في حادث مأساوي يكشف عن حجم الإهمال الفاضح وفساد المسؤولين في محافظة أسيوط، تعيش قرية العتامنة التابعة لمركز منفلوط شمال محافظة أسيوط حالة من الهلع بعد غرق إحدى مدارسها بمياه الصرف الصحي، مما شكل تهديدًا مباشرًا لحياة الأطفال وفضح التقاعس الحكومي في مواجهة الأزمات.
الحادث الذي وقع في مدرسة العتامنة للتعليم الأساسي، تسبب في فزع شديد بين الطلاب وأسرهم على حد سواء، حيث تسربت مياه الصرف الصحي إلى الفصول الدراسية، وغطت الأرضيات والحوائط، مما جعل من المستحيل ممارسة العملية التعليمية داخل المدرسة.
وتؤكد المصادر أن الحادث لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة تراكمات من الإهمال المستمر وعدم اتخاذ أي إجراءات جادة من قبل المسؤولين في المحافظة.
من خلال التحقيقات الأولية، تبين أن المياه التي غمرت المدرسة هي مياه صرف صحي كانت قد تسربت من شبكة الصرف الصحي القديمة في المنطقة، والتي لم يتم تجديدها أو صيانتها بشكل دوري.
لكن الأدهى من ذلك هو أن هذه المشكلة قد تم إبلاغ المسؤولين عنها مرارًا وتكرارًا دون أن يتخذوا أي إجراءات حقيقية. ولا يبدو أن المسؤولين في محافظة أسيوط قد بذلوا أي جهد لتدارك الأمر قبل حدوثه، ما يكشف عن تقاعس فاضح في أداء مهامهم.
الواقع المرير الذي عاشته مدرسة العتامنة هو مجرد جزء صغير من مشهد فساد أوسع وأعمق في المحافظة، حيث يتم إهدار المال العام بشكل متعمد وممنهج.
وعلى رأس المسؤولين في هذه الفضيحة يتصدر اللواء هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، الذي كان ولا يزال يتنصل من المسؤولية رغم ما تشهده المحافظة من فساد إداري ومالي. وليس بعيدًا عن تلك الفضيحة، يظهر الدكتور مينا عماد، نائب محافظ أسيوط، الذي ثبت فشله في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحل مشاكل المحافظة المزمنة.
الصور التي وصلت من داخل مدرسة العتامنة تكشف حقيقة مرعبة، حيث امتلأت الفصول بمياه الصرف الصحي التي امتزجت مع مياه الأمطار المتجمعة، مما جعلها تمثل خطرًا على صحة الطلاب الذين لم يجدوا مخرجًا سوى الهروب.
ومع ذلك لم تجد أي من الجهات الحكومية المتمثلة في وزارة التنمية المحلية أو محافظة أسيوط، أي جدية في التعامل مع الحادث أو تقديم أي حلول فورية للطلاب والمعلمين المتضررين.
ورغم أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها في المحافظة، إلا أن الصمت المريب من قبل وزارة التنمية المحلية يجعل الأمور أسوأ. فقد تكرر هذا الإهمال لسنوات طويلة دون أن تجد أي جهة محلية أو مركزية سبيلًا لمعالجة هذه الأزمات المتكررة.
ويعد هذا الفشل في إدارة أزمة المياه والصرف الصحي في أسيوط مثالًا صارخًا على إهدار المال العام في المشروعات التي لم تجد حيزًا من الاهتمام أو الرصد بشكل كافٍ.
ومن هنا يتضح جليًا أن قضية فساد محافظة أسيوط ليست مقتصرة على هذه المدرسة فقط. فالأزمات تتوالى في كافة أنحاء المحافظة، بدءًا من تدهور البنية التحتية وصولًا إلى سوء إدارة المال العام في المشروعات التي تم تنفيذها في السنوات الماضية.
لا يكاد يمر يوم دون أن تُكشف فضيحة جديدة في إدارة محافظة أسيوط، والتي أصبحت موطنًا للفساد الإداري والمالي تحت إشراف اللواء هشام أبو النصر الذي يبدو أنه مشغول أكثر بالاهتمام بمصالحه الخاصة وتلميع صورته في وسائل الإعلام، بدلاً من تقديم حلول حقيقية للمشاكل المستعصية التي تواجه المواطنين.
وبينما يعاني المواطنون في أسيوط من تراكم الأزمات، فإن وزارة التنمية المحلية التي يرأسها المسؤولون عن دعم المحافظات وإصلاح المشكلات المحلية، تكتفي بالصمت المطبق في وجه كل هذه الكوارث. وهي ليست المرة الأولى التي تُستَغل فيها موارد الدولة في مشاريع وهمية أو في صفقات مشبوهة تذهب في النهاية إلى جيوب الفاسدين في المحافظة.
المواطنون في أسيوط يعيشون في حالة من الاستياء الشديد جراء تكرار الحوادث المأساوية التي تمس حياتهم اليومية، والتي تُظهر بوضوح غياب أي نوع من الرقابة الفعّالة على أداء المسؤولين.
ولا يقتصر الفساد على إهدار الأموال فقط، بل يشمل أيضًا الفشل في توفير أبسط الخدمات للمواطنين مثل الرعاية الصحية والتعليمية، وهو ما يجعل القضايا تتفاقم مع مرور الوقت دون أي حلول جادة.
وبحسب تقارير محلية، فقد بلغ عدد المدارس التي تعاني من مشاكل مشابهة في أسيوط أكثر من 50 مدرسة، بعضها يعاني من مشاكل في الصرف الصحي والبعض الآخر من انقطاع الكهرباء والمياه. لكن المسؤولين المحليين لم يقدموا أي بيانات أو توضيحات حول خطط الإصلاح أو الحلول العاجلة لهذه الأزمات.
وإزاء هذه الحالة من الفوضى، فإن من الضروري أن تتحرك الجهات الرقابية والقضائية في مصر لمحاسبة المسؤولين عن هذه الكوارث التي تهدد حياة الأطفال والمواطنين.
ويجب أن يتم التحقيق في كيفية صرف الأموال العامة في مشاريع من المفترض أن تعالج هذه المشكلات، بينما يتم تكديسها في حسابات الفاسدين.
يجب أن يتوقف مسلسل الفساد المستمر في محافظة أسيوط ويجب أن يتحمل اللواء هشام أبو النصر ونائبه الدكتور مينا عماد المسؤولية الكاملة عن هذه الفوضى التي تجتاح المحافظة.
ولا يمكن أن نسمح باستمرار هذا الإهمال الفاضح في كافة مؤسسات الدولة، سواء كانت محلية أو مركزية. من حق المواطنين في أسيوط أن يعيشوا حياة كريمة وآمنة، وليس في ظل ظروف تزداد فيها المخاطر على حياتهم من جراء الفساد والفساد فقط.