رشا عزب تواجه الترهيب الأمني باعتصام مفتوح بنقابة الصحفيين: معركة لحرية الرأي
في واقعة تصاعدت إلى واحدة من أخطر الأزمات التي تشهدها الساحة الصحفية في مصر، تستمر الصحفية رشا عزب في اعتصامها المفتوح لليوم السابع على التوالي داخل مقر نقابة الصحفيين، احتجاجًا على ما تصفه بـ”استهداف جهاز أمن الدولة وأجهزة الأمن الوطني” لها ولزملائها أصحاب الرأي المستقل.
هذه الوقفة ليست مجرد اعتصام بل هي مواجهة مباشرة لترهيب الدولة وقمع الآراء الحرة، حيث تعرضت عزب لسلسلة من المضايقات والملاحقات التي وصلت إلى ذروتها بسرقة سيارتها ورفض الجهات الأمنية التعامل بجدية مع الحادث، إضافة إلى رفض تقديم توضيحات حول مصير التحقيقات.
رشا عزب لم تقف عند حدود الاعتصام فقط بل أكدت على أنها ستواصل الدفاع عن حقها في التعبير وعن حرية الصحافة في مصر مهما كانت الضغوط. فقد أثارت قضية سرقة سيارتها جدلًا واسعًا بعد أن رفضت الشرطة تحرير محضر بالواقعة رغم تقديمها بلاغًا رسميًا وتوثيق الحادثة.
وما يزيد من حدة الأزمة هو عدم اكتراث النيابة العامة بمصير التحقيقات المتعلقة بهذه الواقعة، مما يطرح تساؤلات عديدة حول مدى نزاهة واستقلالية المؤسسات القانونية في التعامل مع قضايا الصحفيين المنتقدين للنظام.
إضافة إلى ما تعرضت له عزب من ملاحقة غير مسبوقة، كشفت عن وجود شخصين قاما بملاحقتها لفترة طويلة وهما على علاقة بمضايقات سابقة تعرضت لها. إلا أن الجهات الأمنية المعنية، على الرغم من الأدلة المقدمة، امتنعت عن اتخاذ أي إجراء بحق هؤلاء الأفراد.
وتزداد الشكوك حول التواطؤ الأمني مع هؤلاء الأفراد، إذ إن الشرطة لم تكتفِ بالتجاهل فقط بل منعت تحرير محضر رسمي بالواقعة، مما يعكس حجم التضييق الذي تمارسه أجهزة الدولة بحق من يخالفونها الرأي.
في الوقت ذاته، تواجه الصحفية أزمات متصاعدة على مستويات عدة؛ فإلى جانب المضايقات الأمنية، تم حرمانها من الحصول على قرض تمويل عقاري بحجة “التعليمات كده”، في إشارة واضحة إلى تدخل الأجهزة الأمنية في القرارات المالية والاقتصادية للأفراد بناءً على مواقفهم السياسية وآرائهم. هذه السياسات لم تعد خافية على أحد حيث أصبحت الأداة التي تستخدمها الدولة لتركيع الأفراد الذين يرفضون الخضوع أو مهادنة النظام.
رشا عزب تجد نفسها الآن في مواجهة صريحة مع جهاز الأمن الوطني الذي، وفقًا لتصريحاتها، يسعى لتكبيل حرية الرأي والصحافة في البلاد. ورغم التضييق المتزايد، فإنها مصرة على عدم التراجع عن مطالبها العادلة؛ مطالبة بفتح تحقيق جدي حول البلاغات المقدمة للنائب العام، وخاصة تلك المتعلقة بملاحقة الشخصين المتورطين في مضايقاتها.
كما تطالب بإطلاع هيئة دفاعها على التسجيلات الخاصة بسرقة سيارتها والتي تم توثيقها، وتعتبر هذه التسجيلات الدليل الأبرز على فشل أجهزة الأمن في حماية حقوق المواطنين.
واستمرارية الاعتصام الذي يخوضه الصحفيون في نقابة الصحفيين تضيف بعدًا جديدًا للقضية؛ فالأمر لم يعد يتعلق بشخص واحد فقط بل أصبح يعكس أزمة أكبر تواجه الصحافة المصرية، التي أصبحت تحت حصار خانق من قبل السلطات. يأتي اعتصام رشا عزب كجزء من هذا الصراع الواسع بين الصحفيين الأحرار والنظام الأمني الذي يسعى لإسكات كل صوت مخالف، ويجعل من الصحفيين أعداءً لمجرد ممارستهم لحقهم في التعبير عن آرائهم.
لا تتوقف معاناة رشا عزب عند هذا الحد، إذ تشير إلى أن ميزانية كبيرة يتم إنفاقها من قبل الأجهزة الأمنية لمراقبتها وملاحقتها بدلًا من توجيه هذه الموارد لدعم البلاد في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة. وفي الوقت الذي يحتاج فيه الاقتصاد المصري إلى كل قرش، تصر الدولة على استنزاف الميزانيات في ملاحقة النشطاء والصحفيين بدلاً من تحسين أوضاع البلاد. هذا يعكس بصورة جلية أولويات النظام التي باتت تركز على قمع المعارضين بدلاً من السعي لحل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الشعب المصري.
في ظل هذا التصعيد المستمر، يتزايد الضغط على النائب العام والمؤسسات القضائية للتحرك وفتح تحقيق شفاف وعادل في هذه القضية. فاستعادة سيارة رشا عزب ليست مجرد مطلب شخصي بل هي رمز لاستعادة كرامة الصحافة وحماية حقوق الصحفيين في مصر. فهل ستتحرك العدالة لإنصاف رشا عزب؟ أم أن هذا الاعتصام سيطول ليكون شاهدًا على انهيار آخر لمؤسسات الدولة في حماية الحريات؟
تظل قضية رشا عزب واعتداءات الأمن الوطني مثالًا حيًا على التحديات التي تواجه الصحفيين في مصر اليوم، وقد باتت هذه القضية مقياسًا جديدًا لمدى استعداد الدولة للالتزام بمبادئ حرية التعبير والصحافة. لكن في خضم هذا المشهد القاتم، يظهر عزيمة الصحفيين كالصخرة التي لن تحطمها الرياح العاتية، وستظل مطالبهم بالحرية والعدالة صوتًا يدوي في آذان النظام، مهما طال الوقت ومهما كانت العواقب