تصاعدت في السنوات الأخيرة جرائم مليشيات الحوثيين بحق أهالي تهامة، حيث شهدت المنطقة انتهاكات خطيرة ومتكررة. وكانت أبرز هذه الجرائم إعدام تسعة تهاميين في سبتمبر 2021، بينهم قاصر، بتهم كيدية وملفقة. ولم تتوقف المأساة عند هذا الحد، ففي نوفمبر 2024 تم إعدام سبعة آخرين بحقنهم بالسم، بعد تلفيق تهم مماثلة. هذه الحوادث المأساوية تثير تساؤلات عن دوافع الحوثيين لاستهداف أهالي تهامة بهذه الطريقة الممنهجة والمتعمدة. يُعتقد أن استهداف الحوثيين لأهالي تهامة له أبعاد تاريخية ومذهبية.
تعود جذور الحوثيين إلى المذهب الزيدي الهادوي الذي اعتمد تاريخيًا على فرض سلطته بالقوة، لا سيما على المناطق التي لا تتماشى معه مذهبيًا. تهامة، بطابعها السني وصمودها أمام محاولات التغيير الثقافي والمذهبي، ظلت على الدوام خارج نفوذ الحوثيين، مما خلق شعورًا متجذرًا بالعداء تجاهها. أحد الأسباب التي قد تفسر هذا الاستهداف هو الطابع المسالم لأهالي تهامة، وهو ما يشجع الحوثي على الاستمرار في هذه الجرائم البشعة دون رادع. يتسم الحوثيون بسلوكيات تنم عن شعور بالنقص، يتجلى في محاولاتهم المستمرة لترهيب المجتمعات التي تمثل تهديدًا رمزيًا أو معنويًا لهم. أهالي تهامة، بتاريخهم العريق وإسهاماتهم في الهوية اليمنية، يمثلون هذا التهديد.
يُضاف إلى ذلك أن إخفاق الحوثيين في تحقيق انتصارات حقيقية على الأرض يدفعهم إلى استهداف المدنيين الأبرياء لإظهار القوة والهيمنة. من الناحية التاريخية، كانت تهامة منطقة متمردة على نفوذ الإمامة الزيدية، التي يعتبر الحوثيون أنفسهم امتدادًا لها. هذا الإرث التاريخي جعل من تهامة منطقة غير مرحب بها لدى الحوثيين، وهو ما يفسر جزءًا من استهدافهم لها في سياق محاولة فرض نفوذهم بالقوة.
لا يقتصر الاستهداف على البعد المذهبي والتاريخي فقط، بل يحمل أيضًا أبعادًا سياسية واستراتيجية. تهامة تمثل منطقة ساحلية استراتيجية تطل على البحر الأحمر، وهو ما يجعلها محط أنظار الحوثيين لتأمين خطوط إمداداتهم وتوسيع نفوذهم. فرض السيطرة على تهامة يتطلب إخضاع سكانها، وهو ما يفسر الجرائم المتكررة بحقهم.
ختاماً الجرائم التي ارتكبها الحوثيون بحق أهالي تهامة تعد انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية وحقوق الإنسان. ومع ذلك، فإن الصمت الدولي تجاه هذه الجرائم يشجع الحوثيين على الاستمرار في ممارساتهم الوحشية. من الضروري أن يتحرك المجتمع الدولي لوقف هذه الانتهاكات وحماية سكان تهامة والمناطق الأخرى من إرهاب الحوثيين. المأساة المستمرة لأهالي تهامة ليست سوى حلقة من سلسلة الجرائم الحوثية بحق الشعب اليمني، وهي تبرز ضرورة العمل الجماعي لإنهاء هذه المعاناة ووضع حد لجرائم الحرب التي ترتكبها المليشيات.