في خطوة مثيرة للجدل عبر رجل الأعمال المصري المعروف نجيب ساويرس عن أمنياته للعام الجديد من خلال منشور له على حسابه الشخصي في منصة التواصل الاجتماعي “إكس” حيث أعلن عن دعواته بإفراج الحكومة المصرية عن المظلومين في السجون وتمنى أن تنتهي الحروب المدمرة في غزة ولبنان والسودان وأوكرانيا.
وبالرغم من أن هذه التصريحات جاءت على لسان شخص معروف بثرائه الواسع ونفوذه الكبير إلا أن تعبيراته حملت بين ثناياها الكثير من الانتقادات اللاذعة ضد الحكومة المصرية ورؤيتها للأوضاع السياسية والإنسانية في البلاد.
تفاعل العديد من المتابعين مع تصريحات ساويرس على منصته الشخصية حيث اعتبر بعضهم أن هذه الأمنيات تعكس قلق رجل الأعمال من تدهور الوضع السياسي في مصر واستمرار انتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطات الحاكمة في البلاد في الوقت الذي طالما أثارت فيه الحكومة المصرية الجدل حول مواقفها في قضايا حقوق الإنسان سواء على المستوى المحلي أو الدولي.
ففي وقت يواجه فيه العديد من المصريين الاعتقال التعسفي وغياب العدالة وحقوقهم الأساسية كان من اللافت أن يضع ساويرس هذا الموضوع على رأس أولوياته في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة المصرية سياسة الصمت حيال مثل هذه القضايا.
كانت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي قد شهدت العديد من الانتقادات حول أسلوبها في التعامل مع ملفات حقوق الإنسان ومطالبات بالشفافية والعدالة في محاكمات المواطنين.
ففي الوقت الذي تسود فيه حالة من القمع السياسي على نطاق واسع في مصر فإن هناك تزايدًا مستمرًا في عدد المعتقلين السياسيين الذين يقبعون في السجون المصرية وسط تقارير تفيد بانتهاكات جسيمة ضد حقوق الإنسان. وتعتبر مثل هذه الانتقادات بمثابة صفعة جديدة للحكومة المصرية التي لم تقم بأي خطوات جادة لتصحيح مسارها والتعامل مع هذه القضايا بطريقة منصفة وفعالة.
وفي إطار حديثه عن الحروب في غزة ولبنان والسودان وأوكرانيا لم يكن ساويرس ليغفل عن الوضع في الشرق الأوسط وأوكرانيا بل أشار بشكل صريح إلى أهمية الوصول إلى حلول سلمية لتلك النزاعات المستمرة منذ سنوات.
ولم يخفِ ساويرس قلقه من أن هذه الحروب لن تنتهي قريبًا في ظل الانقسامات السياسية والمصالح المتضاربة بين القوى الكبرى. هذا بالإضافة إلى أن الوضع في السودان الذي يشهد معارك دامية بين الحكومة والمليشيات المسلحة أصبح يشكل تهديدًا كبيرًا للاستقرار في المنطقة. وقد كانت مطالبات ساويرس بتوقف هذه النزاعات دعوة لوقف إراقة الدماء ووضع حد لمعاناة الشعوب التي تعيش في مناطق الصراع.
تصريحات ساويرس تأتي في وقت يشهد فيه العديد من النشطاء السياسيين في مصر حملات اعتقال ممنهجة من قبل الأجهزة الأمنية حيث تم اعتقال العديد من الشخصيات العامة والصحفيين والحقوقيين الذين تحدثوا عن هذه الانتهاكات.
وقد تزايدت حملات القمع التي تشهدها مصر بشكل غير مسبوق حيث اعتقلت السلطات العديد من المعارضين السياسيين وحجبت مواقع التواصل الاجتماعي لبعض الشخصيات من أجل قمع أي صوت معارض. وبالرغم من الدعوات الدولية المتكررة إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين وإيقاف عمليات القمع إلا أن الحكومة المصرية ما زالت تصر على موقفها الرافض لهذه المطالب.
وقد أصبح من الواضح أن الحكومة المصرية غير راغبة في اتخاذ خطوات فعلية لوقف تلك الانتهاكات وإنهاء القمع الذي يعاني منه المواطنون على مختلف الأصعدة.
الحكومة التي كانت قد تذرعت بالحفاظ على الأمن القومي والنظام العام كشماعة لتبرير عمليات الاعتقال والتعذيب والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان تبدو الآن أمام تحديات كبيرة في كيفية التعامل مع الانتقادات الداخلية والخارجية على حد سواء. ففي الوقت الذي تصاعدت فيه الأصوات المطالبة بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان هناك حالة من التواطؤ والصمت من جانب العديد من القوى السياسية والاقتصادية في البلاد الذين لا يريدون المساس بمصالحهم مع الحكومة.
نجيب ساويرس، الذي يعتبر من أبرز رجال الأعمال في مصر وأحد أكثر الشخصيات تأثيرًا في مجالات الإعلام والاتصالات، أثار جدلًا كبيرًا بتصريحاته تلك التي تضع الحكومة المصرية في دائرة الاتهام بخصوص ملف حقوق الإنسان وملف الحروب المستمرة في العالم العربي.
وبتعبيره عن تلك الأمنيات، أرسل ساويرس رسالة واضحة إلى الحكومة المصرية مفادها أن الشعب المصري لا يزال يعاني من الظلم وغياب العدالة وأن مطالبهم بالحرية والحقوق لا ينبغي أن تُقابل بالتجاهل.
فمن الواضح أن تصريحات نجيب ساويرس تكشف عن حجم الإحباط الذي يشعر به الكثير من المصريين من الوضع الحالي الذي تعيشه البلاد.
فقد أصبح من الضروري أن تتخذ الحكومة المصرية خطوات جدية لتحسين وضع حقوق الإنسان في البلاد وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الذين يقبعون في السجون بشكل تعسفي. ويجب على السلطات المصرية أن تدرك أن تكرار سياسة القمع وغياب العدالة لن يؤدي إلا إلى مزيد من الاضطرابات والأزمات في المستقبل.