بين لبنان وليبيا..هكذا تفرّقت قيادات نظام المخلوع بشار الأسد
بعد سقوط نظام الطاغية بشار الأسد بقي مصير قادة مؤسسات دولته الأمنية المرعبة غامضاً، ودارت تكهنات بمغادرتهم لسوريا، فيما تداولت أخبار أخرى حول عودة بعضهم إلى بلداتهم ومسقط رأسهم. وفي الساعات والأيام القليلة التي تلت السقوط المدوي لنظام الأسد، عبر الآلاف من السوريين إلى لبنان، ووصل عددهم طبقاً للأرقام التي صرحت بها أجهزة الأمن اللبنانية، إلى 8 آلاف شخص، عبر معبر المصنع الحدودي.
وبحسب مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمان، فإن هناك مسؤولين سوريين رفيعي المستوى، نجحوا بالفعل في دخول الأراضي اللبنانية، مستخدمين هويات مزورة. وعقب حالة الغموض التي سادت بشأن مصير بشار الأسد، أكدت موسكو أنه موجود على أراضيها، وتوجهت الأنظار إلى مصير باقي أركان نظامه.
وفي ذات السياق نقل تليفزيون سوريا عن مصارد خاصة أن العديد من القيادات الأمنية، مثل كفاح ملحم وحسام لوقا، وقيادات بارزة في الجيش، فضلوا الهروب إلى لبنان فور تأكدهم من انهيار جيش النظام، معتمدين على علاقاتهم مع بعض الجهات الأمنية اللبنانية وما تبقى من نفوذ حزب الله اللبناني.
ومن غير المستبعد أن تبقى شخصيات أمنية مؤثرة في الأراضي اللبنانية، خاصة في ظل وجود توجه روسي لزيادة نفوذها عبر تأسيس شركات أمنية. وبالتالي، من المحتمل أن تلعب هذه الشخصيات أدواراً لصالح روسيا، وتحافظ في الوقت ذاته على وجودها بالقرب من سوريا.
وفرّ العشرات من الضباط التابعين للحرس الجمهوري والفرقة الرابعة والفرقة 25، بمن فيهم قائد الفرقة سهيل الحسن، إلى قاعدة بنينا شرقي ليبيا، الخاضعة لسيطرة قوات خليفة حفتر. يتمركز في القاعدة طائرات روسية وقوة من الفيلق الإفريقي التابع لوزارة الدفاع الروسية، حيث وصلوا على متن طائرة روسية أقلعت من قاعدة حميميم بريف اللاذقية.
القاعدة كانت على مدار السنوات الماضية معسكراً تدريبياً لقوات من الفرقة 25، ومنطلقاً لهم باتجاه إفريقيا وأوكرانيا لدعم القوات الروسية في مهماتها. وترجح المصادر أن تستمر روسيا في الاعتماد على هؤلاء الضباط في مهمات داخل ليبيا أو إفريقيا، خاصة وأن قوات حفتر تحتاج إلى مزيد من التدريب والتنظيم، كما أن موسكو بحاجة إلى العنصر البشري لاستكمال بناء الفيلق الإفريقي الذي حل مكان شركة فاغنر بعد مقتل زعيمها.
وحتى قبل سقوط نظام الأسد، تولى مستشاره للشؤون الأمنية علي مملوك مهمة التنسيق بين جيش النظام السوري وقوات حفتر، بتكليف مباشر من روسيا. هذا التنسيق منح مملوك امتيازات إضافية أدت في بعض الأحيان إلى توتر علاقته مع الأسد. استقر مملوك لفترة من الزمن في ليبيا منتصف العام الجاري، قبل أن يعود إلى سوريا مجدداً. وعلى الأرجح، فإن مملوك موجود حالياً في بغداد، وسيتنقل بينها وبين بنغازي.
المجرم ماهر الأسد
يعتبر ماهر الأسد، شقيق الرئيس المخلوع بشار الأسد المجرم الأول في نظامه القمعي، وقد وصل إلى روسيا بحسب ما نشر المرصد السوري. ويواجه ماهر الأسد تهماً تتعلق بالأوامر التي أصدرها بصفته قائداً لفرقة الرابعة المدرعة، التي ذاع صيتها خلال الحرب الأهلية السورية.
وتشمل تلك التهم التعذيب والقتل خارج إطار القانون، والابتزاز، وتصنيع المخدرات والاتجار بها على نطاق واسع. كما يواجه ماهر الأسد سلسلة عقوبات أميركية وأوروبية، صحبة عدد من كبار الضباط السوريين، بسبب تهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب، عقب الهجمات الكيميائية ضد المناطق المدنية عام 2013. وتضم قائمة المطلوبين المستشار الأمني والعسكري للأسد، اللواء علي مملوك. وهو مطلوب في كل من لبنان وفرنسا. إذ يتهم مملوك بالوقوف وراء التفجيرات التي شهدتها مدينة طرابلس شمال لبنان.
قيادات الصف الثاني
بعد سقوط النظام وسيكرى المعارضة على كامل سوريا وصل أكثر من 1500 ضابط ومجند من قوات النظام إلى الأنبار العراقية، على رأسهم ماهر الأسد، القائد الفعلي للفرقة الرابعة المرتبطة بإيران. استقر هناك إلى منتصف الشهر ذاته قبل أن يغادر إلى موسكو، بموجب تنسيق بين الحكومة العراقية التي تحاول عدم استفزاز القيادة الجديدة من خلال استضافة شقيق الأسد.
ولا يزال المئات من ضباط الفرقة الرابعة والاستخبارات، وبالأخص المنتسبون للمخابرات العسكرية، موجودين في العراق، حيث يقيمون في مخيم مؤقت إلى حين إيجاد مخرج لهم، سواء عبر تسوية أوضاعهم في سوريا، أو انتقالهم إلى وجهة جديدة، مثل ليبيا أو دول إفريقية أخرى كما يتم التخطيط لذلك.
من جهة أخرى، فضل الآلاف من منتسبي الأجهزة الأمنية والجيش من الرتب الصغيرة والمتوسطة البقاء في سوريا، سواء في مناطق الساحل، أو في بعض مناطق العاصمة دمشق، مع التزامهم بالبقاء في منازلهم بعد حصولهم على تطمينات روسية بالتواصل مع الجهات الدولية الفاعلة في سوريا لضمان عدم حدوث أعمال انتقامية بحقهم.