم رغم الفشل الكبير الذي تسببت فيه هذه القيادة؟
الأرقام تشير إلى تدهور كبير في أداء قطاع الكهرباء، على الرغم من أن الوزارة والشركة القابضة قد حصلت على مليارات الجنيهات من الدعم الحكومي والاستثمارات على مر السنوات.
لكن النتيجة كانت دائمًا أن هناك تراجعًا مستمرًا في مستوى الخدمة التي يتلقاها المواطنون، إضافة إلى إهدار الموارد المالية في مشروعات لا تجلب أي منفعة حقيقية.
تقاعس الوزارة والحكومة
إن التقاعس الواضح من قبل وزارة الكهرباء والحكومة المصرية في التعامل مع هذه الأزمات لا يخفى على أحد. فبدلاً من اتخاذ خطوات حقيقية للإصلاح، تستمر الحكومة في دعم القيادة الحالية، بل وتواصل تمكينهم في مناصبهم رغم معرفتها المسبقة بأنهم غير قادرين على تقديم حلول جذرية للمشاكل التي تواجه القطاع. وفي ظل هذا الوضع، يبدو أن الحكومة تعمل على تغطية فساد هذه القيادات دون أن تتحمل أي مسؤولية حقيقية.
وكانت هناك دعوات عديدة من قبل العديد من العاملين في وزارة الكهرباء لضرورة إقالة جابر دسوقي، إلا أن الحكومة والوزارة تجاهلت هذه المطالب.
بل إن موقف الحكومة أصبح أكثر وضوحًا في تجاهل مصالح المواطنين والعاملين في هذا القطاع الحيوي. فكيف للحكومة أن تواصل الحفاظ على أشخاص ثبت فشلهم في إدارة القطاع، وكيف لهم أن يضمنوا تقديم خدمة لائقة للمواطنين في ظل هذه القيادات الفاشلة؟
فساد الشركة القابضة وأدائها المهمل
لقد أصبح من الواضح أن الفساد يضرب أعماق الشركة القابضة لكهرباء مصر. فعلى الرغم من الاموال الطائلة التي تضخها الحكومة المصرية في هذه الشركة، إلا أن أداءها ما زال بعيدًا عن أي تحسين حقيقي.
فالقضية لا تتعلق فقط بالفساد المالي والإداري، بل تتعلق أيضًا بتخاذل القيادة في اتخاذ القرارات الصائبة، مما يعمق من الأزمات التي يواجهها القطاع بشكل يومي.
إن الفساد في الشركة القابضة ليس وليد اليوم، بل هو متجذر منذ فترة طويلة. ومع كل حكومة جديدة، يبدو أن التغيير الحقيقي مفقود، ولا يتم سوى تبادل المناصب بين الأشخاص ذاتهم الذين يشغلون مناصب في الشركة منذ سنوات، مما يعكس حالة من الجمود الإداري والقيادي. وهذا الوضع لم يعد يحتمل المزيد من الصمت من قبل العاملين في هذا القطاع.
الاستطلاع يكشف الحقيقة
إن الاستطلاع الذي أطلقه موظفو الكهرباء عبر فيسبوك يعد بمثابة نداء عاجل إلى الجهات المسؤولة لتغيير الوضع الراهن، ولكنه لا يبدو أنه سيلقى آذانًا صاغية من قبل الوزارة أو الحكومة.
حيث يستمر الانحدار في الأداء، بل وتزداد المشكلات التي يعاني منها الموظفون والجمهور على حد سواء. فمع تزايد مطالب إقالة قيادات الكهرباء، تظل الحكومة والشركة القابضة في موقف المتفرج، دون أن تقدم أي حلول جذرية لهذه الأزمات.
وعلى الرغم من محاولات القمع التي قد تتعرض لها بعض الآراء المعارضة في القطاع، إلا أن الأصوات المطالبة بالتغيير تتصاعد بشكل ملحوظ، مما يعكس حالة من الوعي المتزايد لدى العاملين والمواطنين حول الفساد الذي يضرب القطاع.
وأصبح من الواضح للجميع أن الحكومة المصرية لن تتحرك إلا إذا كانت هناك ضغوط شعبية كبيرة تطالب بتغيير القيادة الحالية. وفي هذا السياق، يصبح دور الإعلام والصحافة أكثر أهمية في نقل صوت العاملين في قطاع الكهرباء وكشف الحقائق المخفية عن الرأي العام.
يستمر قطاع الكهرباء في مصر في مواجهة أزمات متتالية، تترافق مع تقاعس الحكومة ووزارة الكهرباء في التعامل مع هذه المشاكل. على الرغم من استطلاعات الرأي التي يعبر فيها العاملون في الوزارة عن رفضهم للإدارة الحالية، إلا أن الحكومة تواصل دعم هذه القيادات الفاسدة دون أدنى اعتبار لمصلحة الوطن والمواطن.
إن الوقت قد حان لتحمل الحكومة مسؤوليتها وإجراء تغييرات جذرية في قطاع الكهرباء، حتى لا يستمر الفساد في التفاقم ويؤثر سلبًا على حياة المصريين.