قيمتها ١٠ ملايين دولار.. ما قصة المكافأة الأمريكية لاعتقال الجولاني التي ألغتها أمريكا
أعلنت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف، الجمعة، أن بلادها قررت إلغاء المكافأة المالية البالغة 10 ملايين دولار التي كانت مرصودة لأي معلومات تؤدي للقبض على أحمد الشرع، المعروف باسم أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام التي قادت عملية الإطاحالولايات المتحدة تلغي المكافأة عن أحمد الجولاني في خطوة تعكس تحولاً في السياسة تجاه سوريا
أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عن إلغاء المكافأة المالية التي كانت رصدتها بقيمة 10 ملايين دولار للحصول على معلومات تؤدي إلى اعتقال أحمد الجولاني، القائد السابق لجبهة النصرة، في تحول دبلوماسي جديد يعكس تغير الأولويات الأميركية في سوريا.
شهدت هذه الخطوة إعلاناً مهماً عقب لقاء دبلوماسي رفيع المستوى جمع وفداً أميركياً بقيادة ليف مع نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، في دمشق. وهو الاجتماع الأول من نوعه منذ سقوط نظام الأسد، حيث تم التركيز على ملف الانتقال السياسي في البلاد وضمان الأمن الإقليمي ومكافحة التهديدات الإرهابية.
وقالت ليف في تصريحات لها: “الاجتماع مع الشرع كان جيداً، ويشير إلى بداية مرحلة جديدة نعمل من خلالها على تحقيق أهدافنا في المنطقة”. وأكدت أن إلغاء المكافأة يمثل جزءاً من استراتيجية أميركية أوسع لإعادة ضبط توازن القوى في سوريا.
تاريخ الجولاني معقد ويعود إلى عام 2003 عندما انضم إلى تنظيم القاعدة في العراق، حيث كان له دور بارز في تشكيل جبهة النصرة في سوريا عام 2011. وتصاعدت الضغوط عليه بعد أن قاد تنظيمه إلى تنفيذ هجمات دموية تسببت في مقتل آلاف المدنيين، مما ساعد في إدراجه على لائحة الإرهابيين العالميين عام 2013.
وفي سياق التحولات السياسية والأمنية، يتساءل العديد عن مغزى إلغاء المكافأة وما إذا كانت الولايات المتحدة تسعى للتعاون مع الجولاني كوسيلة للتأثير على الأوضاع المتقلبة في شمال غرب سوريا.
في تصريح لها، قالت ليف: “نرى في هذه الخطوة فرصة لإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار في المنطقة. نحن نحتاج إلى سلوكيات تتجاوز الشكوك القديمة ونسعى للتفاعل مع جميع الأطراف المؤثرة”.
تُعرف هيئة تحرير الشام، التي يقودها الجولاني، بأنها واحدة من أقوى الفصائل المسلحة في شمال غرب سوريا. وقد أسس الجولاني “حكومة الإنقاذ” كجزء من سعيه لكسب التأييد على المستويين المحلي والدولي، رغم أن مواقفه السابقة لا تزال تلاحقه.
نبذة عن الشركة
تعتبر الولايات المتحدة الأميركية واحدة من أبرز القوى العالمية، حيث تلعب دوراً مهماً في القضايا السياسية والأمنية في الشرق الأوسط. تسعى الحكومة الأميركية لتحقيق الاستقرار وتعزيز السلام في المنطقة عبر استراتيجيات دبلوماسية متعددة تشمل الحوار والتعاون مع الأطراف المؤثرة.
في أولى ردود الأفعال الأميركية، بدا الرئيس جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب، متفقين على الاستنتاج ذاته بخصوص السقوط لسريع والمفاجئ لنظام بشار الأسد، وهو أن ذلك ليس فقط دليلا على ضعف النظام، بل أيضا ضعف من وفروا له الغطاء والحماية لسنوات، وفي مقدمتهم روسيا.
مثلت الحروب الأهلية التي اندلعت في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ 2011، فضلا عن سلطوية وهشاشة بعض الأنظمة الحاكمة وبحثها عن الدعم الروسي عن طريق التسليح والتدريب، فرصة لموسكو لتعزيز حضورها في المنطقة والبحث عن مواطئ قدم تخدم استراتيجيتها الكبرى في التمدد.https://www.youtube.com/embed/YnO2rlitCQA?feature=oembed
ورغم ما يمثله سقوط نظام الأسد من نسف لمشروع استثمرت فيه روسيا الكثير من المال والجهد والدعم العسكري لقرابة عقد من الزمن، حاولت موسكو التصرف ببراغماتية والتعامل مع الأحداث المتسارعة التي سبقت انهيار حليفها في دمشق.
التداعيات لهذا السقوط التي قد تتجاوز ما يحدث في الشرق الأوسط بالنسبة لموسكو، بحثها برنامج “عاصمة القرار“.
“ضربة قوية لروسيا”
الخبير في الشؤون العسكرية الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني، ديفيد دي روش قال “لا شك أن غزو أوكرانيا وإبعاد الأسد من خلال بعض الأشخاص كانا بمثابة ضربات قوية لروسيا في الشرق الأوسط وأماكن أخرى”.
وأضاف لقناة “الحرة” أنه على المستوى العالمي “قد يكون تأثير ذلك محسوسا بالفعل على روسيا في أفريقيا. وقد حدث أمران رئيسيان. أولا، توقع العديد من المحللين، أن تحقق روسيا أهدافها في أوكرانيا خلال ثلاثة أسابيع تقريبا. لكن، كما نرى، استمروا في ذلك لمدة عامين، وهو ما لم يكن متوقعا، حيث اضطرت روسيا للذهاب إلى إيران للتوسل للحصول على الأسلحة بدلا من العكس”.
وخلال الفترة الماضية أصبحت روسيا مضطرة للحصول على أسلحة إيرانية وجنود من كوريا الشمالية، بحسب روش، وهذا يكشف عن ضعف روسيا كقوة عسكرية حقيقية.“بين محطتين”.. هل يتبدد الحلم الروسي في سوريا؟لا تعتبر محطة سقوط نظام الأسد في سوريا مفصلية على صعيد الحكم والتوازنات السياسية الداخلية للبلاد فقط، بل تنسحب هذه الحالة أيضا على الوضع الخاص بحلفائه أبرزهم روسيا، فما الذي ينتظر النفوذ العسكري لهذا البلد هناك؟ وما السيناريوهات المتوقعة؟ وهل يتبدد حلم “المياه الدافئة” الذي دفعت موسكو الكثير من أجل تحقيقه؟
أما الخسارة الثانية التي تكبدتها روسيا فهي “فقدان قاعدتها اللوجستية، بما في ذلك القاعدة البحرية في طرطوس والقاعدة الجوية في اللاذقية. هذه هي القاعدة الدائمة الوحيدة التي كانت تمتلكها على البحر الأبيض المتوسط. ومع استمرار حالة الحرب مع أوكرانيا، لن تتمكن روسيا من إرسال سفنها عبر مضيق البوسفور، مما يعني أنها تفتقر الآن إلى قاعدة دائمة”.
وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن في تصريحات سابقة “لقد فشل دعم روسيا للأسد أيضا. وذلك لأن أوكرانيا، بدعم من حلفائها الأميركيين، أقامت جدارا من المقاومة ضد القوات الروسية الغازية، وألحقت أضرارا جسيمة بالقوات الروسية. وهذا جعل روسيا عاجزة عن حماية بشار الأسد حليفها الرئيسي في الشرق الأوسط. والنتيجة المترتبة على كل هذا هي أنه للمرة الأولى على الإطلاق، لم يعد بوسع روسيا ولا إيران ولا حزب الله الدفاع عن هذا النظام البغيض في سوريا”.
الباحث في مركز جامعة جورج تاون للدراسات الأمنية ومعهد بروكينغز، بول بيلار قال إنه “لا شك أن النفوذ الروسي في الشرق الأوسط قد شهد تراجعا ملحوظا منذ سقوط نظام الأسد، الذي كان يمثل القاعدة الثابتة لروسيا في العالم العربي. لذا، فإن هذه التطورات تمثل ضربة قوية لمصالح روسيا في المنطقة”.أول تعليق من بوتين على سقوط الأسدقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إنه لم يلتق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد منذ هروبه إلى روسيا بعد الإطاحة به في مطلع ديسمبر الجاري، لكنه أكد أنه “عازم” على مقابلته وسؤاله عن الصحفي الأميركي المختفي منذ 12 عاما، أوستن تايس.
وأضاف أنه “يبقى أن نرى كيف سيكون مصير القواعد الروسية في سوريا، حيث تسعى روسيا للحفاظ عليها. أعتقد أن الحكام الجدد في دمشق سيكونون مستعدين للتفاوض حول كيفية استمرار وجود هذه القواعد”.
وزاد بيلار أنه “من حيث النفوذ العام في الشرق الأوسط، فإن نظام بوتين قد تلقى ضربة قاسية، ومن المحتمل أن يكون أحد النتائج المترتبة على هذا التطور هو زيادة الاعتماد على العلاقة المتنامية بين روسيا وإيران، التي تطورت بشكل كبير من خلال التعاون العسكري، حيث قدم الإيرانيون الأسلحة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار والمعدات الأخرى للروس الذين استخدموها في الحرب في أوكرانيا”.
تعزيز العلاقات بين موسكو وواشنطن
ويعتقد الخبير العسكري روش، أن بوتين يريد “تحقيق النصر في أوكرانيا، لأنه إذا لم ينجح في ذلك، فقد يواجه خطر الإطاحة به في بلاده. بالنسبة له، الأمر يتعلق بكونه زعيما قويا أعاد لروسيا عظمتها. وفي حال خسارته في أوكرانيا، قد نشهد دولا كانت تحت سيطرته، مثل بيلاروسيا، تبدأ في الابتعاد عنه. لذا، لا أعتقد أنه يهتم بالتعاون مع الولايات المتحدة”.
ويرى أن بوتين في “صراع وجودي حقيقي، حيث يتعين عليه إما الفوز أو الخسارة. وإذا خسر، ستكون تلك خسارة فادحة، فمن الضروري جدا هزيمته في أوكرانيا. عندما تنظر إلى قائمة أولويات بوتين، ستجد أن بناء علاقات مع الولايات المتحدة يأتي في مرتبة متدنية جدا، وإذا لم يتمكن من إقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، سيواجه تحديات سياسية واقتصادية كبيرة، ولكن إذا خسر في أوكرانيا، فقد يواجه مصيرا خطيرا”.لتعويض “خسارتها”.. روسيا تتحرك باتجاه ليبيابينما تخطط روسيا للانسحاب تدريجياً من قواعدها في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد الموالي لها، وتولي المعارضة السلطة هناك، تبرز ليبيا كوجهة لمعداتها، وفق مصادر متطابقة.
الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب قال “فر الأسد من سوريا لأن حاميته روسيا، بقيادة فلاديمير بوتين، لم تعد مهتمة بالدفاع عنه. لقد فقدت روسيا الاهتمام بسوريا بسبب أوكرانيا حيث سقط ما يقارب ستمئة ألف جندي بين قتيل وجريح. روسيا وإيران هما الآن في حالة ضعف، الأولى بسبب أوكرانيا، والثانية بسبب نجاحات إسرائيل في أرض المعركة”.
وسيواجه بوتين “تحديا كبيرا في سعيه للتعافي من هذه الضربة. ومن الحكمة بالنسبة له أن يتبنى سياسات أكثر تصالحية تجاه الغرب”، بحسب المحلل بيلار.تصريحات روسية جديدة بشأن “القاعدتين العسكريتين” في سورياقالت روسيا، الاثنين، إنه لم يتم اتخاذ قرارات نهائية حتى الآن بشأن مصير قواعدها العسكرية في سوريا، في أعقاب سقوط نظام حليفها بشار الأسد.
وأضاف أنه فيما يتعلق بالتسوية المحتملة للنزاع في أوكرانيا، فهذا يتطلب التعاون مع الولايات المتحدة، لكنه لا يعتقد أن بوتين سيتبع هذا الاتجاه، إذ أنه يعتبر نفسه في موقع المنتصر في الحرب على أوكرانيا، رغم الخسائر والتكاليف التي تكبدتها روسيا.
وقال بيلار “ما زال بوتين يعتقد أنه قادر على الصمود لفترة أطول من أوكرانيا، وقد يقوده ذلك إلى تحقيق نتيجة نهائية يمكنه تقديمها لشعبه على أنها انتصار. ومع ذلك، سيكون من الأفضل له ولنظامه أن يتبنى سياسة أكثر تصالحية وتعاونا مع الولايات المتحدة والغرب بشكل عام”.