حرب الكلمات في مجلس النواب: عبدالعليم داوود يرفض الحساب الختامي ويدعو للاستجواب

في جلسة مليئة بالتوترات، شهد مجلس النواب المصري تصعيدًا خطيرًا حينما رفض النائب عبد العليم داوود الحساب الختامي للعام المالي 2024/2023.
الحوارات الحادة التي دارت بين نواب الأغلبية والمعارضة لم تكن مجرد مناقشات رسمية، بل حملت في طياتها صراعًا سياسيًا يشمل الشفافية والمحاسبة،
وهو ما جعل العديد من الأطراف يتصادمون حول صحة الأرقام والمواقف، لتكون هذه الجلسة واحدة من اللحظات الفارقة في تاريخ البرلمان المصري.
الصفعات النيابية: الصدام الأول حول الحساب الختامي
أكد النائب عبد العليم داوود أنه يرفض الحساب الختامي للعام المالي 2024/2023 بشكل قاطع، مشيرًا إلى أن الأرقام المذكورة في التقرير غير دقيقة ولا تعكس الواقع.
وأضاف داوود: “نحن لا يمكن أن نمرر هذا الحساب بهذه الطريقة، فالمسؤولية تقتضي محاسبة حقيقية للموازنة العامة للدولة، ونحن في المعارضة سنواصل التحدي حتى نستجوب الحكومة”.
ورغم محاولات عدة لتهدئة الوضع، إلا أن داوود أصر على موقفه، معتبرًا أن هذا الحساب يعد حلقة أخرى في سلسلة من الموازنات التي لم تُناقش بالشكل الصحيح.
الاحتقان بين الأغلبية والمعارضة: مشهد صراع علني
أشار المستشار الدكتور حنفى جبالي، رئيس مجلس النواب، إلى أن النقاش يجب أن يظل ضمن حدود الموضوع المطروح في الجلسة.
وقال: “لا مجال للخروج عن النص في هذا السياق، والحساب الختامي ليس مكانًا للحديث عن أمور جانبية لا تتعلق بالأرقام والمالية”.
إلا أن داوود رفض هذه التصريحات، موجهًا انتقادات لاذعة إلى الحكومة التي اعتبرها غير شفافة في تعاملها مع الموازنة.
وأوضح النائب: “نحن في حاجة إلى محاسبة الحكومة بشفافية، ولم يعد أمامنا إلا الاستجواب كسبيل للمراقبة”.
حكومة مدبولي: التفهم والتحفظ في الوقت نفسه
من جانبه، رد المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية، على الانتقادات التي وجهها داوود للحكومة. وأوضح فوزي: “نحن نحترم الديمقراطية بشكل كامل ونقدر كل الآراء، سواء كانت مؤيدة أو معارضة.
لكننا نرفض استخدام بعض العبارات التي تخرج عن نطاق الموضوع الأساسي للجلسة”. وأضاف: “مناقشة الحساب الختامي يجب أن تكون في إطار الأرقام والحقائق، بعيدًا عن أي محاكمة جنائية أو محاولات لتحويل الجلسة إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية”.
دعوات للاستجواب: هل تصبح الجلسة بداية لمرحلة جديدة؟
أكد النائب عبد العليم داوود أن الغموض الذي يحيط بالحساب الختامي قد يجعل الاستجواب خيارًا لا مفر منه. وقال: “نحن لا نريد أن نكون مجرد شهود في مشهد لا يحقق العدالة أو الشفافية،
لذلك يجب أن يكون لدينا استجواب شامل يتناول كل التفاصيل، ونطالب بتقديم المستندات اللازمة لتوضيح الموقف بشكل كامل”. وأضاف أن الشعب المصري يستحق أن يعرف الحقيقة بشأن كيفية إدارة الأموال العامة.
الاستجابة الحزبية: عبد السند يمامة يدخل على الخط
بمجرد أن علم الدكتور عبد السند يمامة، رئيس حزب الوفد، بمطالب النائب عبد العليم داوود، أرسل إليه دعوة رسمية لحضور اجتماع في الساعة الثانية والنصف ظهرًا.
وأكد يمامة في رسالته: “أنت مدعو لتقديم مذكرتك المكتوبة التي تتضمن وقائع الاستجواب، وسنكون في انتظار المستندات التي تدعم موقفك حتى نتمكن من تقييم الموضوع قبل الموافقة على تقديم الاستجواب بشكل رسمي أمام المجلس”.
وجهات نظر متنوعة حول الوضع الحالي
أكد الدكتور أحمد مصطفى أستاذ الاقتصاد أن الحساب الختامي لم يكن سوى جزء من صورة أكبر من غياب الشفافية في التعامل مع الموازنة العامة.
وأوضح قائلاً: “الأرقام التي تذكر في هذه الحسابات يجب أن تكون واضحة ومفصلة، خاصة فيما يتعلق بالمصروفات والإيرادات.
لكن عدم وضوح هذه البيانات يجعل من السهل توجيه الانتقادات للحكومة، حيث لا توجد معلومات تفصيلية لتبرير هذه القرارات المالية”.
أشارت المهندسة سامية صالح خبيرة في الشئون النيابية إلى أن الأزمة تكمن في غياب الحوار الجاد بين النواب والمجلس.
وقالت: “بدلاً من العواصف السياسية التي نراها في مثل هذه الجلسات، كان يجب على الحكومة تقديم تقارير واضحة ودقيقة تتسم بالشفافية، بدلاً من تهديد النواب باستخدام لغة قوية لا تساعد في بناء الثقة بين الأطراف السياسية”.
أكد محمد عبدالفتاح الناشط الحقوقي والمحلل السياسي أن الاتهامات الموجهة للحكومة لا بد من معالجتها بشكل فوري،
قائلاً: “الحكومة يجب أن تكون مستعدة لتقديم الوثائق اللازمة للمناقشة، وأن تكون هناك ديمقراطية حقيقية في التعامل مع حسابات الدولة”.
أوضح خالد إبراهيم، أحد المواطنين، أنه يشعر بالإحباط من الوضع الحالي. وأضاف: “من المؤسف أن نرى هذه الصراعات في البرلمان بدلاً من أن نرى العمل الجاد لتحقيق مصلحة المواطنين. الحساب الختامي لم يكن سوى نقطة خلاف أخرى في بحر من المشاكل التي تواجهها البلاد”.
أكدت فاطمة حسن موظفة حكومية أن الشفافية المالية تعد خطوة هامة نحو تحسين الأداء الحكومي. وقالت: “إذا كانت الحكومة تريد أن تثبت جدارتها أمام المواطنين، يجب أن تكون هناك تقارير مالية شفافة، خاصة إذا كانت هذه الأرقام تمس حياة الشعب بشكل مباشر”.
أشار الدكتور مصطفى النمر باحث اقتصادي إلى أن الاقتصاد المصري يحتاج إلى إصلاح شامل لا يتوقف عند الحسابات الختامية فقط.
وقال: “لا يمكن تحميل الحكومة المسؤولية بشكل كامل إذا كانت الموازنة العامة للدولة لا تأخذ في الاعتبار المعطيات الاقتصادية الدقيقة. الحساب الختامي مجرد جزء من الصورة الأكبر”.
أكدت سحر عبدالرحمن ناشطة حقوقية ومهتمة بالشأن الاقتصادي أن الجلسة الحالية هي مجرد بداية لموجة جديدة من الصراع السياسي.
وقالت: “يجب أن يتحلى جميع النواب بالمسؤولية في التعبير عن آرائهم، وأن يتم التركيز على الأرقام والوقائع بدلًا من الانشغال بالصراعات السياسية التي لا تؤدي إلى نتائج ملموسة”.
أكد هاني جابر مدير إحدى الشركات الكبرى أن غياب الشفافية يخلق فجوة كبيرة في الثقة بين الحكومة والشعب.
وقال: “نحن نحتاج إلى المزيد من الوضوح في كافة المعاملات المالية، سواء كانت الموازنة أو الحسابات الختامية، فذلك سيؤدي إلى بناء الثقة بين الحكومة والمواطنين”.
أوضحت الدكتورة رشا عبداللطيف محامية أن الاستجواب قد يكون الحل الأفضل في هذه الحالة. وقالت: “إذا كانت الحكومة ترغب في أن تظل تحت الأنظار، يجب عليها أن تكون مستعدة للإجابة على كل الأسئلة وتوضيح كافة الأرقام المالية التي يدور حولها الشك”.
أكد عادل يوسف معارض سياسي أن الصراع السياسي في البرلمان لا بد أن يؤدي إلى نتائج ملموسة. وقال: “إذا لم يكن لدينا استجواب حقيقي للحكومة حول هذه الحسابات، فلن تكون هناك أي نتائج إيجابية، وسنظل في دائرة من التأجيل والتسويف”.
أشارت نادية محمد ناشطة سياسية إلى أن الاستجواب يمثل خطوة هامة نحو تعزيز الرقابة على الحكومة. وقالت: “إذا كان البرلمان لا يمارس دوره الرقابي بفعالية، فلن تتم محاسبة الحكومة على الأخطاء التي قد تحدث في إدارة المال العام”.
أكد عماد مصطفى رجل أعمال أن الأرقام المالية في الحساب الختامي يجب أن تكون واضحة حتى يمكن اتخاذ قرارات مالية واقتصادية مدروسة.
وقال: “إلى أن يتم تقديم تفاصيل دقيقة في الحسابات الختامية، سيظل الكثيرون في حالة من القلق والشك حيال مدى قدرة الحكومة على تحقيق النمو الاقتصادي المستدام”.
في ظل هذا التوتر السياسي الحاد في البرلمان، يبقى السؤال الأبرز: هل سيؤدي الاستجواب المتوقع إلى فتح صفحة جديدة من الشفافية والمحاسبة، أم سيظل الصراع مستمرًا في ظلال غياب الثقة بين الحكومة والمعارضة؟ الأيام القادمة قد تحمل الإجابة.