تقاريرصحافة دولية

أحمد الشرع: سوريا منهارة تمامًا 13 عامًا من الحرب والدمار والكارثة مستمرة

في تصريحات مثيرة للجدل وخالية من أي تردد، وصف أحمد الشرع قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا الوضع في بلاده بأنه وصل إلى مرحلة من الإرهاق التام نتيجة الحرب المستمرة التي تهلك كل شيء أمامها،

مؤكداً أن سوريا لم تعد تشكل أي تهديد لجيرانها أو للغرب. وفي مقابلة له مع قناة “بي بي سي” البريطانية، أطلق الشرع تصريحات مفاجئة حملت في طياتها دعوة ملحة لرفع العقوبات المفروضة على بلاده، مطالبًا بشطب هيئة تحرير الشام من قائمة المنظمات الإرهابية.

إدارة العمليات العسكرية في سوريا تتعامل مع الميدان من وجهة نظر مختلفة، إذ يعتقد الجولاني أن هيئة تحرير الشام ليست منظمة إرهابية، بل هي ضحية مثل ملايين السوريين الذين تدميرهم الصراع المستمر.

بحسب تصريحه، فإن الهيئة لم تستهدف المدنيين أو المناطق السكنية، بل كانت تسعى لحماية الناس من بطش النظام الذي لا يرحم.

هذا الموقف يشير إلى محاولة جادة لتقليص التصورات الدولية المفرطة بشأن ما جرى في سوريا، وتصوير الهيئة في صورة الضحية في حرب كانت وما زالت مأساوية بلا حدود.

في هذا السياق، دعا الجولاني المجتمع الدولي إلى مراجعة سياساته تجاه سوريا، مشيرًا إلى أنه من غير المقبول أن تتم معاملة الضحايا بالطريقة نفسها التي يعامل بها الظالمون.

وهو يعتقد أن فرض العقوبات كان بمثابة تعبير عن استهداف النظام السابق، ومن غير المنطقي الاستمرار في هذه العقوبات في الوقت الذي لا يمثل فيه النظام الحالي أي تهديد حقيقي.

هذه الدعوة تطرح تساؤلات كبرى حول من يتحمل مسؤولية معاناة الشعب السوري، وكيف يمكن أن يتغير الموقف الدولي بعد أن وصل الوضع إلى هذا الحد من الكارثية.

وبينما تتفاقم هذه الأزمة، دافع الجولاني عن مستقبل سوريا متمسكًا بفكرة أن بلاده لا يمكن أن تتحول إلى نسخة من أفغانستان.

فقد أكد أن سوريا لا تشبه أفغانستان بأي شكل من الأشكال، وأن كلا البلدين يمتلك تقاليد وعقليات مختلفة تمامًا. في حين أن أفغانستان مجتمع قبلي، يوضح الجولاني أن سوريا تمتاز بعقلية مختلفة تمامًا، وهذا ما يمنحها قدرة على النهوض مجددًا رغم كل الدمار.

بل إن التصريحات التي خرج بها الجولاني تتعدى حدود السياسة العسكرية إلى محاولة رسم صورة ذهنية جديدة لسوريا بعد سنوات من الحرب، حيث يبدو أن هناك تفكيرًا في كيفية بناء سوريا بطريقة مختلفة تتجاوز التوترات السابقة.

ومع ذلك، لا يمكن تجاهل الخطوة الجريئة التي اتخذها الجولاني في حديثه عن التعليم في المناطق التي يسيطر عليها. فقد كشف عن وجود جامعات في إدلب منذ أكثر من ثماني سنوات، وهي منطقة شمال غرب سوريا التي كانت تحت سيطرة الثوار منذ عام 2011.

هذا التوضيح يعكس محاولة لتعزيز صورة إيجابية حول الواقع التعليمي في مناطق المعارضة، مع التأكيد على أن نسبة النساء في الجامعات تتجاوز 60%.

وهو تصريح يهدف إلى محاربة الصورة النمطية عن المناطق التي يسيطر عليها الثوار، حيث تسعى الجهات التي تدير هذه المناطق إلى إثبات أنها قادرة على إدارة المؤسسات التعليمية كما هو الحال في أي منطقة أخرى تحت سيطرة الدولة.

وعندما سُئل الجولاني عن موضوعات حساسة مثل السماح باستهلاك الكحول، أشار إلى أنه لا يستطيع الخوض في هذه القضايا لأن هناك مسائل قانونية تندرج تحت مسؤولية لجنة مختصة من الخبراء القانونيين التي ستتولى كتابة دستور سوريا المستقبل. وفقًا له، فإن أي حاكم أو رئيس قادم سيكون ملزمًا بتطبيق القوانين التي ستضعها هذه اللجنة.

إذن ما الذي يحاول الجولاني قوله من خلال هذه التصريحات؟ هل هو تبرير للوجود العسكري لجبهة النصرة في الأراضي السورية أم هو سعي حقيقي لبناء صورة جديدة لسوريا المستقبل؟ لا يمكن الجزم بالجواب، لكن الواضح أن تصريحات الجولاني تحمل رسائل قوية حول تغير موازين القوى على الأرض في سوريا، وتحمل تحذيرًا للمجتمع الدولي بضرورة تغيير سياساته تجاه هذا البلد الممزق.

إذا كانت هذه الدعوات للرفع الكامل للعقوبات شديدة اللهجة، فإن هناك أسئلة تبقى مفتوحة حول ما سيحدث في المستقبل. هل سيتم السماح لسوريا بإعادة بناء نفسها في بيئة أقل ضغطًا دوليًا؟ وهل ستكون هناك فرصة حقيقية للسلام بعد هذه السنوات الطويلة من المعاناة؟

ما هو مؤكد أن الأزمة السورية لا تزال في قلب الصراع الدولي، وأن أي محاولة لفهم مجريات الوضع على الأرض يجب أن تأخذ بعين الاعتبار تعقيدات هذه الحرب الأهلية المستمرة التي خلفت وراءها دمارًا هائلًا.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى