الحوثيون يقصفون تل أبيب بصاروخ باليستي ويصيبون 16 شخصاً
في تصعيد خطير للأحداث في منطقة الشرق الأوسط، استهدف الحوثيون فجر السبت مدينة تل أبيب بصاروخ باليستي، ما أسفر عن إصابة 16 إسرائيلياً وأضرار مادية كبيرة. هذا الهجوم، الذي يأتي في سياق متوتر من النزاع الإقليمي، أثار استنفاراً واسعاً لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي سارعت إلى تأكيد أن الصاروخ أُطلق من الأراضي اليمنية.
ورغم الجهود المبذولة من قبل الدفاعات الجوية الإسرائيلية لاعتراض الصاروخ باستخدام أنظمة صواريخ “سهم”، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل، مما سمح للصاروخ بالوصول إلى هدفه دون أي مقاومة تذكر.
التقارير الإسرائيلية، التي تناولت الهجوم فور وقوعه، أكدت أن الإسعاف الإسرائيلي نقل 16 شخصاً لتلقي العلاج بعد تعرضهم لإصابات مختلفة جراء انفجار الصاروخ. وأفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” بأن الصاروخ الذي ضرب المدينة كان من نوع أرض-أرض، وقد سقط في مجمع سكني مكون من ثمانية منازل، مما أسفر عن أضرار مادية جسيمة.
ولم تقتصر الخسائر على الإصابات البشرية، بل تسببت الانفجارات في تدمير واسع بالمباني السكنية، وهو ما يعزز من حجم الهجوم الذي وصفه كثيرون بأنه الأشد منذ فترة طويلة.
من جانبهم، أعلن الحوثيون صباح السبت تبنيهم الكامل للهجوم، مؤكدين عبر بيان رسمي أنهم سيستمرون في عملياتهم العسكرية حتى وقف ما أسموه “العدوان” ورفع الحصار عن قطاع غزة. المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع،
أوضح في البيان أن الهجوم استهدف موقعاً عسكرياً في مدينة يافا المحتلة، وتم تنفيذ العملية باستخدام صاروخ باليستي من طراز “فلسطين 2” فائق السرعة.
وأشار سريع إلى أن الصاروخ أصاب هدفه بدقة عالية، ولم تتمكن المنظومات الإسرائيلية الدفاعية من اعتراضه أو منعه من الوصول إلى المنطقة المستهدفة.
وأضاف سريع أن هذه العملية تأتي في إطار دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته المسلحة، مشيراً إلى أنها تمثل مرحلة متقدمة من الجهود الحوثية للإسناد والدعم العسكري المباشر للقضية الفلسطينية.
ولفت إلى أن العملية “النوعية”، كما وصفها، جاءت في إطار المرحلة الخامسة من دعم المقاومة الفلسطينية، وهي جزء من سلسلة عمليات تهدف إلى تعزيز قدرات المقاومة وتوسيع رقعة المواجهات مع العدو الإسرائيلي.
وخلال بيانه، أشاد سريع بالخروج الجماهيري الفلسطيني الذي شهدته الساحات والميادين، مشيراً إلى أن هذه التظاهرات تمثل إرادة الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال واستمرار النضال ضد السياسات الإسرائيلية القمعية. ووجه المتحدث العسكري باسم الحوثيين تحية تقدير للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، مثنياً على “عملياتها البطولية” التي وصفها بأنها جزء لا يتجزأ من التحرك العام ضد العدو. وأضاف سريع في بيانه أن الحوثيين ملتزمون بمواصلة مساندة الشعب الفلسطيني حتى يتم تحقيق الهدف النهائي المتمثل في إنهاء العدوان الإسرائيلي ورفع الحصار عن قطاع غزة.
الهجوم الأخير يمثل تصعيداً جديداً في النزاع المتوتر بين إسرائيل وحلفاء المقاومة في المنطقة، وخصوصاً بعد الهجمات المتكررة على غزة والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة. وفي حين كانت الهجمات الحوثية في السابق تقتصر بشكل أساسي على أهداف داخل اليمن أو في محيط دول التحالف العربي، فإن استهداف مدينة بحجم وأهمية تل أبيب يعد نقلة نوعية في تكتيكات الحوثيين العسكرية.
من المتوقع أن يزيد هذا الهجوم من حدة التوتر في المنطقة، لا سيما أن إسرائيل قد تلجأ إلى اتخاذ خطوات تصعيدية رداً على الضربة. وتحذر تقارير دولية من أن هذه التطورات قد تؤدي إلى مزيد من الانخراط العسكري لأطراف إقليمية أخرى، ما يهدد باستمرار الصراع على نطاق أوسع. في الوقت نفسه، يشير مراقبون إلى أن هذه الهجمات قد تؤدي إلى تعزيز مكانة الحوثيين على الساحة الدولية كطرف فاعل في الصراع الإقليمي، خصوصاً في ظل قدرتهم على تنفيذ هجمات دقيقة بهذا الحجم من مسافات بعيدة.
وفيما يتعلق بالجانب الإسرائيلي، فإن عدم القدرة على اعتراض الصاروخ يمثل فشلاً لافتاً لأنظمة الدفاع الجوية المتقدمة التي تعتمد عليها إسرائيل، مثل نظام “القبة الحديدية” وأنظمة صواريخ “سهم”. وقد يعيد هذا الفشل فتح نقاش واسع داخل الأوساط العسكرية الإسرائيلية حول فعالية هذه الأنظمة ومدى قدرتها على التعامل مع تهديدات من هذا النوع، خصوصاً إذا ما تكررت الهجمات الصاروخية في المستقبل القريب.
وتظل تداعيات هذا الهجوم مفتوحة على احتمالات عدة، بما في ذلك ردود الفعل الدولية وقرارات الأطراف المعنية بالتصعيد أو التهدئة. ولكن ما يبدو واضحاً حتى الآن هو أن هذا الهجوم يمثل رسالة قوية من الحوثيين وحلفائهم في المنطقة بأنهم قادرون على ضرب أهداف حساسة في العمق الإسرائيلي، وأنهم على استعداد للاستمرار في هذه العمليات طالما استمر النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بلا حل.